عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 12-05-2011, 12:16 PM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

تابع لما قبله

البردي والقرطاس

ترد في كتابات القدماء من مؤرخينا، البردي والقرطاس، ويرد في القرآن الكريم الصحيفة والكتاب والزبر، ويتوقف الدكتور يحيى الجبوري عند تعريف كل واحدة، من تلك الأسماء من المفيد المرور عليها قبل أن ندخل في البردي والقرطاس:

الصحيفة: وتدل على المكتوب وما يُكتب به ولم تُخصص لمادة معينة، فقد تكون جلداً أو ورقاً أو غيره. وقد وردت الصحيفة أو الصحف في القرآن الكريم 8 مرات { رسول من الله يتلو صحفا مطهرة []إن هذا لفي الصحف الأولى [] صحف إبراهيم وموسى[]في صحف مكرمة []بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة [] الخ.
والصحيفة في لسان العرب وجمعها صحائف كسفينة وجمعها سفائن وإن كانت تجمع سفن، والمصحف ما جمع الصحائف بين غلافيه.

الكتاب: والكتاب أعم من الصحيفة وأشمل، وقد ورد لفظ الكتاب بالقرآن الكريم (261) مرة. وهي تدل على الشيء المكتوب { و إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا []الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون } الخ

والكتاب في لسان العرب له أكثر من دلالة فوق دلالة ما هو معروف عنه، فهو الأمر وهو السؤال وهو الفرض (كُتب عليكم الصيام)، والكتيبة هي القوة المتحيزة المستعدة، فدلالته عند العرب أكبر من الصحيفة بلا شك.

عودة الى البردي والقرطاس:

لقد عرف العرب البردي منذ العصر الجاهلي وكانوا يطلقون عليه (القرطاس)، وهي كلمة يونانية (Chartes) ومعناها ما يُكتب عليه، وقد ورد في معلقة (طرفة ابن العبد) يصف فيها خَدَّ ناقته وكأنه قرطاس الشام:
وخَدٍ كقرطاس الشآمي ومِشفرٍ
كَسِبت اليماني قَدُهُ لم يُجَرّدِ
وقد أسماه طرفة بالقرطاس الشامي لأن الرومان الذين كانوا في الشام يستوردونه من مصر. ومصر تصنعه من البردي، بنقعه وتمديده فيكون بطول 30 ذراعا وعرض قدم. ووصف بعضهم (الفرد بتلر) عملية تصنيعه، بأنه يقدد وينقع بالصمغ العربي لمدة ساعة تقريباً ثم يضغط بعد تصليب شرائحه مع بعض، وبإمكان الزائر لمصر (هذه الأيام) أن يرى خطوات تصنيعه بوضوح.

ولم تكن مصر وحدها تنتج البردي، بل كانت صقلية تنتجه بمواصفات قريبة من المصرية وهناك من يقول أن صناعته انتقلت لصقلية من مصر.

وورد القرطاس في القرآن الكريم { ولو نزلنا عليك كتاب في قرطاس} الأنعام 7، وفي قوله تعالى أيضاً { تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا} الأنعام 91.

الورق (الكاغد)

معروف، أن أصل الورق من الصين، وكان العرب يطلقون عليه (كاغَد) بفتح الغين، واللفظ فارسي ويقال أنه صيني. وقد استحسن العرب الكتابة على الورق بعد فتحهم خراسان وسمرقند، وقد سميت أصناف الورق بأسماء الولاة أو الخلفاء، فكان الورق السليماني نسبة الى (سليمان بن راشد) الذي كان والياً على خراسان زمن الرشيد. والورق (النوحي) نسبة الى نوح الساماني أحد أمراء دولة بني سامان، والورق المأموني نسبة الى الخليفة المأمون.

وقد سبقت (سمرقند) المُدن الإسلامية في صناعة الورق، ثم دخلت صناعته المدن الإسلامية من بغداد في نهاية القرن الثاني الهجري الى قرطبة*1. وكانت أحجام الورق بطول ذراع بذراع للورق البغدادي الكامل، وينقص أربع أصابع في الورق البغدادي الناقص، وكان يُكتب للناس بحجم ورقة حسب أهميتهم، فيكتب للخلفاء على ثلثي ورقة، ويكتب للولاة على نصف ورقة، والى العمال (حكام المدن) على ثلث ورقة، والى التجار على ربع ورقة، والى الحُسّاب على سدس ورقة الخ.*1

القلم


كانت الأقلام عند السومريين تُصنع من الحديد أو الحجر أو الخشب للضغط على الطين بواسطتها. والقلم عند العرب يؤخذ من سعف النخيل أو القصب ويُقَّط أو يبرى ثم يُغمس في المداد، وقد يستخدم ريش الطيور لنفس الغرض. وقد ورد القلم في القرآن الكريم أربع مرات: مرتان بصيغة المفرد ومرتان بصيغة الجمع {ن والقلم وما يسطرون}، و {...الذي علم بالقلم}؛ {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم ايهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون} و { ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم}

وكان للأقلام مقاسات تقاس بشعرة (البرذون)*3، أعرضها 24 شعرة، إلا ما كان يُكتب به على الجدران فهو خارج القياس.

المداد والدواة

والمداد ما يمد القلم ليبقى يكتب، وهو غير ملون بخلاف الحبر، والمداد أصله من الصين، وقد صنعه العرب فيما بعد بخلط الصمغ والزاج والعفص*4 ويسمى الحبر المطبوخ وهو يناسب الرق (الكتابة على الجلود)، ويكون لامعاً براقاً. أما الحبر المستخدم في الكتابة على الورق فيكون من (سنا) حرق نباتات دهنية كالآس أو بذر الفجل والكتان الخ.

ويصف (ابن مُقلة) الخطاط العباسي المعروف أحسن أنواع الحبر فيقول: (أجود المداد ما أُخِذَ من سخام النفط حيث يؤخذ ثلاثة أرطال منه وينخل جيداً ويضاف عليه رطلاً من العسل، و15 درهما من الملح و10 دراهم من العفص وثلاث أمثال هذه الكمية من الماء وتوضع على نارٍ هادئة وتخلط جيداً حتى تثخن ويُحتفظ بها لحين الحاجة)*5

الدواة والليقة
الدواة هي الآنية التي يوضع بها المداد (الحبر)، وقد انتبه العرب الى أن أفضل الأواني للحبر، هي التي تكون كروية، حتى لا يجف الحبر في الأواني المربعة أو غير الدائرية. والليقة هي قطعة الصوف التي توضع داخل الدواة. وقد تكون الليقة من القطن أو الحرير.

وقد صنع العرب الدواة من الخشب والحديد والنحاس والفخار، ثم صنعوها فيما بعد من الزجاج. ويعتبر الاستمداد (أي أخذ الحبر والمداد من الدواة) من الفنون التي من لا يعرفها لا يعرف فن الكتابة كما قال المقّر العلائي (من لم يحسن الاستمداد وبري القلم لا يحسن الكتابة). وقال عماد الدين ابن العفيف (إذا أمد الكاتب فليكن القلم بين أصابعه على صورة إمساكه له حين الكتابة).

هوامش
*1ـ مقدمة ابن خلدون ص 206
*2ـ القلقشندي/ صبح الأعشى 6/189
*3ـ البرذون: حيوان أمه الفرس وأبوه الحمار، تتدلى أذناه، ويثخن شعره.
*4ـ العفص: نبات (دغل) بري ينبت في قرب نهر دجلة، ويثمر ثمرة تشبه ثمرة السرو بحجم ثمرة الجوز، عندما يدق يخرج منه مسحوقاً ناعماً جداً، يستعمله العشابون لمعالجة الزحار والإسهال، ومرضى القرحة.
*5ـ القلقشندي/ صبح الأعشى 2/464
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس