عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 15-06-2010, 08:01 PM   #2
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

والحقيقـة أنَّ غالـب شعوب الخليج لم تـعِ حتى الآن معنى المواطنة الحقيـقي أصلا ، ولا يهمُّهــا ، ولاتـريد أن تعيـَه ، بل ربمـا تحاربـه ، لو عرفت حقيقتـه ، فهـي لاتزال تنظـر إلى الدولة الحديثـة بمفهوم ( شيخ القبيلة ) ، وتخاف من التحـوُّل عن هذه الثقافة القديمـة ، كما يخاف العجائز تغييـر ما إعتادوه !

أما فهـم معنى الإنتماء الإسلامي للأمـّة وأنه يعني المساواة الكاملة في الحقـوق والواجبـات في هذا الإنتماء ، فكـم هــو بعيـد عن تصوراتهم .

وهم بذلك لا استفادوا من النظام السياسي في الشريعة الإسلامية ( ألا لا فضـل لعربي على عجمي ، ولا لأحمـر على أسود إلاّ بالتقوى ) ، ولا من المواطنـة بمعناها السياسي الحديث الذي يجعل الجميع متساوين في الإنتماء الوطني ، وأن السلطة آلة بأيدي المواطنـين لتنظيم حصولهم على حقوقهم بالتسـاوي !

وهذا من أعظـم أسباب بقائهم في هذه الثقافة الجديدة ( ثقافة الدجاج الأبيض ) !

وللأسف أن هذا التخـلُّف السياسي لايزال يجري في زمـن ينـدفع بسرعة مدهشـة نحـو التطور في كلِّ شيء ، في مشهـد يشبه من يملك محـل طباعة بالحجر وسـط أحـدث سوق لتكنلوجيا الطباعـة !

رابعا : أنَّ المنطقـة هنا صحروايـة لم تشهد قيام الحضارات التاريخية ، ولـم تعـتد على الصيغ السياسية التي تولدت من هذه الحضارات _ إنطـلاق الإسلام من المدينـة ولكن استقـرت حضاراته الكبرى فـي الشام ، والعراق ، ومصر ، والأندلـس ، وغيرها _ وحتى الإستقلال الشكلي قـد نالته بغيـر ثورات شعبية تولـدت منها أنظمـة سياسيـة ،

بل أعاد المستعمر رسـم مستعمراته فحسب ، بحيث يضمن بقاء مصالحه ، فتشكـلت هذه الكيانات الضعيفة ،

ولم تكـد تبـدأ النخب الثقافية تفتـح عينيها على التطور السياسي المتسارع في العالم ، حـتّى وجدت نفسها أمـام مثـلث : الهيمنة الغربية ، والنظم العشائرية ، و الثقافة الطبقية في مجتمعات تعاني أمية سياسية مستحكمة .

ولهذا كلـُّه أصبح التطور السياسي في الخليج يسير سيـر السلحفـاة ، ومع ذلك هي تخطـو خطـوة ، وترجع خطوتـين .

والخلاصـة أن الإندماج بين دول الخليج للتحول إلى كتـلة أقليمية كبيرة ، لتستثـمر ما تمـتاز بـه عن كـلِّ العالم من موقع وخيـرات ، في مشروع إذا انطـلق فإنـّه يطمس نار المشروع الإيراني في لمـح البصـر ، ويحـوِّل المشروع التركي الصاعـد إلى تابع لـه _ ليس ثمة أي مشروع في المنطقة الآن سواهما _ ثـم يقود العالم الإسلامي إلى التفـوُّق الحضاري .

هذا الإندمـاج يحتاج إلى ثورة شاملة تبدأ من تثقيف الشعوب سياسيا بدورهـا ، وحقوقها ، وبعقـم صيغ النظـم السياسية الحالية في الخليج عن درء المخاطر عن شعوبـها ، فضـلا عن اللّحاق بالتطور.

مرورا بالتخلّـص من كـلِّ وجود أجنبي ، وتأثـير خارجي .

وتنتهي بإحـلال النظام السياسي الإسلامي المبنيِّ على بيعة الإختيار الحـرِّ لمن يحـقق تحت إشراف الأمـّة أهـدافها وعلى رأسها تحكيم شريعتها ، واسترداد كرامتها ، وتحقيق وحـدة الأمـّة .

ومن غير هذا المشروع سوف يكون الإندمـاج مجـرد إعـادة إنتشـار للتخلف ، و الإستبداد !

ومن غيـر هذا المشـروع ستبقى المنطقة في حالتهـا الراهنـة التي يرثى لها ، نهبا للطامعـين ، وقبـلة للمخرّبـين ، وموطـناً للمفسدين .

و مع هذا الوصف للواقع المـرّ ، غيـر أنني متفائل جـداً بأنَّ التغييـر قريـب ، وسيكون ثمـرة كلّ جهـود التغيـيـر المخلصة ، والصادقة التي لاتنشد سوى عـزّ أمـة الإسلام ، وحمايـتها من أعدائها .

والله المستعان وهو حسبنا ، نعـم المولى ، ونعـم النصيــر.
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 15/06/2010
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس