عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-09-2010, 11:13 PM   #3
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي


بنى منزلا
ناصع الواجهات
على ربوة الروح
ظلت ثلاث بناتٍ
الربوة والروح صورتان تعكسان قدرة الشاعر على إحداث حالة من التخييل الصوري البديع من خلال هذه الاستعارة لتكون الروح وهي أبعد الأشياء عن الرؤية المجردة ربوة عالية ثم تجتمع فيها ثلاث بنات . إن هذه الاستعارة والتي شبهت الروح بالربوة دلالة عن الرقي والسمو تجعلك أمام مشهد في غاية السمو والروعة من خلال الخلفية التي كانت مسرح الحدث ، ثلاث بنات ولعل الاستخدام للفظ بنات كان متعمدًا للتعبير عن هذه البراءة والتي تظل معها الأنثى مهما كبرت طفلة ، بدليل الفعل (ظلت) الذي يؤكد هذا الاستغراق في حالة الحب والهُيام . وتلحظ من بعد أيها القارئ الحبيب هذا الإبداع في التصوير لحالة الاستمرارية في الحب والتي –رغم أنها ماض-إلا أن الشاعر تمكن بشكل أو آخر من إعادتها إلى مسرح رؤى المشاهد من خلال الأفعال المضارعة المستمرة(يقمن-يأكلن-يستثرن-يلهمنه-يتحممن –يغسلن-يدلقن ) . بعد ذلك نأتي إلى قوة الاتكاء على عنصر الصورة من خلال الألوان المنبعثة من القصيدة الخضرة والتي تنبعث من الربوة والحمرة من التفاح وسليل من الألوان القادم من الجنة.(والجنة في اللغة معناها الحديقة أو البستان وغني عن الذكر أن ترجع لأصحاب الجنتين في سورة القلم أو الكهف)وهذا الاتساع لقلب المحبوب عبر الشاعر عنه من خلال الإلماح بأنه قصر له أربعون حجرة وللعدد هذا دلالة ربما تند عن الذاكرة ، إلا أن الشاعر يرتفع بالرومانسية شأوًا بعيدًا من خلال إخفاء وجود هذا القصر ليترك الخيال ينبعث لدى المتلقي قادمًا من الربوة والبساتين والتفاح ،وليشتعل المشهد بدخول هذا القدر الكبير (الحشد) من الصور المادية وولوجها عالم المحسوسات لتؤتي كونًا من الأحلام يسبح الشاعر في جمالها واقترانها بمشاعره ، ويتسع المشهد بالصور الخاصة بالمرمر والقمصان وكذلك الجانب الملموس غير المرئي تتسع تصوراته من خلال ماء العطر وماء الهديل ، ليكون الشوق والأحاديث المتبادلة بينهن وبينه نسيمًا تحمله الطير على أجنحتها ، وفي هذه الصور المتراصة المترابطة ببعضها المتسمة بالدقة في التحول من مشهد إلى مشهد يجمها كلها خيط واحد تأكيد على ما يًسمى بسحر الكلمة وهو قدرتها على الإشعاع أي سرعة إدخال التصورات الذهنية والرؤى إلى عالم القارئ .
ولعل من جمال القصيدة كذلك أن يتعامل الشاعر مع الجسد تعاملاً عبقريًا يعيد فيه صياغة معناه إلى جانب أبعد من هذا الجانب الفيزيقي الحسي من خلال المرمر وغسل القميص بماء العطر ، كان استدعاء صورة السابحات في النهر أو المغتسلات فيه عنصر قوة إذ أن هذا النهر نهر كله مبني من مكونات ملموسة غير مرئية نهر من الحب والجمال والرقة والعذوبة لذلك يظهر الجسد كأنه شيء من مكونات هذا العالم جماله أنه جزء من مكونات هذا النهر كأنه تمثل مرمري متحرك أو صورة للعروسة (باربي) في هذا العالم صاخب الهدوء.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس