عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-05-2010, 07:53 AM   #5
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(2)
تكشف المفارقة في ديوان "وكما يموت الناس مات" (1995م) للشاعر عبد المنعم عواد يوسف عن شاعر رومانسي، يفر الحلم منه كلما أوشك أن يتحقق. في المقطع الثاني من قصيدة "صور" يرينا الشاعر شخصية "بشر الحافي" (وهي شخصية متصوفة استدعاها صلاح عبد الصبور من قبل) رمزاً للتحقق الإنساني، والطمأنينة المستقرة، والنور الذي لا يخبو. إن الشاعر ـ في هذا النص القصير المكتنز ـ لا يتعامل مع شخصية بشرية حقيقية، وإنما يُطلعنا على رمز كلما أوشك أن يُمسكه طار وابتعد عنه:
لمْ أكُ يوماً أحلمُ أني سأراهْ
ها هو يقْبعُ في زاويةٍ منْ ميْدان التحريرْ
أقبلتُ عليْهِ بكلِّ خشوعِ اللحظهْ
حين رآني أقبلُ نحْوَهْ،
هبّ سريعاً
وتأبَّط خفَّيْهِ،
وألقى ساقيْهِ للريحْ!
يا بشْرُ الحافي،
أخبرني باللهِ ـ متى ستقر؟
متى ستقر؟
إنه لم يلتق "بشر الحافي"، وإنما التقى رمزاً واعداً. ربما كان شاعراً ربانيا نادراً من شعراء عصرنا الذين يندر أن نجدهم في المدينة المعاصرة. وقد اختار "ميدان التحرير" ربما لواقعيته، حيث يمتلئ بالسعة والصخب، وكثرة الناس والسيارات، وتشع المصالح فيه، في الوقت الذي يشي فيه التعبير "ميدان التحرير" بأنه الميدان أو المكان أو الأفق الذي يتحرر فيه الناس من كل ما يكبلهم: كالمصالح الذاتية، والاغتراب، والغضب!
ورغم قصر النص فإنه نص ثري، يكشف فيما يكشف عن غربة الإنسان وحيرته وعدم استقراره في عالمنا المعاصر، وفي المدينة بوجهٍ خاص، وعدم قدرة الشاعر ـ التي هي قدرة الإنسان المعاصر ـ على تحقيق ما يريده من أحلام ورؤى إنسانية يسيرة، تتمثل في التواصل الإنساني، الذي يكشفه تكرار جملة يسيرة من لفظتين، تعتمد على الاستفهام الحائر "متى ستقر؟".
ويبدو أن هذا الاستقرار بعيد المنال عن مدينتنا المعاصرة، التي نعيش فيها غرباء!
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس