عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-01-2009, 04:58 AM   #103
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المنادى(1)



المنادى: اسمٌ، يُدعى بواسطة حرف من حروف النداء، نحو: [يا خالد].

وحروف النداء أربعة، هي: [يا، أيا، أيْ، الهمزة](2). فأما الهمزة فينادى بها القريب، وأما الباقيات فينادى بهنّ القريب والبعيد. ويجوز حذفهنّ جميعاً.

أحكام:

¨ قد يُنادَى بـ [يا] ما لا يُنادى، فتُعَدّ أداةَ تنبيه، نحو: [يا ليتني سافرت].

¨ لا يُنادَى الاسمُ المحلّى بـ [ألـ](3)، إلاّ إذا أُتي قبله بإحدى أداتين هما: [أيّها - أيتها]، نحو: [يا أيها الرجل - يا أيتها المرأة]. أو [اسم إشارة]، نحو: [يا هذا الرجل - يا هذه المرأة](4).

¨ الأعلام المحلاّة بـ [ألـ]، نحو: [الحسن، الحسين، الحارث...]، تُحذَف منها [ألـ] عند ندائها، فيقال: [يا حسن، يا حُسَين، يا حارث...]. ولا يستثنى من ذلك إلاّ لفظ الجلالة، فتثبت [ألـ] في أوله، وتُحقَّق همزته، فيقال: [يا أللهُ].


هكذا تنادي العرب، فتقول:

يا أهلَ الدارِ: فتنصب المنادَى، إذا كان بعده مضاف إليه.

ويا قارئاً كتبَ العلم: فتنصبه إذا كان مشتقّاً عاملاً فيما بعدَه.

ويا غافلاً، انتبه: فتنصبه إذا كان المنادِي يدعو كلَّ غافلٍ!! لا غافلاً معيَّناً(5).

وتقول:

يا غافلُ، انتبه: فتضمّ آخره، إذا كان المنادِي يدعو غافلاً معيَّناً دون كل غافل!! فيقصد إليه قصداً !! ويريد إليه إرادةً !! ويوجّه خطابه اليه توجيهاً(6)!!

ويا خالدُ: فتضمّ آخر المنادَى، إذا كان علماً مفرداً.

وتقول:

يا معلّمان: تجعل في آخره ألفَ ونونَ المثنى، إذا نادَت مثنّى.

ويا معلّمون: تجعل في آخره واوَ ونونَ الجمع، إذا نادَت جمعاً.

توابع المنادى(7):

وتعتري هذه التوابعَ أحوالٌ يكون فيها التابع مبنياً مرةً، ومعرباً مرةً، ومنصوباً مرةً، ومرفوعاً حَملاً على اللفظ مرة، ومنصوباً على المحلّ مرة، ومحتملاً للوجهين مرة بعد مرة(8). ويُغني عن كل هذا قاعدة كلية تقول:

قدِّرْ قبل التابع [يا] محذوفة (تصِبْ إنْ شاء الله)(9) ودونك النماذج:

يا خالدُ... ابنَ سعيد(10) = يا خالدُ يا ابنَ سعيدٍ

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا سعدُ... سعدَ العشيرة = يا سعْدُ يا سعدَ العشيرة

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا خالدُ... الفاضلُ = يا خالدُ يا أيّها الفاضلُ

بعد [يا] المحذوفة اسم محلّى بـ [ألـ]، فيضمُّ وتسبقه [أيّها] حُكماً(11).

يا خالدُ و... سعيدُ = يا خالدُ ويا سعيدُ

بعد [يا] المحذوفة علم مفرد، فضمُّه على المنهاج.

يا أبا الحسن... عليُّ = يا أبا الحسن يا عليّ

بعد [يا] المحذوفة علم مفرد، فضمُّه على المنهاج.

يا عليُّ... أبا الحسن = يا عليُّ يا أبا الحسن

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا عليُّ و... أبا سعيد = يا عليُّ ويا أبا سعيد

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا خالدُ... صاحبَ زهير = يا خالدُ يا صاحبَ زهير

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا رجلُ... أبا خليل = يا رجلُ يا أبا خليل

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا خالدُ... الحسنُ الخلق = يا خالدُ يا أيها الحسنُ الخلق

بعد [يا] المحذوفة اسم محلّى بـ [ألـ]، فيضمُّ وتسبقه [أيّها] حُكماً.

المنادى المختوم بياء المتكلم:

إنْ كان معتلَّ الآخر، وجب فتح الياء - قولاً واحداً - فيقال مثلاً: [يا فتايَ ويا قاضيَّ].

فإن صحّ آخره، جاز في ندائه أن تقول مثلاً: [يا عبادِ - يا عباديَ - يا عباديْ](12). وفي نداء ابن الأمّ (الأخ)(13): [يا ابن أُمِّ - يا ابن أُمَّ - يا ابن أُمِّيْ].



ترخيم المنادى

الترخيم: حذْفُ حرفٍ أو أكثر، من آخر المنادى. وإنما يُرَخَّم شيئان:

· الاسم المختوم بتاء التأنيث مطلقاً، نحو: حمزة وفاطمة، فإذا رخّمتَ قلت: يا حمز ويا فاطم.

· والعلم الزائد على ثلاثة أحرف نحو: جعفر ومالك، فإذا رخّمتَ قلت: يا جعف ويا مال.


ملاحظة: لك أن تحذف من الاسم الذي ترخّمه حرفين، شريطة أن يبقى منه بعد الترخيم ثلاثة أحرف. نحو: [يا منصُور] ثم [يا منصُ].

ويجوز لك في العلم المرخّم وجهان:

- الأول: أن تنطق آخره، كما كنت تنطقه قبل ترخيمه، فتقول في ترخيم [فاطمة ومالِك] مثلاً: [يا فاطمَ ويا مالِ...](14).

- والثاني: أن تضمّ آخره، كما كنت تضمّ آخره قبل ترخيمه، فتقول: [يا فاطمُ ويا جعفُ...](15).

* * *

نماذج فصيحة من استعمال النداء

· ]يا ليت قومي يعلمون[ (يس 36/26)

[يا ليت]: يا - في الأصل - أداة نداء، لكنْ نودِيَ بها في الآية ما لا ينادى، وهو: [ليت حرف مشبَّه بالفعل]، فتُعَدّ في هذه الحال أداةَ تنبيه لا أداة نداء. وتلك مزيّة تمتاز بها [يا] من أدوات النداء الأخرى.

· ومثل ذلك طِبقاً، قولُه تعالى: ]يا ليتني كنت معهم[ (النساء 4/73)

فالاستعمال نفسه، والحُكم هو هو.

· قال ذو الرمة (الديوان 1/559):

ألا يا اْسلمي يا دار مَيّ، على البِلى ولا زال منهلاًّ بجَرعائك القَطْر

[يا اْسلمي]: يا أداة نداء في الأصل، لكنْ لما نودي بها ما لا ينادى، وهو الأمر: [اِسلَمي] عُدَّت أداة تنبيه. وتلك - كما قلنا آنفاً - مزيّة من مزايا [يا]، تنفرد بها.

· قال العباس بن مرداس (الديوان /106):

أبا خُراشةَ أمّا كُنْتَ ذا نفرٍ فإنّ قومي لم تأكلْهُمُ الضَّبُعُ

[أبا]: منادى بأداة نداء محذوفة. ويقول سيبويه عن أدوات النداء، [ويجوز حذفهنّ استغناءً]. وأما نصْب المنادى: [أبا]، فمن أنّ بعده مضافاً إليه هو: [خراشة]، وما كان كذلك، فنصبه على المنهاج.

· ]يوسفُ أعرض عن هذا[ (يوسف 12/29)

في الآية نموذج آخر، من نماذج حذف أداة النداء؛ ومنها على سبيل المثال: ]ربِّ أرني كيف تحيي الموتى[ (البقرة 2/260). وفي الكتاب العزيز نظائر كثيرة من مثله.

· ]يا أيتها النفس المطمئنّة[ (الفجر 89/27)

[النفس]: اسم محلّى بـ [ألـ]، وما يحَلّى من الأسماء بها، إذا نودي أُتي قبله حُكْماً بإحدى أداتين هما: [أيّها للمذكر وأيّتها للمؤنث] أو [اسم إشارة]. وقد سُبقت [النفس] - وهي مؤنث - بـ [أيتها]، فصحَّ نداؤها، على المنهاج.

· ويقال الشيء نفسه، في قوله تعالى: ]يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم[ (الانفطار 82/6)

فالمنادى: [الإنسان]، محلّى بـ [ألـ]، وقد أُتِي قبله بـ [أيّها]، على المنهاج في نداء المذكَّر المحلّى بـ [ألـ]. وفي التنْزيل العزيز كثير من نظائره.

· قال كثيّر عزّة (الديوان /453):

ليتَ التحيّةَ كانت لي فأشكرَها مكانَ يا جملٌ حُيّيتَ يا رَجُلُ

[يا جملٌ]: الأصل هنا ألاّ ينوَّن المنادى، فيقال: [يا جَمَلُ] - بالضمّ - باعتباره منادى مقصوداً إليه دون كل جَمَلٍ آخرَ، بتَّةً. [أي: نكرة مقصودة]. وقد زعمتْ كتب الصناعة، أنّ الضرورة ألجأت الشاعر إلى أن يُنَوِّن هذا المنادى، فنوّنه بالضم!! ولكنّ العينيّ - وهو من أئمة اللغة الأعلام 762 - 855 هـ - قال في شواهده: [نوّنه مضموماً، ويروى بالنصب]، أي يُروى: [يا جملاً].

وإنما أوردنا هذا البيت لنقول: إن كتب الصناعة، تعترف هنا بأن [يا جملٌ] ضرورة، وتصرّح بذلك؛ وإذ قد كان الأمر كذلك، فقد وجب أن يعيبوا هذه الضرورة، لا أنْ يُعْلُوا شأنها فيجعلوها قاعدة، فيقولوا: في الضرورة الشعرية يجوز تنوين المنادى المستحق للبناء، رفعاً ونصباً **!!* فالضرورة الشعرية، إنما هي تعبير عن عجز وقصور، والعجز والقصور لا يُنشِئان قاعدة.

· [
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس