الموضوع: المعلقات العشر
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-05-2007, 02:00 AM   #63
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

أفصى بن دعمي بن خويلد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
[قال أبو عمرو الشيباني كانت بنو تغلب بن وائل من أشد الناس في الجاهلية وقالوا: لو أبطأ الإسلام قليلا لأكلت بنو تغلب الناس.
ويقال: جاء ناس من بني تغلب إلى بكر بن وائل يستسقونهم فطردتهم بكر للحقد الذي كان بينهم، فمات منهم سبعون رجلا عطشا، ثم إن بني تغلب اجتمعوا لحرب بكر بن وائل، واستعدت لهم بكر حتى إذا التقوا كره كل صاحبه، وخافوا أن تعود الحرب بينهم كما كانت، فدعا بعضهم بعضا إلى الصلح، فتحاكموا في ذلك إلى الملك عمرو بن هند، فقال عمرو: ما كنت لأحكم بينكم؛ حتى تأتوني بسبعين رجلا من أشراف بكر بن وائل فأجعلهم في وثاق عندي، فإن كان الحق لبني تغلب دفعتهم إليه، وإن لم يكن لهم حق خليت سبيلهم، ففعلوا وتواعدوا ليوم بعينه يجتمعون فيه.
فقال الملك لجلساته: من ترون تأتي به تغلب لمقامها هذا؟ فقالوا شاعرهم وسيدهم عمرو بن كلثوم، قال: فبكر بن وائل؟ فاختلفوا عليه وذكروا غير واحد من أشراف بكر بن وائل.
قال: كلا والله لا تفرج بكر بن وائل إلا عن الشيخ الأصم يعثر في ريطته فيمنعه الكرم من أن يرفعها قائده فيضعها على عاتقه.
فلما أصبحوا جاءت تغلب يقودها عمرو بن كلثوم حتى جلس إلى الملك. وقال الحارث بن حلزة لقومه: إني قد قلت خطبة فمن قام بها ظفر بحجته، وفلج على خصمه فرواها ناسا منهم، فلما قاموا بين يديه لم يرضهم، فحين علم أنه لا يقوم بها أحد مقامه. قال لهم: والله إني لأكره أن آتي الملك، فيكلمني من وراء سبعة ستور، وينضح أثري بالماء إذا انصرفت عنه، وذلك لبرص كان به، غير أني لا أرى أحدا يقوم بها مقامي، وأنا محتمل ذلك لكم.
فانطلق حتى أتى الملك، فلما نظر إليه عمرو بن كلثوم قال للملك، أهذا يناطقني، وهو لا يطيق صدر راحلته؟ فأجابه الملك حتى أفحمه، وأنشد الحارث قصيدته "آذنتنا ببينها أسماء" وهو من وراء سبعة ستور، وهند تسمع، فلما سمعتها قالت: تالله ما رأيت كاليوم قط رجلا يقول مثل هذا القول يكلم من وراء سبعة ستور.
فقال الملك: ارفعوا سترا ودنا فما زالت تقول ويرفع ستر، فستر حتى صار مع الملك على مجلسه، ثم أطعمه من جفنته، وأمر ألا ينضح أثره بالماء، وجز نواصي السبعين الذين كانوا في يديه من بكر، ودفعها إلى الحارث، وأمر ألا ينشد قصيدته إلا متوضئا.
فلم تزل تلك النواصي في بني يشكر بن الحارث، وهو من ثعلبة بن غنم من بني مالك بن ثعلبة.
وأنشد عمرو بن كلثوم قصيدته].
[وقال عمرو بن كلثوم يذكر أيام بني تغلب ويفتخر بهم].
يمكن أن يلاحظ المرء في هذه القصة ما يلي: 1- تعاطف عمرو بن هند مع بني بكر منذ البداية حينما وصف حارث بن حلزة.
2- إن قصيدة الحارث رقيقة لطيفة ولكنها لا تكفل بدفع الحق عن بني بكر فهم الذين دفعوا رجال تغلب إلى الموت لعدم تركهم يشربون.
3- لم يقض عمرو بن هند بشيء فجز نواصي بني بكر إدانة واضحة لكنه لم يمكن بني تغلب من رقابهم كما وعد.
4- هذا الموقف المنحاز دفع بعمرو بن كلثوم لقتل عمرو بن هند كما تقول روايات التاريخ في صدام عمرو بن كلثوم مع عمرو بن هند.
5- قصيدة عمرو بن كلثوم ليست قطعة واحدة كما يشم من هذا الخبر ومن خبر مقتل عمرو بن هند ولهذه فهما مكملتان لبعضهما أدمجتا في قصيدة واحدة.
أ?- القصيدة التي قيلت في هذا الموقف.
ب?- القصيدة التي قيلت في موقف وعرفنا كل قسم بمفرده.
[قال الشيخ أبو عبيد الله المرزباني رحمه الله تعالى: وقد روي أن طرفة قال هذا القول لعمرو بن كلثوم التغلبي فحدثني علي بن عبد الرحمن، قال: أخبرني يحيى بن علي المنجم عن أبيه عن محمد بن سلام قال: وفد طرفة بن العبد على عمرو بن هند فأنشده شعرا له وصف فيه جملا والهاء يجب أن تعود على عمرو بن كلثوم ليتم المعنى والصواب فأنشده عمرو شعرا له وصف فيه فبينما هو في وصفه خرج إلى ما توصف به الناقة فقال له طرفة: استنوق الجمل فغضب عمرو بن كلثوم وهايج طرفة، وكان ميل عمرو بن هند مع طرفة، فاستعلاه عمرو بن كلثوم بفضل السن والعلم فقال طرفة أبياتا يفخر فيها ببكر على تغلب وأولها:
أشجاك الربع أم قدمه أم رماد دارس حممه
فانصرف عمرو بن كلثوم مغضبا بفخر طرفة عليه وميل عمرو بن هند مع طرفة فقال قصيدته:
ألا هبي بصحنك فأصبحينا
ففخر على بكر بن وائل فخرا كثيرا، وعاد عمرو بن هند فأنشده فلم يقم طرفة ولم يكن عنده رد ورحل عمرو بن كلثوم إلى قومه، وأشاع حديث عمرو بن كلثوم، فأحمش البكرية، فبلغ ذلك الحارث بن حلزة اليشكري ويشكر هو ابن وائل فقال "آذنتنا ببينها أسماء".
وكان الحارث أبرص، ولم يكن يدخل على عمرو بن هند ذو عاهة، فمكث ببابه لا يصل إليه حتى خرج عمرو بن هند متمطرا غب سماء، فقعد في قبة له، فوقف الحارث بن حلزة خلف القبة فأنشد القصيدة، فلما سمعها عمرو دعاه، فأكرمه وأدناه.
ألا هبي بصحنك فأصبحينا ولا تبقي خمور الأندرينا
ألا انتباه: هبي أي انتبهي وقومي من منامك، والصحن: القدح الكبير، ويقال الصغير، ويقال القصير الجدار، وقوله فأصبحينا: أي فاسقينا الصبوح وهو شرب أول النهار ولا تبقي خمور الأندرينا أي لا بتعثيها لغيرنا، وتسقيها لسوانا والأندرين قرية من قرى الشام.
وكأس قد شربت ببعـلـبـك وأخرى في بلاحس قاصرينا
وعاذينا بـهـا أن الـمـنـايا لعمرك من وراء المشفقينـا
مشعشعة كأن الحص فـيهـا إذا ما الماء خالطها سخينـا
الحص: صبغ أحمر، وقيل هو الورس، وقيل هو الزعفران، قوله سخينا: أراد به سخن الماء، لأنهم كانوا يموجون الخمرة بالماء الساخن في الشتاء، وقيل بل هو من سخا الرجل يسخو إذا جاد بما في يديه.
تجور بذي اللبانة عن هواه إذا ما ذاقها حتى يلينـا
تجور: تميل به وتعدل عن هواه، اللبانة الحاجة: أي حتى يعدل عن حاجته ويلين لأصحابه، ويجلس معهم.
ترى اللحز إذا أمرت عليه لماله فيها مهينا
إذا مرت أديرت، لماله مهينا أي إنفاقه إهانته، وإكرامه: جمعه وحفظه.
[كأن الشهب في الآذان منها إذا قرعوا بحافتها الجبينا]
إنا سوف تدركنا الـمـنـايا مقدرة لنا ومـقـدرينـا
مقدرة لنا أي قدرت لنا، وقدرنا لها، ومقدرة نصب على الحال.
وما شر الثلاثة أم عـمـرو بصاحبك الذي لا تصبحينـا
صددت الكأس عنا أم عمرو وكان الكأس مجراها اليمينا
ويروى هذان البيتان لعمرو ابن أخت جذيمة الأبرش.
صددت: أي منعت اليمينا منصوب على الظرف أي ناحية اليمين.
[إذا صمدت حمـياهـا أريبـا من الفتيان خلت به جنـونـا
فما برحت مجال الشراب حتى تغالوها، وقالوا: قد روينـا]
وإن غـدا وإن الـيوم رهـن وبعد غد بما لا تعلـمـينـا
قفي قبل التفرق يا ظـعـينـا نخبرك اليقين وتخـبـرينـا
الظعينة المرأة في الهودج، وأراد يا ظعينة، فرخم وأشبع الفتحة فنشأت منها الألف.
بيوم كريهة ضربا وطعنا أقربه مواليك العيونـا
الكريهة الحرب، ضربا وطعنا منصوبان على الحال أو على المصدر، والضمير في به عائد على اليوم، والموالي بنو العم الواحد مولى.
قفي نسألك هل أحدثت صرما لوشك البين أم خنت الأمينا
الصرم القطيعة، والصريمة كذلك يقال صرم حبله: أي قطعه، والوشك: السرعة والقرب، ومنه يوشك أن يفعل كما جاء في عسى على التشبيه بكاد.
خنت فعلت من الخيانة، والأمين: القوي، وقيل الثقة الحافظ للسر الذي استودع.
[أفي ليلى يعاتبني أبـوهـا وإخوتها وهم لي ظالمونا]
تريك إذا دخلت على خلاء وقد أمنت عيون الكاشحينا
الخلا من الخلوة من الرقباء والكاشحين الأعداء المبغضين وهو مأخوذ من الكشح، وهو الجنب كأنه يضم عدواته فيه ويروى تريك وقد دخلت.
ذراعي عيطل أدماء بكر تربعت الأجارع والمتونا
ويروى الأراجع. أي تريك هذه المرأة ذراعي عيطل، تربعت من الربيع، والمتون جمع متن وهو المرتفع من الأرض الغليظة، ومنه قيل فلان متين.
وثديا مثل حق العاج رخصا حصانا من أكف اللامسينا
أي على ناهد مثل حق العاج، وهو جمع حقه، شبه الثدي به، فهو ناهد في الصدر والحصان الممتنع، واللامسون: يعني بهم أهل الريبة، ويجوز أن يكون حصانا من نعت الثدي، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في تريك.
[ووجها مثل ضوء البدر وافى بإتمام أناسا مـدجـنـينـا]
ومتني لدنة طالـت ولانـت روادفها تنوء بمـا يلـينـا
ويروى مماولينا، المتن جانب القنا، من نصف الصلب إلى أسفله، لدنة أي لينة، أراد به القنا، شبه المرأة بقوامها، والروادف جمع ردف، وذلك مما يلي العجيزة، وما يرتدفها من أسفل الظهر، الواحد ردف ويجمع أيضا على أرداف كجذع وأجذاع إلا أنه على رادفة وروادف كضاربة وضوارب، تنوء: تنهض بتثاقل، بما يلينا، أي بما يلي الروادف من العجز.
