لك أن ترتدي الغياب
هنا نجد شيئًا يميز البداية هو المفاجأة بارتداء الغياب ، ونلحظ
اختلافًا بين الملموس والمحسوس ، فتشبي الغياب كأنه ثوب
يعطي للشيء صفة مناقضة لطبيعته وهذا من شأنه أن يجعل
الصورة أعمق في ذهن المتلقي .
أن تقولي لي : أنا هنا
أرفو بدلة العرس
أزرار قميصي المفضل
أرش على بقايا الجسد
عطر الأمومة
أعرف أنكم في الغرفة الأخرى
تخيطون الوقت
نفس الفكرة اتبعت في هذا المقطع في تخييط الوقت ، وهذا التعبير
عن حالة من القلق تتأتى من آخر ترتيبات المغادرة
ردائي الأخير
تقولون كان هنا
هذا حذاؤه
و هذه ساعته الأخيرة
أوصيكم بعنواني الأخير
بنخلة ترد برد المكان
كأس شاي لثلة من الأصدقاء
تلعب عناصر المكان والبيئة والذكرى دورًا في تعميق صورة الفراق ، والأشياء
التي يحبها الإنسان غالبًا ما يذكرها للتدليل على تعلقه بها . لهذا نجد التعلق
بالأشياء حاضرًا من خلال النخلة التي ترد برد المكان والبرد هنا هو البعد
والهجر . إن النص يتناول وصايا أخيرة قبل السفر وفيها توزيع للخطاب على
الزوجة ثم التفات إلى الأصدقاء ،والجميل أنه يحدث كل جانب بالخصائص المميزة له.
و لا تنسوا عصافير الحي:
فقليل من حبّ و أجنحة
و أقفاص من هواء
عصافير الحي تعبير ربما عن أيام الصبا والطفولة التي تكسب المكان عبقه،لهذا
كان عنصرًا يدور حوله النص ، غير أن الطفولة هذه لا يمكن أن تمحى ذكراها ،لهذا
فإنها تظل دائمًا محلقة طائرة . وبذكاء استخدم الكاتب هذا التعبير أقفاص من هواء
إذ أنها استحالة حقيقية يقصد بها استحالة أن تسجن الذكرى في فضاء القلب .
إن استخدام مثل هذه المصطلحات على سبيل التناقض يعطي صورة مغايرة للأشياء،
وتكتسب الاستحالة قوة في بناء النص لأنها أكدت على المعنى بأسلوب غير مباشر.
و أتركوا الباب واضحاَ
لأغفو كثيرا
إن الذكرى لابد أن تظل باقية في القلب وتبقى الذكرى كالبيت والذي
يكون بابه براءة القلب ، لهذا أتى هذا الجزء معبرًا عن مَعلم يرجو المبدع
بقاءه وهو البراءة ليستريح في خضم متاعب هذه الحياة .
نص جيد وبالتوفيق بإذن الله .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال
*** تهانينا للأحرار أحفاد المختار
آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 10-09-2010 الساعة 12:26 AM.
|