عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-07-2020, 01:55 PM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,887
إفتراضي نظرات فى كتاب مراتب الجزاء يوم القيامة


نظرات فى كتاب مراتب الجزاء يوم القيامة
مؤلف الكتاب هو أبوعبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي (المتوفى سنة 488)هـ
الكتاب ألف بناء على طلب من صديق فى موضوع مراتب الناس فى القيامة وفى هذا قال الحميدى فى المقدمة:
"قسم الله لك من الخير أكمله قسما، وأوفره نصيبا، وزادك من آلائه، وأوتر عليك من نعمائه، فإنك أشرت إلي فيما جرى في مجلس شيخنا أبي محمد ، يعني ابن حزم، أدام الله توفيقه من مسألة الموازنة، وتقسيم طباق أهلها، ورغبت أن أقيدها لك بدقتها، وأثبتها بحقائقها وكثرة أقسامها لنبوء أكثر الأفهام عنها دون تقييد ولا إثبات"
استهل الحميدى الكتاب بتقسيم الناس فى القيامة إلى مقربين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال كما ورد فى سورة الواقعة فقال:
"قد صح النص على ما نبين بعد هذا أن جميع ولد آدم (ص)عند الله تعالى على ثلاث طبقات: الأولى هم المقربون، وهم النبيون (ص)والشهداء فقط وهؤلاء ناهضة أرواحهم إلى الجنة إثر خروجها من أجسامهم عن هذا العالم الذي نحن فيه، وبرهان ذلك أنه لم يختلف مسلمان في أن الأنبياء (ص)الآن في الجنة، وكذلك الشهداء
وقد صح هذا بالنص وأخبر رسول الله (ص)أنه رأى الأنبياء (ص)في ليلة الإسراء به : «آدم في سماء الدنيا، ويحيى وعيسى عليهما السلام في الثانية، ويوسف (ص)في الثالثة، وإدريس (ص)في الرابعة، وهارون (ص)في الخامسة، وموسى وإبراهيم عليهما السلام في السادسة والسابعة»وبهذا قطعنا على أن السماوات هي الجنات ضرورة لصحة الإجماع على أن أرواحهم في الجنة من الآن، ومن المحال أن يكونوا في مكانين مختلفين في وقت واحدوكذلك جاء النص أيضا في الشهداء من طريق ابن مسعود وغيره، قال الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم}
وإذا صح أن الشهداء في الجنة فمن المحال أن يكون أحد في أفضل مرتبة وأعلى محلة من الأنبياء (ص)، فصح أنهم متقدمون في هذه المنزلة ومستأهلون لها، لا يجوز غير ذلك"
الخطأ فى الفقرة هو القول أن المقربين الأنبياء(ص) والشهداء فقط وهو ما يخالف كونهم المجاهدون فى سبيل الله ومعهم أولى الضرر كما قال تعالى :
"لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
ثم تكلم عن النوعين الثانى والثالث فقال :
"والطبقة الثانية: أصحاب الشمال وهم الكفار يقينا بالنص، لقوله تعالى في سورة الواقعة: {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم ثم إنكم أيها الضالون المكذبون}
فنص تعالى على أنهم لا يؤمنون بالبعث وأنهم مكذبون، والمكذب كافر بلا تأويل وكذلك قال الله عز وجل في آخر السورة إذ ذكر التقسيم: {وأما إن كان من المكذبين الضالين}
وأيضا فإن الله تعالى خاطب الجميع فقال: {إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين}
وليس الكفار بيقين من السابقين المقربين، ولا هم بلا شك من أصحاب اليمين، وهم أصحاب الميمنة، فلم يبق إلا ما قلنا ضرورة وقال عز وجل أيضا: {ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة أولئك أصحاب الميمنة والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة عليهم نار مؤصدة}
وهذا نص جلي بما قلنا من أن الكفار هم أصحاب المشأمة، وهم أصحاب الشمال بنص القرآن
والطبقة الثالثة: هم أصحاب اليمين وهم أصحاب الميمنة، وهم جميع المؤمنين محسنهم ومسيئهم، حاشى من ذكرنا من الأنبياء والشهداء لما قدمنا قبل "
وقد كرر فى الفقرة نقس الخطأ وهو كون المقربين الأنبياء(ص) والشهداء فقط وآتانا بأمر غريب وهو أن من فى الجنة الآن هم فقط الأنبياء(ص) والشهداء فقال :
"وأيضا فإنه قد صح عنه (ص)أنه رأى عن يمين آدم وشماله (ذريته) ، وأن أهل السعادة عن يمين آدم (ص)والإجماع قد صح بما جاء به النص من أن من سوى الأنبياء والشهداء فليسوا الآن في الجنة، فلم يجز أن يخرج عن هذا الموضع الذي هو عن يمين آدم (ص)أحد، فيقال: إنه في الجنة من الآن إلا من جاء النص باستثنائه، وهم الأنبياء والشهداء فقط، وسائرهم هناك عن يمين آدم (ص)حيث رآهم رسول الله (ص) وهذه قسمة ضرورية
وإذ قد صح أن السابقين المقربين هم الشهداء بعد الأنبياء (ص) وأن أصحاب المشأمة هم الكفار، فلم تبق إلا الطبقة الثالثة فهي لهم بيقين
ومن البرهان أيضا على ما قلناه أن الله تعالى رتبهم على ثلاث طبقات: السابقون المقربون في جنات النعيم، وأصحاب اليمين، وأصحاب المشأمة
فلو كان أصحاب اليمين في الجنة بدءا من الآن لكانوا طبقتين فقط، وكذلك لو كان الأنبياء والشهداء مع سائر المؤمنين في محلهم حيث هم الآن لكانوا طبقتين أيضا، ولكانت الثالثة ساقطة، وهذا باطل فصح ما قلناه من الفرق بين المقربين وبين أصحاب اليمين، وتناظرت النصوص كلها، وتبين أن أصحاب اليمين وإن كانوا قد ذكر الله أنهم: { في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين} فإنما هذا بنص الآية على ما يصيرون إليه بعد الحساب يوم القيامة بلا شك لما ذكرنا
يؤيد هذا قول الله عز وجل في آخر السورة نفسها: {فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم إن هذا لهو حق اليقين فسبح باسم ربك العظيم}
فنص تعالى على أن هذه حالهم وقسمهم فجعلهم أيضا ثلاث طبقات:
أولها: المقربون المعجل لهم الجنة والنعيم
وثانيها: أصحاب اليمين الذين لهم السلام معجلا فقط
وثالثها: المكذبون الضالون، وهذا بين"
الخطا الذى تكرر فى الفقرة السابقة هو أن اصحاب اليمين ليسوا فى الجنة حاليا وهو ما يخالف النص التالى:
"كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين فى جنات "
كما يخالف أن كل من يموت من المسلمين أى كل من تتوفاهم الملائكة يدخلون الجنة كما قال تعالى :
"الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون"
البقية https://arab-rationalists.yoo7.com/t1089-topic#1305
رضا البطاوى متصل الآن   الرد مع إقتباس