[ومأكمة يضيق الباب عتها وكشحا قد جننت به جنونا
وسالفتني رخام أو بلـنـط يرن خشاش حليهما رنينا]
فراجعت الصبا، واشتقت لما رأيت حمولها أصلا حدينا
أصل جمع أصيل حدين سيقت.
وأعرضت اليمامة واشمخرت كأسياف بأيدي مصلتـينـا
أعرضت: ظهرت، اليمامة اسم امرأة من بنات ثمود بن عاد سميت البلد بها، وكانت البلدة يقال لها جو، واشمخرت طالت أي بدت مستطيلة، ومنها شمروخ للجبال إذا كان عاليا والجمع شماريخ، والكاف في موضع نصب على أنها نعت لمصدر محذوف.
فما وجدت كوجدي أم سقب أضلته فرجعت الحنينـا
ولا شمطاء لم يترك شقاها لها من تسعة إلا جنـينـا
الشمطاء: المرأة المسنة، وحزنها من حزن الشابة، من تسعة أي من تسعة أولاد، إلا جنينا إلا ولدا في بطن أمه الشمطاء لأن الشمطاء ترجو الولد، والجنين المدفون لأنه يقال للقبر الجنين وللميت الجنين،وإذا خرج الولد من بطن أمه زال عنه هذا الاسم.
أبا هند فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبرك اليقينا
يعني ذلك عمرو بن هند بن المنذر وهو ابن المنذر أي تمهل فإنه سيأتيك اليقين.
بأنا نورد الرايات بـيضـا ونصدرهن حمرا قد روينا
روين: يعني الرايات من الدماء، نوردها كما نورد الإبل للماء والألف فيه لفتحة النون.
أيام لـنـا غـير طـوال عصينا الملك فيها أن ندينا
وعلى الهامش، ويروى بأيام لنا غير طوال، ويروى بكسر اللام وهي لغة ربيعة وجاء عند سيبويه على الكسرة والضمة للهاء كما في (بورقكم) (الكهف) ويجوز عند سيبويه إسكان الضمة والكسرة في الحرف الثاني من الكلمة الثلاثية وكما يقال عضد عضد ولا يجوز هذا في الفتحة، فلا يقال في جَمَل جَمل لأن الفتحة خفيفة.
عصينا إي إنا عصينا الملوك قبلك فلا يخوفنا الوعيد وجعل الأيام طوالا لما قبلها من الحروب والوقائع وهي على نسق بأنا نورد.
وسيد معشر قد تؤجوه=بتاج الملك يحمي المحجرينا ويروى قد عصبوه، والمحجرون محجر وهم الذين ألجئوا إلى الضيق وقد أحاطت بهم الخيل من كل وجه فاستلموا للموت.
تركنا الخيل عاكفة عليه مقلدة أعنتها صفونـا
عاكفة: أي دارت بهم الخيل، ويروى عاطفة عليه وصفون جمع صافن وهي من الخيل القائمة على ثلاث قوائم من التعب.
وقد هرت كلاب الحي منا وشذبنا قتادة من يلـينـا
ومعنى: كلاب الحي: الرجال الذين يكمنون في الحرب، أي لما دار علينا السلاح نبحت، وشذبنا من التشذيب وهو التفريق، وذلك أنه يأخذ من الشجرة أغصانها: أي مزقنا جمعهم وذللناهم. والقتادة شجر لها شوك أي فرقناهم كما يفرق الشوك وقوله من يلينا: من ولي حربنا أو من يقرب منا من أعدائنا.
[وأنزلنا البيوت بذي طـلـوح إلى الشامات ننفي الموعدينا]
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس