عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-06-2011, 09:34 PM   #117
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(112)
وهكذا من خلال مقابلة الوجه الثاني -بكل ملامحه-بالوجه الأول-بكل ملامحه أيضًا - تبرز فداحة المفارقة
ويتجاوز إيحاؤها في كل من الطرفين مدى ما كان يستطيع أن يصل إليه تصوير كل طرف منفردًا،لأن كلا
في المفارقة يلقي بظلاله على الآخر فيبرز ملامحه ويزيدها وضوحًا وجلاء ، ومن خلال التفاعل بين ملامح الطرفين تغني إيحاءات القصيدة ، ويعمق عطاؤها .

أما النمط الثاني من نمطي المفارقة ذات الطرفين المعاصرين ، فإن الشاعر لا يقدم كلاً من الطرفين متكاملاً في مقابلة الآخر ، وإنما يفتت كلاً منهما إلى مجموعة من العناصر التفصيلية ، ثم يضع كل عنصر منها في مقابلة ما يناقضه من عناصر الطرف الآخر ، بحيثب تنحل المفارقة في النهاية إلى مجموعة من المفارقات الجزئية ، وبذلك يتم إبراز التناقض على مستويين ، يتم أولاً على مستوى جزئيات كل الطرفين ، ويتم ثانيًا-ومن خلال تجميع هذه الجزئيات-على مستوى الكل الذي يتألف منها .
ففي قصيدة "الزيارة.."(101)للشاعر حامد طاهر ، التي كتبها في ذكرى وفاة بعض الأعزاء من الراحلين ، وتصوير ما كانت عليه حاله قبل رحيلهم من سعادة وانطلاق وتفتح للحياة ، وقدر ةعلى الإبداع والعطاء ، وما أصبحت عليه هذه الحال بعد رحيلهم من تعاسة وكلال وانطفاء ، وهذان هما طرفا المقابلة الأساسيان ، ولكن الشاعر يفتت كلاً منهما إلى مجموعة من العناصر الجزئية ، ويضع كل عنصر من هذه العناصر بإزاء ما يقابله من عناصر الطرف الآخر ،فيقول:
___________________
(101) حامد طاهر:"قصدية الزيارة" حوليات كلي دار العلوم .العام الجامعي 1972\1973.ص 155
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس