عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-10-2008, 10:59 PM   #5
ياسمين
مشرفة Non-Arabic Forum واستراحة الخيمة
 
الصورة الرمزية لـ ياسمين
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2008
الإقامة: المغرب
المشاركات: 2,102
إفتراضي





الفقر يا سيدي يسكن بدواخلنا ويخرص ألسنتنا عن الإفصاح

بالحقيقة ويلجم إرادتنا الدفينة لنقدم أنفسنا لقمة سائغة في

أيدي الجبابرة يبيعون ويشترون كما يحلو لهم لأنهم يعلمون

تمام العلم بأنهم نجحوا في إخماد القوة الحقيقية التي يمتلكها

الإنسان فيتحول الوجود بداخله إلى عدم حيث يربض الفقر في

النفوس وتموت الكرامة والنخوة والحرية لتحل محلها

مفاهيم الخنوع والاستعباد والاستسلام ...





لا جرم أن الفقر ظاهرة طبيعية حيث نجد الفقير والغني

معا يعيشان في ألفة و تراحم ، كل واحد منهما يضيف

للآخر معاني جليلة، فالفقير يعمل ويدير وينتج بينما الغني

ينفق ويعطي ويآزر الضعيف، غير أن ميزان هذا النظام

الاجتماعي الذي أقره الخالق بات مغيبا لأسباب متداخلة،

غير أنني أريد هنا أن أشير إلى نقطة مهمة مفادها أن اللوم

لا يقع على الغني كيفما كانت مصادر ثروته حلالا أم حراما

ولكنني أسقط اللوم على ذوي النفوس الفقيرة الذين اتخذوا

الفقر شماعة يعلقون عليها خيبة آمالهم ويشهرون راية

الاستسلام ويرضون بالهزيمة بدون خوض غمار المعركة!

هؤلاء شرذمة من الفقراء ينحدرون من طينة جديدة لا

يملكون سوى البكاء على الأطلال، يجيدون كل ضروب

التعذيب ويحفظون نفس الأسطوانة المشروخة: هذا حالنا

وماباليد حيلة...لذلك امتهنوا فنونا أخرى تستجيب لمعتقداتهم

الضاربة في أعماق نفوسهم الفقيرة جدا والبئيسة جدا

والمقرفة جدا، لقد اختاروا الطريق السهل، وتحولوا إلى

قطاع طرق أو مروجي مخدرات...





في الماضي كان الفقير ينحت الصخر ليحصل على طعام

ينفقه على أولاده، كان الفقير غني النفس قوي الشكيمة

لا يغريه بذخ ولا ينحني لمخلوق، لقد أنجب الفقراء رجالا

أقوياء، وأنبتوا من رحم الفقر شجرة خضراء مثمرة أنجبت

العلماء والمهندسين والأطباء، والتاريخ خير شاهد على

بطولاتهم الخالدة.





صحيح أن الفقر تفاقم بشكل يدعو للقلق لكن باعتقادي أنه

ستزيد رقعته اتساعا وسيكون الصراع قائما بين طبقتين:

الأولى ظالمة متعنتة تمتص دماء المغفلين لترفع من حجم

أرصدتها في البنوك، أما الثانية: بئيسة خانعة حاقدة ...

فتصبح الحياة حربا مفتوحة بين طرفين متناحرين كل واحد

منهما يتصيد الفرصة ليسحق الآخر في عقر داره، فإن

أصابتك رصاصة وأنت تتجول على ناصية الطريق، فاعلم

أن مردها فقر النفوس في زمن الجشع المغرض واحرص

على نطق الشهادة في قلبك فقد يحرمونك لذتها إن كانت

ستمنحك تأشيرة المرور إلى الهناك لتنعم بالسعادة الأبدية.





تحياتي إليك وعيد مبارك سعيد


__________________



" كان بودي أن آتيكم ,, ولكن شوارعكم حمراء ,,

وأنا لا أملك إلا ثوبي الأبيض ",,

* * *

دعــهــم يتــقــاولــون

فـلــن يـخــرج الـبحــر

عــن صمته!!!

ياسمين غير متصل   الرد مع إقتباس