عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 03-02-2024, 08:30 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,992
إفتراضي

و أيضا من المعتقد أن الحبر (جوس) ذكر أن ما حدث في سيموني أن امرأة أجهضت كما حدث لـ ليليث وعندما عرضت القضية على القضاة حكموا بأنه بالفعل طفل ولكن له أجنحة.
هذه الاعتقادات إستمرت لقرونِ متأخرة كالقرن الثامن عشر وهو تقليد معروف في العديد مِنْ الثقافاتِ لحماية الأمهات الجديدات وأطفالهم الذكور بشكل خاص بالتعاويذ ضدّ ليليث فكانوا يرسمون دائرة حول السرير في وسطها النجمة الخماسية ويكتب فيها أسماء الملائكة الثلاث وآدم وحواء وكثير من التعاويذ فى الأركان الاربعة للمخدع وكان الاعتقاد أن الطفل إذا ضحك أثناء النوم كان هذا دليلاً على أن ليليث موجودة وعلى هذا يسارع احدهم بضرب الطفل على شفتيه بأصبع واحد لترحل ليليث."
قطعا هذا تخريف فلا وجود لليليث ولا وجود لتعاويذ تحمى من شىء وإنما هى تجارة اخترعها الكهنة والأحبار لبيع الوهم للأمهات مقابل أخذ المال واحيانا لذات محرمة
وقد تناول بعض الكتاب تلك الخرافة في كتاباته الشعرية والنثرية وقد ذكر الباحثان ذلك فقالا:
"ليليث في الأدب: رمز للتمرد والإغواء والموت
اهتمّ الأدب على وجه الخصوص بليليث المتمردة التي تضيع نفسها في التأكيد على حقّها في الحرية واللذة والمساواة مع الرجل وكذلك كلّ اللواتي يلتقين بها، كما أنها امرأة شهوانية ومدمّرة تطمح إلى التفوّق وإلى القدرة.
يتجلى هذا في دراما ألمانية مؤرخة سنة 1565: " جيتا "، التي تأخذ بعين الاعتبار وجود ليليث من خلال سرد حكاية الطفلة الصغيرة (جيتا) أو جوان المرأة الوحيدة التي تعرف بأنها سوف تصبح بابوية.
في عام 1667 أشار (ملتون) في " الفردوس المفقود " إلى ليليث مستخدماً اسم " الحية الساحرة " تلك البطلة اليائسة بالنسبة إلى الرومانسيين، و وُصفت باعتبارها امرأة جميلة وشهوانية، بشعر طويل، تقود الآخرين معها في دوامة من الآلام، ومن النكبات والموت.
- في عام 1886 استدعى (فكتور هيجو) مظهرها البشع كمصاصة دماء، وحاول أن يمزج بينها وبين إيزيس في " نهاية الشيطان " كابنة الشيطان أو امرأة الظلام الكبرى: " هذه ليليث التي نسميها إيزيس على ضفة نهر النيل .. إنني ليليث ـ إيزيس، الروح السوداء للعالم".
في الفترة 1870 - 1881 قام بإخفائها (دانتي غبريال روسيتي) أمام ملاك الحرية في " بيت الحياة " وصنع من ليليث جنية مغوية، المرأة المدمرة الخالدة بكل سحرها الذي لا يقهر والجهنمي توقظ بما تمتلكه من خوارق عند الرجال حسّ المغامرة وتقودهم نحو ضياعهم.
وتتجلى بالصورة نفسها في الأعمال المعاصرة نهاية القرنين التاسع عشر والعشرين.
في عام 1892 استعاد (ريمي دوغورمون) في مسرحية " ليليث " القصة التقليدية الكاملة للخلق، كما جاءت في النصوص المقدسة اليهودية ولكن بطريقة هزلية مذهبية وغرامية مرتبطة بوجهة نظر متشائمة للحياة الإنسانية لكن رغم الطابع الهزلي لهذا العمل، فإنه يبيّن بوضوح أنّ التزامن مع أسطورة ليليث يفتح على الإنسان بحث غير محدّد، والأصل ومعنى الحياة
وهذا ما يتجلى كذلك في رواية " جورج ماكدونالد ليليث 1895 حيث يُقذف البطل المواجه لـ ليليث في طريق محفوف بالمخاطر في شقاء تلقيني طويل، وبعبارة أخرى يجد نفسه وحيداً ومتردداً.
في عام 1937 تؤدي ليليث في رواية (مارك شادورن) التي تحمل عنوان " الإله يخلق أولاً ليليث " دور الجنية والموت واليأس القاتل وقبل الاختفاء يائسة هي دوماً الثائرة المتمردة، لا ندري أين، ربما تكون ميتة وربما لا.
في عام 1932 يبتكر المحلل النفساني النمساوي فريتز ويتلز Fritz Wittels" عقدة سمّاها " عقدة ليليث "، ولكنها ليست لها علاقة بليليث حيث أن لأسطورة ليليث وظيفة جوهرية تتمثل في إزاحة الرجال عن طريقها، من خلال تحذيرهم بالخطر الذي تمثله بالنسبة إليهم ولكن يبدو أن وظيفتها الأساسية هي تحذير النساء اللواتي لا تتبعن قانون آدم سيكون مصيرهن الهجر والحزن إلى الأبد.
وأتت نهاية أقصوصة (أناتول فرانس) في بلتزار " ابنة ليليث" من هذه البطلة "معادلة أنثوية للهولندي الطائر" الذي طمح إلى مصير حواء وإلى نتيجة الموت من أجل معرفة الحياة واللذة.
في عام 1959 فيما يخص " لوليثا في لوليثا " لـ غاليمار اتسع مظهر ملتهمة الأطفال ليليث ليشمل الجدّة الملتهمة التي تلتهم العالم الإنساني بفمها الكبير بجهل، وعنف وموت واسترجعت بعض جمعيات ليليت مع ملكة السابا مظهر ليليث المستبعد خطأ حيث تملأ فراغ الرجل الذي استجاب لإغراءاتها ومواهبها الفاتنة، إنها تقوده في رحلة بحث تعزله عن الآخرين وتدفعه باتجاه صوت مخالف للحياة.
في عام 1983 تطرق (لورانس دورال) لنفس الفكرة في رواية "البابوية جان " ومن قبله (أوديل إيريت) في مسرحية مُثّلت في مصنع الذخيرة (فانسان) في باريس حملت عنوان: " حكاية البابوية جان ومرافقتها بارتوليا ". وفي الفترة نفسها استلهم (كلود باستور) رواية عنونها بـ " البابوية " - 1983.
كما مثلت في طبعة جديدة لـ (بيار جون جوف) سنة 1983 في مصنع الذخيرة فانسان سنة 1985 ومنحت صورة متألقة لليليث، واضعة بعين الاعتبار كل التعقيدات والموضوعات الأساسية للأسطورة.
وما يثير الانتباه هو أنّ المرشدة المزعومة (لو أندريا سالومي) في مسرحية " وادكيند " وصفت هي الأخرى من قبل (فرويد) باعتبارها تمتلك الملامح والخصائص نفسها التي تحيل على أسطورة ليليث."
وكل هذا الكم الكبير من الأعمال الأدبية الغربية يؤكد أنها جزء من الدين المتوارث عندهم من اليهود وهو يدل على تجذر الأسطورة في الوجدان النصرانى العام
وطرح الباحثان سؤالا عن ليليث هل هى واقع أم خيالا وقاما بالاجابة فقالا:
"واقع أم خيال؟:
مما لاشك فيه بأن أسطورة ليليث على صلة وثيقة في قضية الخلق، فهي أفكار ومعتقدات تنعكس على حياة الشعوب رغم أنها من أشكال الوهم التي تتناقض مع إدراكنا الحسي لها، إنها التعبير الجماعي لتلك الحضارات المتعاقبة سواء كانت دينية أو فلسفية، فهي دراسة تاريخية وأدبية ووعاء فكري مرتبط بظاهرة لا يمكن تجاهلها حيث عبر عنها الفرد والمجتمع بأسلوب اعتمد على محاكاة اللاوعي وتكوين رؤية لكائنات غير موجودة في الواقع المستقل عن حدود ذهنه. حيث أنها لعبت دور الوسيط لهذا العقل بين الأحداث الطبيعية والمعتقدات الدينية. كما أن هذه الكائنات الفوق طبيعية بالنسبة لأفكار الفرد تعتبر المكون لأصل الأشياء الخارقة دون النظر في ماهيتها أو وجودها وعدمه.
من جانب آخر تكون نظرتنا للأسطورة مجرد دراسة تاريخية وفكرية معاصرة لا نأخذ منها سوى معرفة التفكير الإنساني في تلك الفترة دون التأثر بواقعها الحالي والذي يعتبر تناقضاً لمفهومنا عن قضية الخلق وخلافة الأرض ورسائل الأنبياء لنا و دور الدين في نفي تلك الاعتقادات والأباطيل الزائفة."
ورأى الباحثين هو أن ليليث خرافة لا وجود لها ولدها الكهنة وتجار الدين لأسباب خاصة بهم كإباحة الزنى في الأديان الوثنية باعتبارها البغى المقدسة وباعتبارها ربة يجوز لها الزنى وأما في النصرانية واليهودية فمن اخترعوها اخترعوها لبيع الوهم ممثلا في التعاويذ لحماية الأطفال
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس