عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 03-12-2009, 02:53 PM   #26
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي الحلقة الرابعة

4
...الفطور ...الفطور ...الفطور...أمدوني بكأس بلاستيكي دافئ وقطعة خبز خبز محشوة بشيء من الزبدة والمربي " كول باش تقول " صاح الموزع كعادته ساخرا . كلما وزعوا وجبة كرروا هذه اللازمة .

لن آكل سأتحدى. سأضرب عن الطعام احتجاجا على ظلمي وتواجدي هنا.
فزعت من الفكرة. وتراجعت عنها فورا حين ذكرت ما حكاه لي أحد المارين سابقا من هنا. حيث أرغموه على أكل "دانون" مخلوط بالبراز حين امتنع عن الأكل. ح -خ. بدوره حدثني أنهم سقوه في ولاية أمن مدينة فاس قارورة مياه مجاري, وبول آدمي. ونصف خبزة محشوة بعلبة سردين وكمية من البراز بعد تجويعه ومنع الماء عنه لمدة خمس أيام في عز أيام الحر كاد يهلك فيها جوعا وعطشا. حدث هذا قبل أن يرحلوه صوب المعتقل السري بتمارة حيث تبولوا مباشرة في فمه وأدخلوا عصا في دبره . ثم حاكموه بعشرين سنة سجنا مع الصائر . أي صائر ؟ّ! الله أعلم!!

شعرت بالقيء والتقزز, وأسرعت إلى الكأس. بصعوبة بالغة كنت أرفع يدي المقيدتان نحو شفتي المتورمتين . حولت القهوة الدافئة إلى حمام فم
(Bain bouche)

فكرة جيدة تكمد جراحات فمي الداخلية. اللهاة, اللثة, اللسان...رغم ما بدلته من جهد لحماية وجهي فقد وصلتني لكماتهم. أمضمض بالجرعة الدافئة أحولها في كل أرجاء فمي. وأحس ببعض من لذة وراحة مؤقتة من الألم أغرغرها في حلقي وحين تبرد أبتلعها.
.
.آلحاج...آلحاج...زدني شويه دالقهوه الله يرحم الوالدين "
في نبرات صوته مسحة من جنون وحمق. نجا من قبل حين شرع في الغناء مرددا مع الشريط...زيد دردك ...عاود دردك...لا أظنه ينجو هذه المرة خاصة وأن اليوم في أوله وقد يحتاجون لمن يفطروا عليه.
"مال أمك تحسب راسك في أوطيل خمس نجوم..."

نزلت على المسكين بضع ركلات من كل جانب وشرع في الصياح والإستغاثة بأمه "وآآآامي...وآآآمي... وآآآمي... بعد أن تركوه وانصرفوا نصحه جاره هامسا:
استغث بالله يا أخي هو المغيث...أمك لن تصنع لك شيئا هنا...الله هو المغيث القادر...ومثل هذه الإستغاثة بغيره لاتجوز...

فصرخ مرة أخرى : "...آلحاج...آلحاج... "
" مال أمك ياولد الق...ماشبعتش نزيدوك ..."
لا...لا آلحاج هذا راه كيتكلم معايا "
شكون هو فين هو دين مو ...جاؤوا يركضون...
"هذا...هذا أمسك بصاحبه ولم ينتظر أن يسألوه عما كان يكلمه به " يقول لي اسثغت بالله وحده لا شريك له..."

صاح أحدهم في غضب "هذا يحسب راسو عايق وشبعان فلسفه جيبو يماه"
جروا المسكين . ثم انهالوا عليه تعالى صراخه على الموسيقى الصاخبة. شرع جاري المعاق يتململ وكأنه يتوسد الشوك : اللهم سلم يا رب. خمنت أنه يريد ارتكاب حماقة هو الآخر. صراخ المسكين يزداد ويتعالى...

وكأن هذا العالم المجنون قد وضع سدادات في أذنيه وأحكم غلقهما حتى لا يسمع الآهات والأنين المنبعث من هنا. وما أدراك ما هنا!! حمزة لا بواكي له. صدقت يا -ع- " لن تبك عليك غير أمك "
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس