عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 18-06-2008, 03:09 AM   #28
جمال الشرباتي
كاتب إسلامي مميز
 
تاريخ التّسجيل: May 2007
المشاركات: 639
إرسال رسالة عبر MSN إلى جمال الشرباتي إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى جمال الشرباتي
إفتراضي

قال رحمه الله"


القول في تأويل قوله تعالى :
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15) .


قوله: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ) يقول: قد أفلح من زكَّى الله نفسه، فكثَّر تطهيرها من الكفر والمعاصي، وأصلحها بالصالحات من الأعمال.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
-------------------------------------
قال رحمه الله"

وهذا هو موضع القسم؛ ---عن قتادة، قال: قد وقع القسم ها هنا( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ) وقد ذكرتُ ما تقول أهل العربية في ذلك فيما مضى من نظائره قبل.

--------------------------------

قال رحمه الله"
وقوله: ( وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) يقول تعالى ذكره: وقد خاب في طِلبته، فلم يُدرك ما طلب والتمس لنفسه مِن الصلاح مَنْ دساها يعني: من دَسَّس الله نفسه فأَخْمَلها، ووضع منها، بخُذلانه إياها عن الهدى حتى ركب المعاصِيَ، وترك طاعة الله. وقيل: دسَّاها وهي دَسَّسها، فقُلبت إحدى سيناتها ياء، كما قال العجَّاج:

تَقَضِّيَ الْبازِي إذا البازِي كَسَرْ

يريد: تَقَضُّض. وتظنَّيت هذا الأمر، بمعنى: تظننت، والعرب تفعل ذلك كثيرا، فتبدل في الحرف المشدّدة بعض حروفه، ياء أحيانا، وواوا أحيانا؛ ومنه قول الآخر:

يَـذْهَبُ بِـي فِـي الشِّـعْرِ كُـلَّ فَنَّ


حــتى يَــرُدَّ عَنِّــي التَّظَنِّــي

يريد: التظنن .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ثمّ ذكر من قال ذلك:

-----------------------------------
قال رحمه الله"

وقوله: ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ) يقول: كذَّبت ثمود بطغيانها، يعني: بعذابها الذي وعدهموه صالح عليه السلام، فكان ذلك العذاب طاغيا طغى عليهم، كما قال جلّ ثناؤه: فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وإن كان فيه اختلاف بين أهل التأويل.
*ثمّ ذكر من قال القول الذي قلنا في ذلك:
---------------------------------------
قال رحمه الله"
وقال آخرون: بل معنى ذلك بأجمعها.
*ثمّ ذكر من قال ذلك:

--------------------------------------------------------------
قال رحمه الله"
وقيل ( طَغْوَاهَا ) بمعنى: طغيانهم، وهما مصدران للتوفيق بين رءوس الآي، إذ كانت الطغْوَى أشبه بسائر رءوس الآيات في هذه السورة، وذلك نظير قوله: وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ بمعنى: وآخر دعائهم.

------------------------------------
قال رحمه الله"

وقوله: ( إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا ) يقول: إذ ثار أشقى ثمود، وهو قُدَار بن سالف.
**قال: خطب رسول الله ، فذكر في خطبته الناقة، والذي عَقَرها، فقال: ( إذِ انْبَعَثَ أشْقَاهَا ) انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عارِمٌ، مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ، مِثْلُ أبي زَمْعَةَ".
------------------------------

قال رحمه الله"
وقوله: ( فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ) يعني بذلك جلّ ثناؤه: صالحا رسول الله ، فقال لثمود صالح: ( نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ) احذروا ناقة الله وسُقياها، وإنما حذّرهم سُقيا الناقة، لأنه كان تقدّم إليهم عن أمر الله، أن للناقة شِربَ يوم، ولهم شِرْب يومٍ آخر، غير يوم الناقة، على ما قد بيَّنت فيما مضى قبل.

----------------------------------------
قال رحمه الله"

وقوله: ( فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا ) يقول: فكذّبوا صالحا في خبره الذي أخبرهم به، من أن الله الذي جعل شِرْبَ الناقة يوما، ولهم شِرْبُ يوم معلوم، وأن الله يُحِلّ بهم نقمته، إن هم عقروها، كما وصفهم جلّ ثناؤه فقال: كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ، وقد يُحتمل أن يكون التكذيب بالعقْر. وإذا كان ذلك كذلك، جاز تقديم التكذيب قبل العقر، والعقر قبل التكذيب، وذلك أن كلّ فعل وقع عن سبب حَسُنَ ابتداؤه قبل السبب وبعده، كقول القائل: أعطيت فأحسنت، وأحسنت فأعطيت؛ لأن الإعطاء هو الإحسان، ومن الإحسان الإعطاء، وكذلك لو كان العقر هو سبب التكذيب، جاز تقديم أيّ ذلك شاء المتكلم. وقد زعم بعضهم أن قوله: ( فَكَذَّبُوهُ ) كلمة مكتفية بنفسها، وأن قوله: ( فَعَقَرُوهَا ) جواب لقوله: ( إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا ) كأنه قيل: إذ انبعث أشقاها فعقرها، فقال: وكيف قيل ( فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا ) وقد كان القوم قبل قتل الناقة مُسَلِّمين، لها شرب يوم، ولهم شرب يوم آخر. قيل: جاء الخبر أنهم بعد تسليمهم ذلك أجمعوا على منعها الشرب، ورضوا بقتلها، وعن رضا جميعهم قَتَلها قاتِلُها، وعقَرَها من عقرها ولذلك نُسب التكذيب والعقر إلى جميعهم، فقال جلّ ثناؤه: ( فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا ).
-------------------------------------------------
__________________
مؤسس ملتقى أهل التأويل
http://www.attaweel.com/vb/

جمال الشرباتي غير متصل   الرد مع إقتباس