عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 22-07-2009, 04:06 PM   #25
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

الباقي 12 شهرا

موعد للهزيمة في أفغانستان

عسكر البنتاغون أعطوا لأنفسهم عاما من الانتظار. ولكن بضعة هجمات ناجحة من جانب طالبان سوف تقول ما لا يستطيع البنتاغون قوله الآن.
ميدل ايست اونلاين
لندن- من احمد القبيسي
بالرغم من كل مزاعم "تحقيق التقدم" التي تطلقها مكاتب العلاقات العامة في البنتاغون، فالحقيقة هي ان المسؤولين العسكريين الأميركيين يشعرون بان حملتهم في أفغانستان تدور في الفراغ.
ولا يتوفر لدى الولايات المتحدة سوى أمل واحد وحيد، هو ان تسمح الانتخابات الرئاسية والمحلية التي تجرى في 20 اغسطس/آب المقبل بتغيير الإتجاه، وذلك بافتراض ظهور حكومة أقل فسادا وتشرع في تنفيذ مشاريع قد يمكنها الحد من نفوذ طالبان.
ولكن هذا الأمل يبدو مجرد وهم، إذا أخذ في نظر الاعتبار ان الفساد مستحكم في جذور النظام الذي اقامته الولايات المتحدة بقيادة حامد قرضاي.
الواقع يقول انه حتى لو أمكن التوصل الى إقامة حكومة مؤلفة من الملائكة فقط، فان مشاريع الاعمار تتطلب وقتا يبدو ان الولايات المتحدة لا تملكه أصلا.
ففي ظل العوز المستمر للقوات والمعدات، فان الأزمة الاقتصادية التي تعانيها الولايات المتحدة تجبرها على توفير كل ما تستطيع من موارد، وبالتالي فانها لا تجد بين يديها الإمكانيات لانفاق مفتوح الى ما لا نهاية.
الخميس الماضي حذر رئيس اركان الجيوش الاميركية الجنرال مايكل مولن من ان ناشطي طالبان في افغانستان اصبحوا اكثر عنفا وافضل تنظيما في السنوات الماضية وان القوات الدولية تواجه "معارك صعبة جدا".
وقال مولن في مقابلة مع تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية في قسمه العربي ان الجيش الاميركي يواجه فترة صعبة من 18 شهرا للمساعدة على ارساء الاستقرار في البلاد من اجل الشعب الافغاني ووقف التدهور الامني الذي بدأ قبل ثلاث سنوات.
وبدا مولن صريحا، بعض الشيء في الحديث عن مصير العملية كلها عندما قال: "الناس يسالونني الى متى؟ ولا اعلم الى متى".
وأضاف "اعلم ان الامن تدهور تدريجيا على مدى السنوات الثلاث او الثلاث والنصف الماضية منذ العام 2006. وأعلم ان حركة طالبان حسنت وضعها واصبحت اكثر عنفا واكثر تنظيما وبالتالي ستحصل معارك تترافق مع ذلك، وفي نهاية المطاف اذا اصلحنا الامور للشعب الافغاني فانه سيطرد طالبان، وهذا هو الجواب في مكافحة التمرد".
ولكن ماذا لو فشلت الولايات المتحدة في إصلاح ما أفسدته هي نفسها خلال ما يقرب من تسع سنوات؟
مولن وضع إطارا زمنيا لقبول الفشل، إذ قال "في الاشهر الـ12 الى 18 المقبلة علينا ان نبدأ بتغيير اتجاه الامور. لقد شهدنا ارتفاعا في معدل العنف وتراجعا في الامن بالنسبة للشعب الافغاني الذي اصبح غير واثق الان من مستقبله".
أما وزير الدفاع روبرت غيتش فقد كان أكثر تحديدا، بجعل المدة لا تتجاوز عاما واحدا، قائلا، ان على القوات التي تقودها الولايات المتحدة أن تحرز تقدما في أفغانستان بحلول الصيف المقبل "لتفادي تشكيل تصور لدى الرأي العام بأنه أصبح من المستحيل الانتصار في الصراع".
ومع ذلك، فقد أقر غيتس في حديث إلى صحيفة "لوس أنجلس تايمز" الأميركية ان هذا الانتصار هو "احتمال بعيد المدى" في إطار أي سيناريو. وقال بوضوح أشد، "ليس من المتوقع أن تنتصر الولايات المتحدة في الحرب في غضون سنة، لذلك دعا القوات الأميركية لكي تبدأ بتغيير الوضع في غضون السنة وإلاّ ستواجه خسارة تأييد الرأي العام".
واضاف غيتس "بعد تجربة العراق، لا أحد على استعداد لرحلة طويلة لا يبدو أننا نتقدم فيها"، مضيفاً "القوات تعبت والشعب الاميركي متعب جداً".
وفي العادة، فان وسائل الإعلام التي تتلقى إيحاءاتها من البنتاغون تقدم تجربة القوات الاميركية في العراق على انها "قصة نجاح". ولكن لا يني المسؤولون الأميركيون، بين الحين والآخر، عن تقديم حساب أقرب الى الحقيقة، وهو انهم فشلوا في كلا الحربين معا. وأقاموا نظامين يشكل الفساد والانحطاط الأخلاقي قاعدتهما المادية الوحيدة. وهو ما يجعلهما معزولين وعاجزين تماما عن تحقيق أي تقدم.
وبينما يطالب بعض المسؤولين، مثل وزير الدفاع البريطاني السابق جون هاتون بزيادة عدد القوات البريطانية في جنوب أفغانستان للتقليل من حجم الأخطار، فالحقيقة هي ان هذه الاخطار تتضاعف.
وكانت الولايات المتحدة نشرت 21 ألف جندي إضافي في أفغانستان واختارت قائداً جديداً للمساعدة في محاربة القاعدة وطالبان في جنوب وشرق البلاد. ولكنها فشلت في الواقع في تغيير الاتجاه الذي تسير فيه نحو الهزيمة.
ولا أحد يعرف ماذا يمكن لأي زيادة في القوات البريطانية ان تفعل، في الوقت الذي لا تجد حكومة رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون المال الكافي لتمويل مساعي الانعاش الاقتصادي.
ولا يجد الشركاء الآخرون في حلف الأطلسي ان لديهم الرغبة في ارسال المزيد من القوات الى المستنقع الأفغاني. وبرغم ان الرئيس الاميركي باراك اوباما حصل على تطمينات، ما تزال كلامية حتى الآن، بتوسيع المشاركات العسكرية للدول الأعضاء في الحلف، إلا ان الشيء الوحيد الذي حصل عليه بالفعل هو ان الكنديين والفرنسيين والبولنديين وغيرهم لم يعلنوا رغبتهم بالانسحاب، كما فعل حلفاؤه في العراق.
ومع تصاعد العمليات تزداد الخسائر لتزداد معها المشاعر بان الأمر كله لا يعدو كونه دورانا في الفراغ.
وكان حلف شمال الاطلسي اعلن الأحد ان 16 شخصا لقوا حتفهم في حادث تحطم طائرة هليكوبتر مدنية في قاعدة تابعة للحلف في جنوب افغانستان.
وبطبيعة الحال، فان الأطلسي سيقول ان هذه الطائرة سقطت، مثلما سقطت عدة طائرات هليكوبتر غيرها خلال الأسابيع الماضي، بحادث غير قتالي. لأن الاعتراف بنجاح طالبان في اسقاط طائرات الهليكوبتر، التي تعد الوسيلة الرئيسية لنقل الجنود، تحاشيا للطرق الوعرة والمليئة بالمقاتلين الأعداء، سوف يعني إعلانا للهزيمة.
ولكن لن يمض وقت طويل على انكشاف الحقيقة، خاصة إذا ما تكرر سقوط الطائرات بتلك "الحوادث غير القتالية". فمن ناحية، لن تستطيع مكاتب العلاقات العامة في البنتاغون ان تزعم ان تلك الطائرات تسقط لانها تصطدم بأعمدة الكهرباء. ومن ناحية أخرى، سوف يتساءل الناس: إذا كانت الطائرات تسقط مثل الذباب من دون قتال، فكم سيسقط منها إذا قاتلت؟
عسكر البنتاغون أعطوا لأنفسهم عاما من الانتظار. هذه هي حدود "قوس الصبر" فيما يبدو. ولكن بضعة هجمات ناجحة، فوق بضعة طائرات، سوف تقول ما لا يستطيع البنتاغون قوله الآن
________________________________________
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس