عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-05-2011, 12:14 PM   #85
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(80)
وواضح أن هذا اللون من التنافر نوع من الإخلال بوحدة القصيدة أكثر منه عيبًا من عيوب الصورة الشعرية. ولكن لما كانت القصيدة –في ضوء مفهوم الوحدة – بمثابة صورة كلية للرؤية الشعرية بأبعادها المختلفة ، وكانت الصور الجزئية بمثابة العناصر لهذه الصورة الكلية أمكن النظر إلى تنافر الصور على أنه عيب من عيوب الصروة الشعرية .
الخضوع لإغراء الصورة ومخاطره:
إن وظيفة الصورة الشعرية هي أن تكون أداة من الأدوات الفنية التي يجسد بها الشاعر رؤيته الشعرية الخاصة ، ويحدد بها أبعادها وتخومها ،فهي إذًا لبنة من لبنات بناء أكبر هو القصيدة ، لابد من أن تتسق مع بقية اللبنات ، وتساهم معها في تنمية المسار الشعور والنفسي والفكري في القصيدة لتصل به إلى مداه ، وقيمة الصوةر الشعرية تقاس فنيًا بمدى أدائها لهذا الدور ، وليس بمدى جمالها أو غرابتها ، وذلك لأن "الصور في القصائد –كما يقول أرشيبالد ماكليش- لا تهدف إلى أن تكون "جميلة" ، بل إن عملها أن تكون صورًا في قصائد وأن تؤدي ما تؤديه الصور في القصائد "(75) وأنه كلما كانت صورها" أجمل"(76) وقدمت هي صورًا" أجمل" وزدات عدد حبا ت اللؤلؤ المنظوم بها كانت القصائد ذاتها أفضل " . وإذا كان ماكليش يتجه بها التحذير إلى القارئ فإنه يصدق أيضًا على الشاعر ، بل ربما كان الأحرى به أن يوجه إلى الشاعر أساسًا ، فليس هناك ما هو أخطر على الصورة الشعرية وعلى القصيدة كلتيهما من أن يهتم الشاعر بالصورة الشعرية في ذاتها ، وينساق وراء إغراء جمالياتها الخاصة أو غرابتها على حساب النسيج العام للقصيدة الذي لا تمثل الصورة المفردة أكثر من خيط من خيوطه ، لابد له أن يتلاحم ويتسق مع بقية الخيوط ليسهم في نمو النسيج العام وتكامله.
___________________
(75) أرشيبالد ماكليش : الشعر والتجربة .ترجمة سلمى الخضراء .ص 67.
(76):السابق والصفحة ذاتها .
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس