عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-02-2019, 10:04 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,967
إفتراضي تفسير سورة يوسف

سورة يوسف
سميت السورة بهذا الاسم لذكر قصة يوسف (ص)فيها .
"بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب المبين "المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل ذلك أحكام الوحى العظيم ،يبين الله لنا أن اسمه وهو حكمه وهو الرحمن الرحيم أى النافع المفيد هو أن الر تلك آيات الكتاب المبين والمراد أن العدل هو أحكام القرآن الحكيم مصداق لقوله بسورة لقمان"تلك آيات القرآن الحكيم "،والر من الحروف المقطعة وأشار الله لمعناها باسم الإشارة تلك فكل ما يكون بعد اسم الإشارة يطابق فى المعنى ما قبله وآيات الكتاب معناه العدل أى الصدق أى الحق والخطاب للناس وما بعده.
"إنا أنزلنا قرآنا عربيا لعلكم تعقلون "المعنى إنا أوحيناه حكما واضحا لعلكم تطيعون ،يبين الله للناس أنه أنزل الكتاب قرآنا عربيا والمراد أنه أوحى الكتاب حكما مفهوما مصداق لقوله بسورة الرعد "وكذلك أنزلناه حكما عربيا"والسبب لعلهم يعقلون أى يطيعون الكتاب أى يسلمون مصداق لقوله بسورة النحل"لعلكم تسلمون".
"نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين "المعنى نحن نحكى لك أفضل الحكايات بما ألقينا لك هذا الكتاب وإن كنت من قبله لمن الجاهلين ،يبين الله لنبيه(ص)أنه يقص عليه أحسن القصص والمراد أنه يوحى له أفضل الحكايات بما أوحى له هذا القرآن والمراد بما أنزل له هذا الكتاب ويبين له أنه كان من قبله أى من قبل نزول القرآن من الغافلين أى الضالين مصداق لقوله بسورة الضحى"ووجدك ضالا فهدى "وهذا يعنى أنه كان لا يدرى شىء عن الكتاب مصداق لقوله بسورة الشورى "ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان "والخطاب للنبى(ص) وما بعده حتى نهاية القصة ومنه للناس ومنهم من سألوه عن يوسف(ص).
"إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إنى رأيت أحد عشرا كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين "المعنى لقد قال يوسف(ص)لوالده يا والدى إنى شهدت أحد عشر نجما والشمس والقمر شاهدتهم لى مكرمين،يبين الله لنبيه(ص)أن يوسف )(ص)تحدث مع أبيه وهو والده يعقوب(ص)فقال يا أبت أى يا والدى :إنى رأيت أى شاهدت فى الحلم أحد عشر كوكبا أى نجما والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين أى شاهدتهم فى الحلم لى معظمين .
"قال يا بنى لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين "المعنى قال يا ولدى لا تحكى حلمك لإخوتك فيمكروا بك مكرا إن الشهوات للفرد كارهة عظمى ،يبين الله لنبيه(ص)أن يعقوب(ص) قال ليوسف(ص) يا بنى أى يا ولدى لا تقصص رؤياك على إخوتك والمراد لا تحكى منامك لإخوتك لأنك لو حكيت فيكيدوا لك كيدا والمراد فيدبروا لك مكر يؤذوك به وهذا يعنى أنه عرف أن يوسف (ص)سيكون له شأن فى المستقبل وإخوته لو عرفوا هذا سيحقدوا عليه بسبب هذا ومن ثم فهو يريد منع وقوع الشر بينهم وقال :إن الشيطان للإنسان عدو مبين أى إن الشهوات كارهة كبرى وهذا يعنى أن شهوات الإخوة ستكون السبب فى وقوع الخلاف .
"وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم واسحق إن ربك عليم حكيم "المعنى وهكذا يختارك إلهك ويعرفك من تفسير الأحلام ويكمل منحته لك و لأهل إسرائيل كما أكملها لوالديك من قبل إبراهيم(ص)وإسحاق(ص)إن إلهك خبير قاض بالحق ،يبين الله لنبيه (ص)أن يعقوب (ص)قال ليوسف(ص)كذلك أى بتلك الطريقة وهى الحلم يجتبيك ربك أى يختارك إلهك وهذا يعنى أنه أخبره أنه سيكون رسولا للناس ،ويعلمك من تأويل الأحاديث والمراد ويعرفك من تفسير الأحلام وهذا يعنى أن الله سيعرفه طريقة تفسير الأحلام ليكون دليل على رسوليته ،ويتم نعمته عليك أى ويكمل منحته وهى وحيه لك فى المستقبل كما أتمها على أبويك من قبل والمراد كما أكمل الوحى لوالديك إبراهيم (ص)وإسحاق(ص) وهذا يعنى أن الله سينزل عليه وحى كامل كما نزل وحيا كاملا على الأبوين ويبين له أن ربه عليم حكيم أى أن خالقه خبير بكل شىء قاض بالعدل .
"لقد كان فى يوسف وإخوته آيات للسائلين إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفى ضلال مبين "المعنى لقد كان فى يوسف (ص)وإخوته عبر للمستفهمين حين قالوا ليوسف وأخوه أفضل عند والدنا منا ونحن جماعة إن والدنا لفى كفر عظيم،يبين الله لنبيه(ص)أن فى قصة يوسف(ص)وإخوته آيات للسائلين والمراد عظات للطالبين معرفة قصته وهذا يعنى أن بعض الناس طلبوا من النبى (ص)إخبارهم بقصة يوسف (ص)وإذا قلنا أن الله يبين لنبيه (ص)فهذا معناه أنه يبين للسائلين ولنا القصة ويبين له أن الإخوة قالوا لبعضهم ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا والمراد إن يوسف(ص)وأخوه أحسن لدى والدنا منا وهذا يعنى أنهم يظنون أن يعقوب(ص)يفضل يوسف وأخوه عليهم لأنهما من أم والأخرون من أم أخرى وقالوا إن أبانا لفى ضلال مبين والمراد إن والدنا لفى كفر كبير وهذا يعنى أنهم يتهمون الأب بظلمهم ومخالفته لحكم الله .
"اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخلو لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه فى غيابات الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين "المعنى اذبحوا يوسف وارموه بعيدا يتسع لكم قلب والدكم وتصبحوا من بعده مسلمين قال واحد منهم لا تذبحوا يوسف وارموه فى ظلمات البئر يأخذه بعض المارة إن كنتم صانعين ،يبين الله لنبيه(ص)أن بعض الإخوة قالوا اقتلوا يوسف والمراد اذبحوا يوسف (ص)أو اطرحوه أرضا والمراد أو ألقوه بعيدا وهذا يعنى أن يذبحوه ويرموه على أرض بلد بعيدة ويبين لهم نتيجة القتل وهى أن يخل لكم وجه أبيكم والمراد أن يتسع لهم قلب والدهم وهذا يعنى أن يصبح قلب الأب خاليا من يوسف (ص)ومن ثم يمتلىء بهم وهى نتيجة خاطئة لأن الأب سيحزن عليه وبالتالى لن يتسع لهم كما يأملون ،وقال وتكونوا من بعده قوما صالحين والمراد وتصبحوا من بعد قتل يوسف ناسا مسلمين وهو قول خاطىء لأن الصلاح لا يقوم على الباطل الممثل فى القتل فقال قائل أى واحد منهم لهم استفظع قتل يوسف(ص):لا تقتلوا يوسف أى لا تذبحوا يوسف وهذا نهى لهم ،وألقوه فى غيابات الجب والمراد وضعوه فى ظلمات البئر يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين والمراد يصطحبه بعض المارة إن كنتم صانعين ،وهذا يعنى أن الأخ اقترح طريقة لإبعاد يوسف (ص)وهى وضعه وهو نائم فى ظلمة البئر حتى يأخذه بعض المارة الذين يأتون لملء الدلاء من البئر فيصطحبه معه لخدمته أو بيعه أو غير هذا وكان هذا الاقتراح سبب فى حياة يوسف (ص)فقد قبلوا به وعملوا به .
"قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا لناصحون أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون "المعنى قالوا يا والدنا ما لك لا تصدقنا فى يوسف وإنا له لمخلصون ابعثه باكرا يتمتع ويلهو وإنا له لصائنون ،يبين الله لنبيه(ص)أن بداية خطة الإبعاد كانت هى الذهاب إلى الأب وقول الأبناء له يا أبانا أى يا والدنا ما لك لا تأمنا والمراد ما السبب فى أنك لا تصدقنا فى حبنا ليوسف وإنا له لناصحون أى لمخلصون أى لمحبون ،وهذا القول منهم استثارة للأب حتى يفعل ما يريدون فهم بذلك يعلنون له أنه لا يثق فى حبهم ليوسف (ص)(ص)وهو حتى يثبت لهم عكس ذلك فسيعطيهم يوسف(ص)وقالوا أرسله معنا أى إبعثه معنا غدا أى باكرا يرتع أى يلعب أى يلهو وإنا له لحافظون أى لحامون من كل خطر ،وهذا يعنى أنهم يريدون مجىء يوسف(ص)معهم حتى يسعد باللعب وهم سيحمونه من أى خطر وهذا إعلان للأب أنهم يريدون سعادة يوسف (ص)مع حمايته من أى خطر فى نفس الوقت .
"قال إنه ليحزننى أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون "المعنى قال إنه ليخيفنى أن تأخذوه معكم وأخاف أن يفترسه الديب وأنتم عنه ساهون ،يبين الله لنبيه (ص)أن يعقوب (ص)قال للأولاد:إنه ليحزننى أن تذهبوا به والمراد إنه ليخيفنى أن تأخذوه معكم وفسر قوله بقوله وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون والمراد وأخاف أن يفترسه الذئب وأنتم عنه بعيدون وهذا القول يبين لنا الأب لم يمانع فى ذهاب يوسف (ص)معهم ولكنه بين لهم خوفه من ذهابه وبين لهم سبب خوفه وهو الخوف من افتراس الذئب ليوسف(ص)وهم غائبون عن مكان وجوده وهذا يعنى أنه لا يتهمهم بالتدبير وإنما يرجع الأمر كله إلى الغفلة وهى النسيان غير المتعمد.
"قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون "المعنى قالوا لئن افترسه الذئب ونحن جماعة إنا إذا لناقصون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الأبناء ردوا على الأب فقالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة والمراد لئن افترسه الذيب ونحن جماعة إنا إذا لخاسرون أى لناقصو القوة وهذا إعلان منهم أن جماعتهم الواحدة إذا افترس الذئب يوسف(ص)منها ستكون خاسرة أى ناقصة القوة ومن ثم سيعملون على ألا يحدث هذا حتى لا تضعف جماعتهم .
"فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه فى غيابات الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون "المعنى فلما انطلقوا به واتفقوا أن يضعوه فى ظلمات البئر وألقينا له لتخبرنهم بمكرهم هذا وهم لا يعلمون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الإخوة لما ذهبوا به والمراد لما انطلقوا به إلى ملعبهم بعد أن أجمعوا أمرهم والمراد بعد أن وحدوا قرارهم أن يجعلوه فى غيابات الجب والمراد أن يضعوه نائما فى ظلمات البئر ويبين الله له أنه أنزل وحى إلى يوسف(ص)قال له فيه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون والمراد لتخبرنهم بمكرهم هذا وهم لا يعرفون وهذا يعنى أنه سيقص عليهم فى المستقبل حكاية وضعه فى البئر وهم لا يعرفون أنه يوسف(ص).
"وجاءو أباهم عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين"المعنى وأتوا والدهم ليلا يدمعون قالوا يا والدنا إنا انطلقنا نتسارع وأودعنا يوسف عند منافعنا فافترسه الذئب وما أنت بمصدق قولنا ولو كنا مؤمنين ،يبين الله لنبيه(ص)أن الأبناء جاءوا أباهم عشاء يبكون والمراد حضروا عند والدهم ليلا ينتحبون وهذا يعنى أنهم اختاروا وقت الإضاءة الضعيف حتى لا يلحظ الأب تمثيلهم البكاء فقالوا له إنا ذهبنا نستبق والمراد إنا خرجنا نتنافس فى اللعب وتركنا يوسف عند متاعنا والمراد ووضعنا يوسف لدى منافعنا فأكله أى فافترسه الذئب وهذا يعنى أنهم لم ينفذوا ما أبلغوا الأب به وهو لعب يوسف بل هم الذين لعبوا وما أنت بمؤمن أى بمصدق لقولنا ولو كنا صادقين أى مؤمنين وهذا يعنى اتهامهم الأب أنه لن يصدقهم فى كون الذئب هو السبب فى ضياع يوسف(ص)وليس هم .
"وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون "المعنى وأتوا على ثوبه بدم زور قال لقد حسنت لكم أنفسكم سوء فاحتمال طويل والله المساعد على الذى تزعمون،يبين الله لنبيه(ص) أن الإخوة جاءوا على قميصه بدم كذب والمراد وضعوا على ثوب يوسف(ص)دم زور حيث ذبحوا حيوانا ووضعوا دم الحيوان عليه فقال لهم الأب بل سولت لكم أنفسكم أمرا والمراد لقد حسنت لكم أنفسكم سوء وهذا يعنى أنه يتهمهم بعمل السوء فى يوسف(ص)فصبر جميل أى فطاعة لحكم الله مستمرة رغم الضرر والله المستعان على ما تصفون والمراد والله المساعد على الذى تقولون وهذا يعنى أن الله سيقويه على احتمال المصيبة .
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس