عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 27-01-2012, 09:47 PM   #2
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

النظام السياسي الإسلامي يسـنّ ، ويقيـم مؤسسات المجتمع المدني التي تمكِّن الشعب من التعبير عن رأيه ، والإحتجاج بحريـّة ضد الظلم ، ويعترف بحقّ الشعب بوسائل التغيير السلمية ، كالمظاهرات ، وتسيير المواكب ، وتنظيم الإعتصامات ، والإضرابات في إطار النظم التي سنَّتها الأمَّـة لنفسها ، ليحفظ الشعب حقوقه ، ويدفع عن نفسه الظلـم .

كما يعترف بحقّ المعارضة السياسية النابعة من ضمير الأمة ، إذ هي تحسِّن أداء السلطة ، وتطوّر مؤسسات المجتمع السياسية ، وتحيّي الفكر السياسي البنّاء ، وتشكّل ضمانا يمنع الإستبداد.

النظام السياسي الإسلامي يرحِّب بالتنوُّع ، والتعدّدية ، بشرط أن تكون داخل هويّة الأمّـة ،

وهـو يضع ما كان خارج هويّتها في إطار الحوار الحضاري الهادف لجذب الآخر لرقيّ الحضارة الإسلاميّة الساميّة .

النظام السياسي الإسلامي مع ذلك يجعل تحريـر الأمة من كلّ إستعلاءٍ أجنبيّ عليها ، من أعظـم أهدافه ، ويرى كلَّ أشكال التدخـُّل ، وحالات الإختراق الأجنبي ، خطـاً أحمـر يهدّد كيان الأمـّة .

وهو يفرق بين الإستعلاء ، و التدخل ، والإختراق ، وبين التواصل الحضاريِّ البنّـاء الذي يخدم مصالح الأمـة .

النظام السياسي الإسلامي يجعل سرّ النجاح للأمـّة ، على جميع الأصعدة ، إنمـا يكمن في تمثُّل هذه القيم الإسلامية المتعلقة بالنظام السياسي الإسلامي في القيـادة السياسية أكثر من غيرها ،

وإقتناعها بها أعظم من سواها ، وأنها تحمل على عاتقها تحقيق هذه القيم في الواقع السياسي للأمـّة .

فإن كان المشهد كذلك ، فالحال سليم ، والأمـّة بخيـر ، والآمال متحققـّة ، والمستقبل زاهر بإذن الله تعالى .

وإلاّ فيجـب على الأمـّة أن تسعى لصنع هذه المعادلة فيها بكلّ الوسائل المتاحة.

والإسلام يجعل إقامة هذا المفاهيم التي ترتقي بالأمة الإسلامية ، وتمكّنها من أداء رسالتها داخليا ، وخارجيا ، وتظهـر حضارة الإسلام في أوج تألّقها ، مما يستدعي تفوُّقه العالمي ، فدخول الناس فيه ، وتحقق أهدافه العالمية العظـمى .

يجعل ذلك من أعظـم أركان الدين العظيمة ، ومن أصول الإسلام ، والإيمان .

ولاريب أنّ إشتغال كثير من المهتمّين بالشؤون الدينية بجزئيـّات _ بينها وبين هذه الأصول في المكانة الدينية بونٌ شاسع _ وإشغال الأمـَّة بها ، إنما سببه إلهاء سلطات الإستبداد ، للفكر الإسلامي بهذه الإهتمامات الدينية الثانوية عمّا ينهض الأمّة ، ويعيد لها عـزَّتها ، فيفقد الإستبدادُ شهواتـِه ، وتسقط أطماعُه ، وتتلاشى سلطتُه !

ولو كان الأمر بيدي لجعلت هذه المفاهيم في العقيدة السياسية الإسلامية ، تُدرَّس لطلاب العلوم الشرعية ، مع تدريبهم على إدارة المشهد السياسي من الحوارات إلى المعارضة ، مرورا بدورات تنظيم المظاهرات ، ووسائل الإحتجاج السلمي.

لكي يقودوا رسالة إصلاح شاملة تبدأ بالأهمّ ، وترتقي بهم إلى مستويات أعلـى مما هـم فيه ، تليـق برسالة الفكر الإسلامي لقيادة الشعوب .

بدل أن يشتغلوا بمعارك جانبيّة ، وقضايا جزئيّة ، وأمور فرعيّة ، وتحرقهم السلطة في صراعات تمسك خيوطها بيدها ، وتصبُّ في النهاية في أهدف الإستبداد !!

إذ لانهوض للأمـَّة إلاّ بحشـد طاقات شعوبها في بوتقة نظامٍ سياسيِّ ينبثق من إرادتها ، ويعبـّر عن ضميرها ، ويُعنـى بإعلائها .

وهذا لايتحقق إلاّ بثورة تبدأ من تصحيح الفكر ، وتنتهي بالإطاحة بأنظمة الحكم على غرار إعصار الربيع العربـي المبارك .

والله ولي التوفيق ، وهو حسبنا ، عليه توكلنا ، و عليه فليتوكـل المتوكـلون
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس