عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-09-2006, 03:30 PM   #36
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

صلات العرب بالساميين


لاحظ المعنيون بلغات "الشرق الأدنى" وجود أوجه شبه ظاهرة بين البابلية والكنعانية والعبرانية والفينيقية والآرامية والعربية واللهجات العربية الجنوبية والحبشية والنبطية وأمثالها ، فهي تشترك أو تتقارب في أمور أصلية وأساسية من جوهر اللغة ، وذلك في مثل جذور الأفعال ، وأصول التصريف ، تصريف الأفعال ، وفي زمني الفعل الرئيسيين ، وهما: التام والناقص ، أو الماضي والمستقبل ، وفي أصول المفردات والضمائر والأسماء الدالة على القرابة الدموية والأعداد ، وبعض أسماء أعضاء الجسم الرئيسية ، وفي تغير الحركات في وسط الكلمات الذي يحدث تغيراً في المعنى .

وفي التعبيرات التي تدل على منظمات للدولة ، والمجتمع والدين ، وفي أمور مشابهة أخرى ، فقالوا بوجوب وجود وحدة مشتركة كانت تجمع شمل هذه الشعوب ، وأطلقوا على ذلك الأصل ، أو الوحدة "الرس السامي" أو "الجنس السامي"، أو "الأصل السامي"، أو "السامية، "Aemites" "Ahemites" "Semitic Race" وعلى اللغات التي تكلمت وتتكلم بها هذه الشعوب "اللغات السامية" ، "Semitic Languages"


وقد أخذ من أطلق هذه التسمية ، تسميته هذه من التوراة . أخذها من اسم "سام بن نوح" ، جدّ هذه الشعوب الأكبر ، كما هو وارد فيها . وأول من أطلقها وأذاعها بين العلماء على هذه الشعوب ، عالم نمساوي اسمه "أوغست لودويك شلوتسر" August Ludeig Schlostzer أطلقها عام "1781 م" فشاعت منذ ذلك الحين ، وأصبحت عند العلماء والباحثين في موضوع لغات الشرق الأدنى علماً للمجموعة المذكورة من الشعوب وقد أخذ "آيشهورن" "Joh. Cotte. Eichhorn" هذه التسمية ، وسعى لتعميمها بين العلماء علماً على الشعوب المذكورة.


وفي عام (1869م) قسم العلماء اللغات السامية إلى مجموعتين : المجموعة السامية الشمالية ، والمجموعة السامية الجنوبية وتتألف المجموعة الشمالية من العبرانية والفينيقية والآرامية والآشورية والبابلية والكنعانية . و أما المجموعة الجنوبية ، فتتألف من العربية بلهجاتها والحبشية . وعمم استعمال هذا الاصطلاح بينهم وأصبح موضوع (الساميات) من الدراسات الخاصة عند المستشرقين ، تقوم على مقارنات وفحوص (أنتولوجية) و (بيولوجية) وفحوص علمية أخرى ، فضلا عن الدراسات التاريخية واللغوية والدينية .


وهذه القرابة الواردة في التوراة ، وذلك التقسيم المذكور فيها للبشر ، لا يستندان إلى أسس علمية أو عنصرية صحيحة ، بل بنُيت تلك القرابة ، ووضع ذلك التقسيم على اعتبارات سياسية عاطفية وعلى الآراء التي كانت شائعة عند شعوب العالم في ذلك الزمان عن النسب والأنساب وتوزع البشر. فحشرت التوراة في السامية شعوباً لا يمكن عدها من الشعوب السامية ، مثل )العيلاميين (Elam و )اللودبين( "Ludim" "Lud"، وأقصت منها جماعة من الواجب عدّها من الساميين ، مثل (الفينيقيين) و (الكنعانيين ) وقد مررنا على هذه النقطة في مادة (من هم الكنعانيون؟) .


ويرى "بروكلمن" إن العبرانيين كانوا قد تعمدوا إقصاء الكنعانيين من جدول أنساب سام ، لأسباب سياسية ودينية ، مع أنهم كانوا يعلمون حق العلم ما بينهم وبين الكنعانيين من صلات عنصرية ولغوية .

وقد رَجَع الإصحاح العاشر من التكوين نسب الفينيقيين و السبأيين إلى حام جد الكوشيين ، ذوي البشرة السوداء ، مع أنهم لم يكونوا من الحاميين ، وقد يكون ذلك بسبب وجود جاليات فينيقية وسبأية في افريقية ، فعدّ كتبة التوراة هؤلاء من الحاميين.

وقد عرف المسلمون اسم ( سام بن نوح) ، وقد كان لا بد لهم من البحث عن أولاد (نوح) لما لذلك من علاقة بما جاء عن (نوح) وعن الطوفان في القرآن الكريم . و قد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سام أبو العرب) ، و( يافث أبو الروم ) ، و( حام أبو الحبش) ، وقد روى (الطبري) جملة أحاديث عنه في هذا المعنى . و قد لوحظ بأنها كلها وردت من طريق (سعيد بن أبي عروبة) عن (قتادة) عن (الحسن) عن (سمرة بن جندب) ، و هي في الواقع حديث واحد ، و لا يختلف إلا اختلافا يسيرا في ترتيب الأسماء أو في لفظ أو لفظين .

ومن هنا يجب إن يدرس هذا الحديث و كل الأحاديث المنسوبة إلى الرسول في هذا الباب دراسة وافية ، لنرى مدى صحة نسبتها إلى الرسول ، كما يجب دراسة ما نسب إلى عبد الله بن عباس أو غيره في هذا الشأن ، فإن مثل هذه الدراسات تحيطنا علما برأي المسلمين أيام الرسول و بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى في نسبتهم إلى سام بن نوح .

وقد قسم بعض علماء الساميات المحدثين اللغات السامية إلى أربع مجموعات هي : المجموعة السامية الشرقية ومنها البابلية والآشورية ، والمجموعة الشمالية ومنها الأمورية والأرمية ، والمجموعة الغربية ومنها الكنعانية والعبرانية والموابية والفينيقية ، والمجموعة الجنوبية ومنها المعينية والسبئية والإثيوبية والعربية والأمهرية . ويلاحظ إن واضعي هذا التقسيم لم يراعوا في وضعه التطورات التاريخية التي مرت بها هذه اللغات بل وضحوا تقسيمهم هذا على أسس المواقع الجغرافية لتلك الشعوب .
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس