(119)
أما الشخصية الثانية فهي شخصية الشاعر أبي تمام الذي تغنى بهذا الانتصار في قصيدته المشهورة في فتح عمورية.والشاعر يستحضر هذا الموقف التراثي بأبطاله الثلاثة ليقابل بينه وبين الموقف العربي المهزوم الضعيف ، وحالة الهوان والتقاعس التي أصيب بها العرب . وهو يستخدم الصور الثلاث للمفارقة في إبراز هذا التناقض الفادح بين الموقفين .
يستخدم أولاً في مطلع القصيدة الصورة الأولى مصرحًا بطرفي المفارقة : التراثي متمثلاً في المعتصم وهبته لنجدة المرأة العربية استجابة لصيحتها "وامعتصاه" ، والمعاصر ممثلاً في أصوات الاستصراخ المنبعثة من الأرض العربية المحتلة في فلسطين والجزائر-التي لم تكن قد استقلت بعد حين كتبت هذه القصيدة سنة 1961-هذه الأصوات التي لا تجاوبها سوى المؤتمرات والخطب والأحزان ، والشاعر يحتفظ لكل من الطرفين باستقلاله وتميزه عن الآخر فيقول في تصويره للطرف الأول :
الصوت الصارخ في عمورية
لم يذهب في البرية
سيف البغدادي الثائر
شق الصحراء إليه..لباه
حين دعت أخت عربية :
"وامعتصماه"