عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-07-2020, 08:12 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,966
إفتراضي

وأما عمل المسجد كمشفى فهو كلام يناقض قوله تعالى " فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه" فالمسجد بنى للصلاة وليس لشىء أخر والأولى ان يتم نقل اى جريح لمكان قريب حتى لا ينزف دمه أثناء النقل كما ان نساء بيته أولى بتمريضه
ونجد التناقض بين قوله" أن الشهيد يدفن بدمه، ولا يغسل، ولو كان نجسا لوجب غسله" وبين استشهاده بالرواية "إن المؤمن لا ينجس"فلو كان الشهيد وحده الطاهر لكان معنى ذلك أن كل الموتى المسلمين نجس لأنهم يغسلون
ثم أجاب على ما ظن انها اعتراضات من قبل الفريق الثانى فقال :
"فإن قيل : هذا القياس يقابل بقياس آخر ، وهو أن الخارج من الإنسان من بول وغائط نجس ، فليكن الدم نجسا فيجاب بـأن هناك فرقا بين البول والغائط وبين الدم ؛ لأن البول والغائط نجس خبيث ذو رائحة منتنة تنفر منه الطباع ، وأنتم لا تقولون بقياس الدم عليه ، إذ الدم يعفى عن يسيره بخلاف البول والغائط فلا يعفى عن يسيرهما ، فلا يلحق أحدهما بالآخر فإن قيل : ألا يقاس على دم الحيض ، ودم الحيض نجس ، بدليل أن النبي (ص)أمر المرأة أن تحته ، ثم تقرصه بالماء ، ثم تنضحه ، ثم تصلي فيه ؟فالجواب : أن بينهما فرقا :
أ – أن دم الحيض دم طبيعة وجبلة للنساء ، قال (ص): إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم فبين أنه مكتوب كتابة قدرية كونية ، وقال (ص)في الاستحاضة : إنه دم عرق ، ففرق بينهما
ب – أن الحيض دم غليظ منتن له رائحة مستكرهة ، فيشبه البول والغائط ، فلا يصح قياس الدم الخارج من غير السبيلين على الدم الخارج من السبيلين ، وهو دم الحيض والنفاس والاستحاضة فالذي يقول بطهارة دم الآدمي قوله قوي جدا ؛ لأن النص والقياس يدلان عليه
فإن قيل : إن فاطمة كانت تغسل الدم عن النبي (ص)في غزوة أحد ، وهذا يدل على النجاسة أجيب من وجهين :

أحدهما : أنه مجرد فعل ، والفعل لا يدل على الوجوب
الثاني : أنه يحتمل أنه من أجل النظافة لإزالة الدم عن الوجه ؛ لأن الإنسان لا يرضى أن يكون في وجهه دم ، ولو كان يسيرا ، فهذا الاحتمال يبطل الاستدلال"

والقياس هو خبل فالفضلات الخارجة من الإنسان متنوعة منها ما يبطل الوضوء كفضلات الغائط ريح وبول وبراز والمنى ومنها ما لا يبطل الوضوء كالعرق وشمع الأذن وجعباص الأنف ووسخ العين ومن ثم لا يمكن قياس شىء على شىء لاختلاف حكم الفضلات
ثم بين الرجل رأى الفريق الثانى فقال :
"القول الثاني ومن قال به ، ودليلهم والرد عليه:
نجاسة دم الآدمي ، إلا أنهم يرون العفو عن يسيره على خلاف بينهم في مقدار اليسير فقيل : المرجع في تقدير القليل والكثير إلى العرف، فما اعتبره الناس كثيرا فهو كثير، وما عده الناس قليلا فهو قليل، وهذا هو قول الحنابلة وقيل : القليل : ما دون الدرهم البغلي، والكثير ما زاد عنه، وهو قول في مذهب المالكية وقيل : كل شخص بحسبه، فما فحش بنفسه فهو كثير، والقليل : ما لم يفحش، فيكون التقدير راجعا إلى الشخص نفسه وثمت أقوال أخرى في تقدير القليل والكثير لا دليل عليها
وهو القول الذي اتفقت عليه المذاهب الأربعة ويحتاج هذا القول إلى إثبات الدليل على نجاسة دم الآدمي، وعلى العفو عن يسيره

واستدلوا بأدلة منها :
الدليل الأول: الإجماع على نجاسة دم الآدمي حكاه جماعة ، منهم : الإمام أحمد ، وابن عبد البر كما في التمهيد(230/22) والنووي في المجموع وغيرهم وكذا حكى الإجماع الإمام القرطبي في تفسيره ، وأسهب السهارنفوري في تقرير ذلك في " بذل المجهود "
قال أحمد لما سئل عن الدم كما في شرح العمدة لابن تيمية (1/105) : الدم والقيح عندك سواء ؟ قال : الدم لم يختلف الناس فيه، والقيح قد اختلف الناس فيها" وقال ابن حزم في كتابه (مراتب الإجماع/ 19) : واتفقوا على أن الكثير من أي دم كان حاشا دم السمك، وما لا يسيل دمه نجسا"ـ
قال النووي في المجموع (2/511) : والدلائل على نجاسة الدم متظاهرة، ولا أعلم فيه خلافا عن أحد من المسلمين إلا ما حكاه صاحب الحاوي عن بعض المتكلمين أنه قال : هو طاهر، ولكن المتكلمين لا يعتد بهم في الإجماع "وقال القرطبي كما في تفسيره (2/222): اتفق العلماء على أن الدم حرام نجسا" وقال ابن حجر كما في فتح الباري (1/352): والدم نجس اتفاقا " وذكر نحوه ابن القيم في بدائع الفوائد"
الرد عليه:

نجاسة الدم ليست محل إجماع ولا يثبت الإجماع ، لورود الخلاف عن الصحابة وعن التابعين ، كما في الآثار السابقة والسؤال الذي يطرح نفسه : لم لم يرد في غسل الدم حديث واحد ؟
بل ورد خلاف ذلك ، نقله النووي نفسه ولم أر دليلا صحيحا صريحا يدل على نجاسة الدم لمن قال بنجاسته قال الشوكاني:
وليس من أثبت الأحكام المنسوبة إلى الشرع بدون دليل بأقل إثما ممن أبطل ما قد ثبت دليله من الأحكام ، فالكل إما من التقول على الله تعالى بما لم يقل ، أو من إبطال ما قد شرعه لعباده بلا حجة اهـ
وهذه الكلمة من الشوكاني قاعدة عظيمة يعض عليها بالنواجذ

فإن قيل : إذا حكى النووي وغيره الإجماع على مسألة وهم ممن يعتد بهم في العلم والفضل وتواطأ على ذلك أئمة فلماذا لا يكون صحيحا ؟
فيجاب عن بـأن النووي نفسه قد نقل الخلاف في المسألة في المجموع ، وذكر بعض الأقوال في مذهبه هو والخلاف في نجاسة الدم من عدمه فقال :والصحيح عند الجمهور نجاسة الدم والفضلات وبه قطع العراقيون ، وخالفهم القاضي حسين فقال : الأصح طهارة الجميع ، والله أعلم
وقد يحمل نقل النووي للإجماع أن هذا القول لم يختلف فيه الشافعية وقد أجمعوا عليه ، على أنه ينتبه لشيء وهو أن قد يهمل بعض العلماء قول المخالف لأنه قد انعقد الإجماع قبله أو لا يعتد به في الخلاف كما قد صرح النووي بذلك في باب السواك شرح مسلم بإنه لا يعتد بخلاف الظاهرية وأحب أن أذكر أنه ليس كل من نقل الإجماع سلم له بذلك ، ولذا قال الإمام أحمد : وما يدريك أنهم أجمعوا ، لعلهم اختلفوا "

الدليل الثاني:
قوله تعالى: [ قل لا أجد فيما أوحي إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به]
الرد عليه:
إن تحريم الأكل لا يستلزم النجاسة ؛ لأن الآية نصت بقوله: [على طاعم يطعمه] ، فليس كل حرام نجس ، ولكن كل نجس حرام
الدليل الثالث:
حديث أسماء في الصحيحين قالت جاءت امرأة النبي (ص)فقالت : (أرأيت إحدانا تحيض في الثوب كيف تصنع ؟ قال : تحته ثم تقرصه بالماء وتنضحه وتصلي فيه ) (البخاري 227) ، (مسلم/ 291)
فهذا صريح في نجاسة دم الحيض، وتدخل سائر الدماء قياسا عليه"
الرد :

أن هذا قياس مع الفارق ، كما تقدم معنا في أدلة القول الأول ، ثم إن الحديث ليس على دم الحيض فالإجماع قد انعقد على نجاسته
الدليل الرابع :

حديث عائشة في قصة استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي (ص)فقالت : يا رسول الله إني امرأة استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة فقال رسول الله (ص): (لا إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي) (البخاري 228) ومسلم (333)
فقوله: (فاغسلي عنك الدم) فيه الأمر بغسله، ولو لم يكن نجسا لم يجب غسله
الرد:
أن الغسل بمثابة الاستنجاء من الدم الذي حكم له بأنه حيض حال إقباله وإدباره، فلم يتوجه الأمر بغسل دم الاستحاضة، والله أعلم كما أن القياس على المستحاضة قياس مع الفارق ، والقياس مع الفارق باطل عند جمهور الأصوليين فالمستحاضة تستثفر وتشد وسطها وتتوضأ لكل صلاة وتصلي"

والبحث في محل الخلاف خاص بالدم الذي تعم به البلوى ، من جراحات ونحوها فالحديث عن الدم الخارج من جراح ونحوها ، وهو ما قال فيه الحسن : ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم رواه البخاري تعليقا ورواه ابن أبي شيبة موصولا فأين هو النص على غسل ما أصابهم من جراحات بعد المعارك ؟
أو حتى الدليل على غسل الدم الخارج من غير السبيلين ؟سواء كان من جرح أو كان رعافا وأين الدليل على أن رسول الله (ص)نفسه غسل محاجمه بعد الحجامة ، وكان كثير الاحتجام ، كما صحت بذلك الأحاديث
والحاصل :أن هذه الأدلة وغيرها تدل على أن الدم ليس بنجس ، وليس بناقض للوضوء من باب أولى ويستثنى من ذلك دم الحيض فهو نجس
وما خرج من أحد السبيلين ( القبل أو الدبر ) لملاقاة النجاسة
وهذا هو الأصح ، مع اعتبار قول الجمهور ووجاهته ولكنه مرجوح ، ولا أنكر على من أخذ به ، كما أنني لا أقبل الإنكار منه ولا أقبل القول بالإجماع في المسألة"

وأدلة الفريق الثانى واهية فالأول وهو الإجماع لا يمكن أن يكون دليلا لكون إشراك للناس مع الله فى الحكم فالدليل هو نص الوحى لا غير والثانى وهو أن الآية المستشهد بها فى الكل وليس فى الطهارة وقد حرم الله سفك اى سفح دم الإنسان فقال :
"وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم"
والدليل الثالث وهو الرواية المنسوبة أسماء ليس فيها كلمة الدم وكما قلنا الحيض ليس دما وكذلك النفاس وإنما هى اطلاقات خاطئة كما قال الطب لكونها افرازات مخاطية ومائية وقليلا جدا دموية
والدليل الرابع وهو حديث المستحاضة فاطمة لو اعتبرناه صحيح فليس معنى طلب غسل الدم ثم الصلاة معناه نجاسة الدم لأن العرق حسب الكلام ينزل فى أى وقت وهو ينزل فى اثناء الصلاة ولا يمكن ساعتها ردعه وإنما المراد بغسله هو غسل الملابس حتى لا تفسد بسببه لأنها لو تجمد عليها فستكون إزالته من الملابس صعب كما أن شكلها سيكون غير مقبول
وحديث فاطمة رواياته متناقضة فى الكتب فيما يجب عليها فعله فمرة تتوضأ أو تغتسل لكل صلاة ومرة تجمع بين كل صلاتين
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس