عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 11-06-2008, 02:25 AM   #2
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

فكتابي إليك يا زينةَ الدنيا _ لخمسٍ خلونَ من شعبانِ

قال أبو العباس: آخر من مات بالكوفة من الصحابة من الأنصار عبد الله بن أبي أوفى وبالبصرة أنس بن مالك، وبالشام أبو أمامة الباهلي، وبالمدينة سهل بن سعد، وبمكة عبد الله بن عمر رضي الله عنهم، وممن ذكر سنه في شعره وأرّخه زهير بن خباب الكلبي في قوله:

ونادمتُ الملوكَ مِن آل عمرو _ وبعدُهُم بني ماء السَّماء

وحقّ لمن آتتْ مائتان عاماً _ عليه أن يمل مِن الشواء

قال الصولي: وكنّا يوماً عند المغيرة بن محمد المهلبي، فقال له رجل: كم كان سن يزيد بن المهلب يومئذ، فجعل جوابه إنشاداً بمبلغه فقال: أنشد التّوجي لحمزة بن بيض الحنفي فيه يرثيه:

أغلق دونَ السّماح والنَجدة _ والمجدُ باب خروجُه أشِبُ

يانَ ثلاثٍ وأربعين مضَتْ _ لا صريحَ واهن ولا ثلبُ

لا بطر إن تتابعتْ نِعَم _ وصابر في البلاء محتسبُ

برزت سبق الجواد في مهل _ وقصرَتْ دون سبقك العربُ

أ- الشهر: إما طبيعي، وإما اصطلاحي، فالشهر الطبيعي هو مدة مسير القمر من حين يفارق الشمس إلى حين يفارقها مرة أخرى وقال آخرون: هو عود شكل القمر في جهة بعينها إلى شكله الأول،وأما الشهر الاصطلاحي، فهو مدة قطع الشمس مقدار برج من بروج الفلك، وذلك ثلاثون يوماً،وثلث عشر يوم بالتقريب، وهذا مذهب الروم، والسريان، والفرس، والقبط، .

الأشهر العربية الأشهر العربية قسمان: قسم غير مستعمل، وهو الذي وضعته العرب العاربة، وقسم مستعمل، وهو الذي وضعته العرب المستعربة، وكلا القسمين موضوع على الأشهر القمرية، فأما القسم غير المستعمل، فهو أسماء كانت العرب العاربة اصطلحوا عليها، وهي: مؤتمر،ناجر، خوان، صوان ويقال فيه: بصان، رنى، أيدة، الأصم، عادل، ناطل، واغل، ورنة،برك .وفي هذه الأسماء خلاف عند أهل اللغة، والذي ذكرناه منها هو المشهور، ويدل عليه قول الشاعر:

بمؤتمر وناجر ابتدأنا

_ وبالخوان يتبعه البصان

ورنى ثم يده تليه _ تعود أصم صم به السنان

وعادله وناطله جميعاً _ وواغله فهم غرر حسان

وورنة بعدها برك فتمت _ شهور الحول يعقدها البنان

وأما القسم المستعمل، فهو هذه الأسماء المشهورة:المحرم، صفر، الربيعان، الجماديان، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذوالحجة،قيل: وإنما وضعوا هذه الأسماء على هذه الشهور لاتفاق حالات وقعت في كل شه،فسمّي الشهر بها عند ابتداء الوضع فسمّوا المحرم محرماً: لأنهم أغاروا فيه فلم ينجحوا، فحرّموا القتال فيه، فسمّوه محرّما،وسمّوا صفراً: لصفر بيوتهم فيه منهم عند خروجهم إلى الغارات، وقيل: لأنهم كانوا يغيرون على الصفرية، وهي بلاد، وشهرا ربيع: لأنهم كانوايخصبون فيهما بما أصابوا في صفر، الربيع الخصب، وجماديان: من جمد الماء لأن الوقت الذي سميا فيه بهذه التسمية كان الماء جامداً فيه لبرده، ورجب: لتعظيمهم له، والترجيب التعظيم، وقيل: لأنه وسط السنة فهو مشتق من الرواجب، وهي، أنامل الأصبع الوسطى، وقيل: إن العود رجب النبات فيه أي أخرجه، فسمّي بذلك، وكذلك تشعب العود في الشهر الذي يليه فسمّي شعبان، وقيل: سمّي بذلك لتشعبهم فيه للغارات،وسمّي رمضان، أي شهر الحر، مشتق من الرمضاء، وشوال، من شالت الإبل أذنابها إذا حالت، أو من شال يشول إذا ارتفع، وذو القعدة: لقعودهم فيه عن القتال إذ هو من الأشهرالحرم، وذو الحجة، لأن الحج اتفق فيه فسمّي به،ويقال أن من سمّاها بهذه الأسماء، كلاب بم مرة،ومن مجموع هذه الأشهر أربعة حرم، ثلاثة سرد، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرّم،وواحد فرد، وهو رجب، هذا ما رواه الأصمعي عن العرب في ترتيب الأشهر الحرم، واختار غيره أن الواحد الفرد هو المحرّم، والسرد رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، لتكون الأربعة أشهر في سنة واحدة،وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما،ومنها أربعة أشهر لا تكاد العرب تنطق بها إلا مضافة، وهي: شهرا ربيع، وشهر رجب،وشهر رمضان .

الشهور السريانية : أول سنة السريان تشرين الأول، ودخوله رابع بابه، ويوافق أكتوبر من شهور الروم، وهوأحد وثلاثون يوما، ثم تشرين الثاني، ودخوله في الخامس من هتور، ويوافقه نومبر من شهور الروم، وهو ثلاثون يوما، ثم كانون الأول، ودخوله في الخامس من كيهك، ويوافقه دجبنر من شهور الروم، وهو أحد وثلاثون يوما، ثم كانون الثاني، ودخوله في السادس من طوبه، ويوافقه يناير من شهور الروم، وهو أول سنتهم، وعدد أيامه أحد وثلاثون يوما، ثم شباط، ودخوله في السابع من أمشير ويوافقه فبراير من شهور الروم، وهو ثمانية وعشرون يوماً وربع يوم، ثم آذار، ودخوله في الخامس من برمهات، ويوافقه مارس من شهور الروم، وهو أحد وثلاثون يوما، ثم نيسان ودخوله في السادس من برمودة، ويوافقه أبريل من شهور الروم، وهو ثلاثون يوما، ثم أيار، ودخوله في السادس من بشنش، ويوافقه مايه من شهور الروم، وهو أحد وثلاثون يوما، ثم حزيران، ودخوله في السابع من بؤونة، ويوافقه يونيه من شهور الروم، وهو ثلاثون يوما، ثم تموز، ودخوله في السابع من أبيب، ويوافقه يوليه من شهور الروم، وهو أحد وثلاثون يوما، ثم آب، ودخوله في الثامن من مسرى، ويوافقه أغشت من شهور الروم، وهوأحد وثلاثون يوما، ثم أيلول، ودخوله في الرابع من توت، ويوافقه سبتنبر من شهور الروم، وهوثلاثون يوما،ونظم بعض الشعراء أرجوزة في مداخلة الشهور، فقال:

وإن حفظت أشهر السريان

_ وكنت من ذاك على بيان

ورمت منها عمل المنازل
فإنها معلومة التداخل (10)

ب- السنَة :أما الفرق بين السنة والعام، فإنهم يقولون سنة جدب و عام خصب، قال الله تعالى (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات (11) وقال تعالى: (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون)(12)والصحيح أنهما اسمان موضوعان على مسمى واحد، قال الله تعالى: فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما،والسنة طبيعية، واصطلاحية،فالطبيعية قمرية، وأولها استهلال القمر في غرة المحرم، وانسلاخها بسراره في ذي الحجة،وهي اثنا عشر شهرا، وعدد أيامها ثلثمائة يوم وأربعة وخمسون يوما وخمس وسدس يوم تقريباً، ويتم من هذا الخمس والسدس في ثلاث سنين يوم، فتصير السنة في الثالثة ثلثمائة وخمسة وخمسين يوماً، ويبق شيء يتم منه ،ومن خمس اليوم وسدسه المستأنف في السنة يوم واحد إلى أن يبقى الكسر أصلا بأحد عشر يوما عند تمام ثلاثين سنة، وتسمّى تلك السنة كبائس العرب،وأما السنة الاصطلاحية فإنها شمسية، وعدد أيامها عند سائر الأمم ثلثمائة يوم وخمسة وستون يوما وربع يوم، فتكون زيادتها على السنة العربية عشرة أيام ونصف يوم وربع يوم وثمن يوم وخمساً من خمس يوم،ويقال: إنهم كانوا في صدر الإسلام يسقطون عند رأس كل اثنتين وثلاثين سنة عربية سنةً،ويسمّّونها الازدلاف، لأن كل ثلاث وثلاثين سنة قمرية اثنتان وثلاثون سنة شمسية تقريباً،وذلك تحرزهم من الوقوع في النسيء، في عصرنا هذا بين كتاب التصرف التحويل، لأنا نحول السنة الخراجية إلى الهلالية، ولا يكون ذلك إلا بأمر السلطان،وسنة العالم - على ما اتفق عليه المنجمون - هي من حين حلول الشمس رأس الحمل،وهو الاعتدال الربيعي، ومنهم من يجعل أولها من حين حلول الشمس رأس الميزان، وهو الاعتدال الخريفي، وابتداء سنة القبط قطع الشمس اثنتي عشرة درجة من السنبلة، وابتدؤا بفعل ذلك في زمن اغسطس، وهو قيصر الأول ،وأما السريانيون، فأول سنتهم عند قطع الشمس من الميزان ست عشرة درجة.

النسيء :يقال: إن عمرو بن لحي و اسمه عمرو بن عامر الخزاعي - هو أول من نسأ الشهور، وبحر البحيرة، وسيب السائبة، وجعل الوصيلة، والحامي، وهو أول من دعا الناس إلى عبادة هبل، قدم به معه من هيت،ومعنى النسيء أنهم ينسئون المحرم إلى صفر، ورجب إلى شعبان،وكان جملة ما يعتقدونه من الدين تعظيم الأشهر الحرم الأربعة، وكانوا يتحرجون فيها من القتال، وكان قبائل منهم يستبيحونها فإذا قاتلوا في شهر حرام، حرّموا مكانه شهراً من أشهر الحل، ويقولون نسيء الشهر،وحكى ابن إسحاق صاحب السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام أن أول من نسأ الشهور على العرب، وأحلّ منها ما أحل ، وحرّم ما حرّم القلمس، وهو حذيفة بن فقيم بن عامر بن الحرث بن مالك بن كنانة بن خزيمة،ثم قام بعده ولده عباد، ثم قام بعد عباد ابنه قلع، ثم قام بعد قلع ابنه أمية، ثم قام بعد أمية ابنه عوف، ثم قام بعد عوف ابنه أبو ثمامة جناده، وعليه ظهر الإسلام،فكانت العرب إذا فرغت من حجها، اجتمعت عليه بمنى، فقام فيها على جمل، وقال بأعلى صوته: اللهم إني لا أخاف ولا أعاف، ولا مرد لما قضيت! اللهم إني أحللت شهركذا ويذكر شهراً من الأشهر الحرم، وقع اتفاقهم على شن الغارات فيه وأنسأته إلى العام القابل أي أخرت تحريمه وحرّمت مكانه شهر كذا من الأشهر البواقي!وكانوا يحلون ما أحلّ، ويحرّمون ما حرّم،وفي ذلك يقول عمرو بن قيس بن جذل الطعان، من أبيات يفتخر:

ألسنا الناسئين على معد _ شهور الحلّ، نجعلها حراما؟

وحكى السهيلي في كتابه المترجم بالروض الأنف: أن نسيء العرب كان على ضربين: أحدهما تأخير المحرّم إلى صفر لحاجاتهم إلى شن الغارات وطلب الثأر، والثاني تأخير الحج عن وقته تحرياً منهم للسنة الشمسية، فكانوا يؤخرونه في كل عام أحد عشر يوما حتى يدور الدور في ثلاث وثلاثين سنة فيعود إلى وقته، فلما كانت السنة التاسعة من الهجرة حج ّبالناس أبو بكر الصديق رضي الله عنه فوافق حجه في ذي القعدة، ثم حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام القابل فوافق عود الحجّ إلى وقته في ذي الحجّة كما وضع أولاً، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجّه، خطب فكان مما قال في خطبته صلى الله عليه وسلم: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، يعني أن الحجّ قد عاد في ذي الحجّة،السنة التي يضرب بها المثل(13)

البروج وأسماؤها: الحمل، والثور، والجوزاء، والسّرطان، والأسد،والسّنبلة، والميزان، والعقْرب، والقَوس، والجدي، والدلو، والحوت.

منازل القمر: ثمانية وعشرون منزلاً، ينزل القمر كل ليلة بمنزل منها، قال تعالى: (والقَمَر َقَدَّرْناهُ مَنَازلَ حتَّى عادَ كالعُرْجُونِ القديم(14)والعرب تزعم أن الأنواء لها، وتسميها نجوم الأخذ، لأن القمر يأخذ كل ليلة في منزل منها.

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس