عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-09-2008, 04:06 PM   #21
ياسمين
مشرفة Non-Arabic Forum واستراحة الخيمة
 
الصورة الرمزية لـ ياسمين
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2008
الإقامة: المغرب
المشاركات: 2,102
إفتراضي

ثانيا = الشكل

وكان في أول الأمر وحسب النصوص التي وقفنا عليها يقوم على كلام يحاول أن ينتظم، لكن في غير ضبط محكم لوحدة الوزن فيه والقافية، على نحو ما تبين أبيات مولاي الشاد السابقة. وشيئا فشيئا بدأ يقترب من القصيدة العربية في مقوماتها الإيقاعية، وفق ما نجد عند معاصره عبد الله بن احساين، وهو كذلك من تافيلالت، إذ يقول:




نبدا باسم الله انظامي ياللي ابغى لوزان

لوزان خير لي أنايا من قول "كان حتى كان"

ربي الهمني نمدح جد لشراف يا لخوان

بالشعر السليس الفايز هو ايكون لي عوان

حتى انقول ما قالوا عشاق النبي افكل ازمان

وانكون افلقريض الملحون أنا المادحو حسان

مداح مادحو بلساني والشوق له من لكنان

والمادحو ابقلب اكنانو يرضاه ما عيا بلسان



وإذا كان هذا النموذج يبرز مدى انتقال الملحون من شكل " كان حتى كان " العفوي إلى شكل "لوزان" المنظم، فإن الاحتكاك بالنصوص الشعرية التي كانت ترافق " الآلة " من توشيح وزجل أتاح للملحون أن يطور أشكاله عبر عنصرين اثنين:



الأول:التقسيم المنظم للقصيدة، ويسير على هذا النحو الذي سأكتفي بالإشارة إلى مصطلحاته، إذ لا يتسع المجال لتوضيح سماته المنعكسة على تلوين الوزن والقافية، وتنويع الأداء كما سياتي بعد.



1 ـ مقدمة= السرابة، وسأعود إليها فيما بعد عند الحديث عن الأداء.

2 ـ الدخول.

3 ـ الحربة = (اللازمة).

4 ـ القسم( قد يقدم له بالعروبي أو الناعورة أو السويرحة أو الكرسي).

5 ـ بعد الأقسام تختم القصيدة بآخر قسم أو بالدريدكة، وتنشد على إيقاع سريع.



الثاني:الأوزان، وتتسم بغنى عروضي لا مجال لحصره ولا يسمح الوقت بتفصيل القول فيه. وأقتصر فيه على ذكر أهم عناصره، وهي:



1 ـ المبيت وهو الشعر الذي يقوم على البيت، ومنه جاءت التسمية. إلا أن البيت فيه لا يسير على نسق واحد كما هو الشأن في القصيدة العربية، بل تنبثق منه أربعة أشكال:



أ ـ المثنى وفيه يتكون البيت من شطرين يطلق على الأول "الفراش" وعلى الثاني "الغطا". ويتم ضبط وزنه وفق "قياسات" لا حد لها، هي أشبه ما تكون ببحور الشعر العربي ، وأبسطها "قياس المشركي" الذي جاءت عليه قصيدة "الحجة" لعبد الله بن احساين الذي هو أول من قال فيه، وكان يعيش في أواخر القرن التاسع الهجري، وحربتها:





يالحضرا قولوا بالسر والجهار......... الصلا والسلام اعلى النبي المختار



ويعتبر هذا القياس أبسط أنواع المثنى ويطلق عليه لسهولته "لحويط لقصير". وهو أقرب إلى الرجز الذي وصف بأنه "حمار الشعراء".



ب ـ الثلاثي ويتكون من ثلاثة أشطار وبقياسات متعددة.

ج ـ المربوع أو الرباعي ويتكون من أربعة أشطار وبقياسات كثيرة.

د ـ خامس لشطار أو الخماسي، ويتكون من خمسة أشطار وبقياسات عدة.



2 ـ مكسور الجناح، وتتكون القصيدة فيه من أقسام، كل منها يخضع لهذا التقسيم:



أ ـ الدخول: شطر في استهلال القسم بدون عجز.

ب ـ مجموعة أشطار قصيرة تسمى "لمطيلعات" أو "لكراسا".

ج ـ بيت على وزن الحربة وقافيتها.

د ـ الحربة.

ويمكن التمثيل لهذا الشكل بقصيدة "المزيان" لمحمد بن علي.



3 ـ المشتب، وتتكون القصيدة فيه كذلك من أقسام، كل واحد منها يتشكل من بيت يفصل فيه بين أول أشطاره وبقيتها بعدد من الأشطار القصيرة تسمى كذلك "لمطيلعات". ومعروف أن الشتب هو الحشو الذي يملأ به الفرش أو نحوه، ومنه جاءت التسمية.

ويمكن التمثيل لهذا الشكل بقصيدة "التوبة" لمحمد بن سليمان.



4 ـ السوسي، وتتألف القصيدة فيه من أقسام يكون كل منها مكونا من الأجزاء الآتية:

أ ـ بيت من شطرين.

ب ـ مجموعة أشطار حرة في الوزن والقافية لا تخضع لغير تسلسل الإنشاد.

ج ـ بيتان أو ثلاثة أبيات موزونة ومقفاة .

د ـ الحربة على نفس وزن هذه الأبيات وقافيتها.

ويمكن التمثيل لهذا الشكل الذي يكثر في المحاورات بقصيدة " الزمنية والعصرية" لحسن اليعقوبي.



ثالثا = الأداء
وكان أول الأمر مجرد سرد"السرادة" في الزوايا والمساجد، ثم أخذ يعتمد على ضبط الإيقاع باليد أو ما يسمى "التوساد"، وبعد ذلك توسل بآلة " التعريجة" أو " لكوال" . إلا أنه بعد أن تأثر ب"الآلة" أصبح يستعمل أنغام نوباتها وموازينها، واتسع نطاق الآلات فيه. وسار في ذلك على نحو ما يقتضيه التنوع بين الأقسام وأجزائها. وأكتفي في توضيح هذا الأمر بالنقط الآتية:



الأولى:

بدء الإنشاد بإحدى هذه المقدمات:

1 ـ السرابة وهي قطعة قصيرة تؤدى على غير ما تؤدى به القصيدة . وأنواعها:

أ ـ المزلوك = رقيقة حادة.

ب ـ الكباحي= يصاحبها ضرب قوي متواصل بالكف (أغلب السرارب اليوم )

ج ـ الحضاري = مسترسلة وسريعة.

د ـ السماوي = وتعرف كذلك ب ( السرارب الحسناويين )تبدأ ببطء كالموال ثم تعلو وترتفع.

2 ـ الموال = إما معرب وإما ملحون

أ ـ نموذج المعرب :





ومن عجب أني أحن إليهم.......... وأسأل شوقا عنهم وهم معي

وتشتاقهم عيني وهم في سوادها.......... ويطلبهم قلبي وهم بين أضلعي

وهما لخليل الصفدي .

ب ـ نموذج الملحون:

تـانــحـبـك ونهواك..........وفي امسبتك ايـكـرهـوني

ما راحتي حتى نـلـقـاك.........واعليك يتحـلو اعيـونـي

3 ـ التمويلة، يقال إن لكل قصيدة تمويلتها، مثلا تمويلة "التوبة" لابن سليمان، وتنشد على ميزان عراق العجم:





أمالي يا مالي أسيدي يا سيدي

للا يا مولاتي للا

أمالي مصبرني

اغرايبي لاموني

وتجدر الإشارة إلى أن قصائد مكسور الجناح والسوسي ـ باستثناء الحراز ـ تستهل بمثل هذه العبارات (قال يانا سيدي) (وهو يا سيدي)، وتسمى: الدخول.



الثانية:

الشبه مع ما هو موجود في "الآلة" على هذا النحو:

1 ـ تقسيم الميزان، وفق هذا الشكل:
أ ـ التصديرة (افتتاح بطئ)

ب ـ القنطرة.

ج ـ الانصراف = إقفال الميزان بسرعة.

2 ـ التراتن (شغل) مثل = أنانا ـ طيري طان ـ يا لالان ـ . والقصد إغناء اللحن وإشباعه .

3 ـ الجواب وهو إعادة لبعض المقاطع اللحنية التي تنشد عليها أبيات الصنعة.

4 ـ البغيات والتواشي وهي معزوفات آلية يقدم بها، ومثلها "المشاليات"، وقد ضاع منها الكثير مثلما ضاعت السرابات .

5 ـ الموال وهو إنشاد منفرد لبيتين أو أكثر على لحن معين قد يعتمد الارتجال.

6 ـ التغطية والكرسي، وهو لحن يتصدر بعض الصنايع، أو هو إنشاد مع جواب بالعزف.



الثالثة:

الأداء حسب النوبات، ويكون على ميزان واحد أو أكثر، ويكفي التمثيل بما يلي:

1 ـ الأداء على ميزان واحد، ( أي لا تحتمل القصيدة إلا ميزانا واحدا في الغالب) مثلا:

أ ـ "قصيدة "خال وشاما" للمدغري فإنها لا تؤدى إلا على عراق العجم، وحربتها:





أللايم لاش تلوم رح سالم دعني كف لملام ما حجت امن اغرامي

بين خــال وشــامــا

ب ـ قصيدة"الكناوي" للمدغري كذلك، وحربتها:

معظم ذاك اليوم فاش صدو ناسي وامشاوا

تركوني نواح فالرسام ضميري كاوي

يحسن عون اللي امشاوا ناسو من بعد اكوا

ويقال أن بعض المنشدين حاول أداءها على رمل الماية، إلا أنه أفسدها.

ج ـ قصيدة "الهاجر" للعلمي، فإنها لا تؤدى إلا على الحجاز المشرقي، وحربتها:

آش اعملت أسلطان مهجتي حتى سلمت افخلطتي واضحيت من ساحتي اجفيل

راقب فيا وجه الله يا هاجر لوكر........ مسجونك سرحو اتفوز بــحســانو

د ـ قصيدة " التوبة " لابن سليمان، لا تنشد إلا على عراق العجم، وحربتها:




ياراسي لا تشقى..........التاعب لابد من لفراق

لا تامن فالدنيا.......... ابناسها غــــرارا

ه ـ قصيدة " خناثة" للحبابي، لا تنشد إلا على الصيكة والحجاز، وحربتها:




عشقي فخناثـــا........... ياترا فالعاهد والقول ثابتـــــا

من تاهت بجمالها حياتي...........راحت روحي الصايلا عل لبدر بنعوت

2 ـ الأداء على أكثر من ميزان: من أمثلته قصيدة "المزيان" للعلمي، وحربتها:

حن واشفق واعطف برضاك يالمزيان

لا اسماحا ميعاد الله يا لهاجر



فإنهم يبدؤونها على الاستهلال، ثم ينتقلون إلى رمل الماية فالحجاز فالصيكة.



وهذا ما يسمى عندهم ب(التفجاج) أي أن المنشد (ايفجج) أي يستعرض طبوعا مختلفة في القصيدة الواحدة، وهي عملية أطلقوا عليها (لبدال)، وذلك عندهم من براعة الأداء .



أما المنشد الذي لا يستطيع ذلك فإنه يقال عنه إنه يغني (اعلى جنب واحد)، وهذا دليل على قصر باعه.

وبعد، فهذه بعض ملامح التأثير الذي كان لفن "الآلة" على فن "الملحون" حاولت وفق ما يسمح به الوقت ويتسع له المجال إبراز أهم ملامحه. وهو في الحقيقة لا يمكن توضيحه هكذا نظريا وبدون تطبيق يتيح الاستماع إلى القصائد مؤداة. ولعل ذلك أن يتاح في فرصة أخرى إن شاء الله.

عباس الجراري.


__________________



" كان بودي أن آتيكم ,, ولكن شوارعكم حمراء ,,

وأنا لا أملك إلا ثوبي الأبيض ",,

* * *

دعــهــم يتــقــاولــون

فـلــن يـخــرج الـبحــر

عــن صمته!!!

ياسمين غير متصل   الرد مع إقتباس