عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 09-12-2007, 06:28 PM   #1
عنترنيت
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
الإقامة: السعودية
المشاركات: 866
إرسال رسالة عبر MSN إلى عنترنيت إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى عنترنيت
إفتراضي رحمك الله يا ابي وأسكنك فسيح جنانه

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد لا يهتم القاري والزائر الكريم بهذا الموضوع كثيراً سوى بعض الشيبان
من مواليد الحرب العالمية الثانية ( من فصيلة الديناصورات)
ومن بعض الشباب من الجنسين المهتمين فقط بالتاريخ المعاصر الحديث

كان الآباء في ذلك العصر يختارون لأبنائهم التخصصات العملية منذ نعومة
أظافر رجولنا فقد رأي فيني الوالد رحمة الله بنظره الثاقبة الفاحصة أن أكون المسؤول الأول عن إحضار
خبز التميس ( خبز شعبي ) والأخ الأكبر ناله الحظ في ألتعين بأن يكون المسؤول عن الزبالة ( أكرمكم الله)
ليرمي بها كل ليلة بجوار حاوية الزبالة وليس فيها
والأخ الذي يليه المسؤول عن شراء البرسيم ( الجت ) لغنيمات كان جميع أهل الحي
يهتمون بتربيتها وصنع ( صندقة خاصة لها بجوار المنزل)
بمعنى أخر كان الجيران مجموعة من العنزات والنعاج
وبما أن لغة التفاهم بين الآباء والأبناء في ذلك الزمن تتسم بالمفاهمه
وتبادل وجهات النظر بكل حرية وشفافية ذهبت إلى والدي وبكل أدب
طلبت مقابلته عبر مدير مكتبة ( والدتي ) فوافق على الفور وحينما مثلت
بين يديه أخبرته بعدم رغبتي في التخصص الذي اختاره لي بل كنت أتمنى
أن أتعلم التزلج على الجليد ( ساكن في جدة درجة الحرارة 50 وثلج حلوها عاد )
فبعد أن أصغى إلي جيداً جاء ردة عبر فنجان القهوة
الذي كان يرتشف ليحط الفنجان على جبهتي محدثاً انتفاخ قطرة 3 مليمتر
وكأنة كرة تنس طاولة فبعد هذا الإقناع المنطقي رضيت أن أكون جالب التميس
كل ليلة وبما إننا ننتمي إلى الطبقة المخملية فقد كان عشائنا كل ليلة تقريباً تميس وشاهي
وإذا أراد الوالد أن يفاجئنا احضر لنا فول بالسمن البلدي
وإذا كان يومها في أعلى مراحل الفرح بخبر أفرحة أو عمل قام بة واستحق علية جائزة
وببادرة كريمة منة لا تحدث إلا كل سنة يفاجئنا بشراء مطبق خمسة حلو وخمسة مالح( المطبق أكلة شعبية سعودية )
ليغمى على أكثرنا من الفرحة ويصبح عشائنا تلك الليلة أحاديث مجالس أهل الحارة والمهتمين بالنميمة

ورحلتي للفران رحلة شيقة وممتعة وخاصة أن الشوارع في الحواري والأزقة كانت
غير ممهدة وغير مضاءة فكنت اعبر هذه الشوارع مشياً على الكراعين وما أن أصل
حتى اسخن ببعض المضاربات الخفيفة والمناوشات مع أقراني أبناء العوائل المخملية
ومن علامات أبناء هذه الطبقة فقد كان انف الواحد فينا سيال 24 على 24 ساعة
حتى أن تحت انف الواحد منا تجد علامات للمجرى خطت تحت أنفة ليرسم لنا لوحة
إبداعية جمالية تنافس تلك المناظر الطبيعية التي تتحدث عن الوديان والسهول
وحينما يحين دوري أحمل خمس حبات تميس مثبتاً إياها فوق راسي بكل حرفنه واقتدار
ومن حين إلى آخر استقطع من أعلاها بعض القطع حتى أن أصل ليبقى معالم حبة تميس
وقد شوهتها بذلك التصرف الأرعن ليكافئني الوالد بكم بصــقه في وسط الوجهة
مع كف وفي قول أخر مخمس وقولاً أخر قلم تأديبي يترك أثارة لمدة 21 ساعة فق على خدك

ذهبت تلك السنين العجاف إلى غير رجعة وحلت مكانها الطفرة واستفاد من استفاد
وحُرم منها من لم يكتب الله له الغناء حتى إعداد هذا الموضوع
والحمد لله رب العالمين افتخر بين أبنائي الآن بتلك التربية وذاك الزمن الذي كان عشائنا
خبز مع الشاهي والغداء ( رز أبو كشنه ) علامة مميزة لأغلب بيوت أهل الحي الشعبي
والحمد لله كبرنا وحققنا ماكنا نصبوا إليه وعوضنا تلك الأيام في أبنائنا فلا نريد لهم
أن يذوقوا ما ذقناه من حرمان وفقر وقلة ذات اليد

أبنائي الآن إذا دخلت عليهم بالتميس تسمع التذمر والاحتجاج والاستنكار علماً
إنني على مدى الأسبوع أحاول أن أشكل لهم كل ليلة عشاء مختلف فمن الهامبرقر
إلى كنتاكي إلى كودوا مروراً بالفروج المشوي الى البروست
وهذه الأكلات غير صحية في معظمها فأحن من وقت إلى آخر إلى التميس
مع قليل من الفول لتذكرني بالأيام الخوالي ولكن أبنائي يقفون أمام تلك الذكريات
الجميلة متحلين بالديمقراطية التي أكاد اجزم أن والدي لو كان على قيد الحياة
لعرف كيف يقنعهم مثل ما كان يفعل معي بالحوار الهادف البناء الذي كان يدور بيني وبينة
رحمك الله يا أبي وأسكنك فسيح جناته

عنترنيت
__________________
antrnet2009@hotmail.com
عنترنيت غير متصل   الرد مع إقتباس