عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-01-2006, 02:24 PM   #14
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

وصف أرض العرب :

ثالثا : النفود


أما النفود، وهو اسم لم يكن يعرفه العرب، فهي صحراء واسعة ذات رمال بيض أو حمر تذروها الرياح فتكون كثباناً مرتفعة،وسلاسل رملية متموجة، تبتدئ من واحة "تيماء"، وتمتد إلى مسافة450 كيلومتراً تقريباً نحو الشرق، ويبلغ امتدادها من الجوف إلى جبل شمر زهاء 250 كيلومتراً تقريباً. وقد عرفت أيضاً ب "الدهناء" و ب "رملة عالج"، ثم تغلب عليها اسم "النفود" وصارت تعرف به.

وتعد النفود من الأماكن المائلة أو المنحدرة، ويظهر من القياسات "وان كانت قليلة جداً"، إن المنطقة الشرقية من النفود أوطأ من مستوى المنطقة الغربية عند خط طول "27" درجة و "30" دقيقة، بما يزيد على150 متراً، أي إن هذه البادية مرتفعة في الغرب، آخذة في الانخفاض والميل في الشرق.

وقد نتج عن هذا الميل والانحدار المتوالي إن الرمال التي كانت الرياح الشمالية أو الشمالية الغربية تحملها، تراكمت في المنخفض، فأصبحت الحدود الغربية والشرقية هذه المنطقة مرتفعة بالنسبة إليها، بحيث صار "الحماد" يشرف عليها اشرافاً تاما.


ويغطي وجه "النفود"، كثبان من الرمال متموجة يبلع ارتفاع بعضها زهاء "150" متراً، ولذلك لا يعد سطح بادية النفود سطحاً مستوياً منبسطاً. وتأخذ هذه المرتفعات مختلف الإشكال، فتكون في أغلب الأحيان على شكل نعل الفرس، ويكون اتجاهها من الغرب نحو الشرق، وتكون أبعادها وأعماقها مختلفة، وتسمى "القعور". وقد تركت أثراً عميقاً في مخيلة المسافرين ورجال القوافل.

وبعد الأشتية الممطرة تتحول هذه المنطقة الرملية الموحشة إلى جنة حقيقية فتظهر الرمال وكأنها قد فرشت ببسط خضر، يزينها الزهر والشقائق ومختلف الأعشاب الصحراوية، وينتجعها الأعراب للرعي. وقد تنمو فيها النباتات المرتفعة ذات السيقان القوية كبعض أنواع "الغَضَى"، فتكون أدغالاً يحتطب منها البدو، وقد يحرقونها لاستخراج الفحهم منها. هذه الأعشاب والنباتات، لا تظهر إلا في المنطقة ذات الرمال الحمر "نفود سمرا". أما النفود البيضاء المؤلفة من رمال نشأت من تفتت أحجار "الكوارتز" فإنها في أكثر الأماكن غير منبتة.
ولكن هذه الجنة الأرضية جنة قصيرة العمر، لا يدوم عمرها إلا أسابيع قليلة، ثم يحل بها الجفاف، وتهب السمائم، فتقضي على كل ما نبت في هذه البادية، فتبدو كالحة عابسة مزعجة منفرة، وكأن أنسانا كنس وجهها كنساً أزال عنه كل أثر لشلك الجمال. وتهب في شهر نيسان رياح حارة من الشرق والجنوب، ورياح في شهور الصيف، تحرق البادية حرقاَ، حتى تغدو وكأنها جحيم.

وفي العربية ألفاظ عديدة لها صلة بالبوادي، كثرت وتعددت لاتصال حياة العرب بها، منها ما لها علاُّقة بشكل البادية وظاهر وجهها، ومنها ما لها علاقة بطبيعتها وبتركيبها، إلى غير ذلك من مصطلحات، نشاً بعضها من تعدد لهجات العرب ولغاتها، اذ تسمى قبيلة البادية باسم ربما لا تعرفه قبيلة أخرى، وهكذا تنوعت التسميات.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس