الموضوع: المعلقات العشر
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-05-2007, 01:23 AM   #43
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

فإذا فتحت جيمها مددت، فقلت الجلاء.
وقال أبو جعفر النحاس: الجلى الأمر الجليل، وأنثه على معنى القصة والحال، ويقال جليل وجلال كما يقول طويل وطوال، وقولهم جلل للعظيم على بابه، وجلل للصغير على بابه من الجلى، وهو الشيء الذي لا يعبأ به، ويجوز أن يكون جلل لما جاوز في العظم والصغر، وقالوا في قوله تعالى (إن الله لا يستحى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقهما) في الصغر.
وإن يقذفوا بالقذع عرضك أسقهم بكأس حياض الموت قبل التهدد
ويروى "بشرب حياض الموت قبل التنجد" القذع اللفظ القبيح، والشتم الفاحش، والعرض النفس، أي أن شتمك الأعداء عاقبتهم قبل أن أتهددهم والتنجد: الاجتهاد.
بلا حدث أحدثتـه وكـمـحـدث هجائي وقذفي بالشكاة ومطردي
الباء في بلا حدث يجوز أن تكون متعلقة بينأ عني، ويجوز أن تكون متعلقة بقوله يلوم، وبقوله وأيأسني من كل خير، والكاف في كمحدث في موضع رفع المعنى هو كمحدث وهجائي أي هو معتمد علي ويجوز أن يكون المعنى وأنا كمحدث هجائي أي قد صيرتني بمنزلة من قد فعل هذا به ومنه روي مطرد بضم الميم، فهو من أطرده إذا جعله طريدا ومن فتح الميم، فهو من طرده إذا أنجاه.
ومن روى كمحدث بفتح الدال فمن كسرها أراد الرجل الذي هجاني كرجل أحدث حدثا عظيما، ومن فتحها أراد هجائي كأمر محدث عظيم.
قال الأصمعي: يقال هجا غرثه، وأهجى غرثه إذا كسره والهجاء الذم، وفلانة تهجو زوجها أي تذم صحبته، وقال في قوله كمحدث بفتح الدال أي كأحداث شكايته.
فلو كان مولاي امرءاً هو غيره لفرج كربي أو لأنظرني غدي
ويروى، فلو كان مولاي ابن اصرم مسهر ومولاي في موضع نصب خبر كان في هذه الرواية، وفي الرواية الأولى في موضع رفع اسم كان ويجوز أن يروى فلو كان مولاي امرؤ على أن يكون امرؤ اسم كان ومولاي الخبر ويكون قوله:
كأن سبيئة من بـيت رأس يكون مزاجها عسل وماء
إلا أنه في بيت طرفة أحسن، لأنه وصله بقوله: هو غيره، فقارب المعرفة وقوله لفرج كربي أي أعانني على ما نزل بي من الهم أو لأنظرني إلى غدي تأنى علي فلم يعجلني.
ولكن مولاي امرؤ هو خانـقـي على الشكر والتسآل أو أنا مفتدي
معناه: يسألني أن أشكر أو أفندي منه. وقال الأصمعي: أو أنا مفتد منه، ويروى أو أنا معتدي أي معتد عليه.
وظلم ذوي القربي أشد مـضـاضة على المرء من وقع الحسام المهند
قيل أن هذا البيت لعدي بن زيد العبادي وليس من هذه القصيدة وقوله أشد مضاضة أي أشد حرقة من قولهم مض وأمض.
فذرني وخلقي، إنني لك شاكر ولو حل نائيا عند ضرغـد
ضرغد اسم جبل وهو حرة بأرض غطفان.
فلو شاء ربي كنت قيس بن خـالـد ولو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد
قال أبو عبيدة قيس بن خالد من بني شيبان، وعمرو بن مرثد ابن عم طرفة. فلما بلغ الخبر عمرو بن مرثد، وجه إلى طرفة فقال له: أما الولد فإن الله يعطيكم وأما المال، فسنجعلك به أسوتنا، فدعا ولده، وكانوا سبعة، فأمر كل واحد، فدفع إلى طرفة عشرا من الإبل، ثم أمر ثلاثة من بني بنيه، فدفع كل منهم إلى طرفة عشرا من الإبل.

فألفيت ذا مال كثير وعادني بنون كرام سادة لمسـود
ويروى لموسد، ويروى فأصبحت ذا مال، يقال عادني واعتادني، وزارني وازدراني.
وقوله: سادة لمسودة أي سادة سيد كما يقال شريف لشريف أي شريف ابن شريف.
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه خشاش كرأس الحبة المتوقـد
الضرب: الرجل الخفيف اللحم، يقول أنا الضرب الذي عرفتموه، والعرب تمدح بخفة اللحم لأن كثرته داعية للكسل، والفشل والثقل، ويمنع من الإسراع في دفع الملمات، وكشف المهمات، ويروى الجعد أي المجتمع الشديد والخشاش الرجل الذي يخش في الأمور ذكاء ومضاء.
روى الأصمعي خشاش بكسر الخاء، ويروى بحاء مهملة، وقال: كل شيء خشاش بالكسر إلا خشاش الطير لخسيسه. وقوله: كرأس الحية، العرب تقول لكل متحرك نشيط: رأسه كرأس الحية، وأما الحديث الذي روى في صفة الدجال كان رأسه أصلة فإن الأصلة الأفعى، والمتوقد: الذكي، يقال توقدت النار توقدا، ووقدت تقد وقدانا ووقدا ووقدة.
فآليت لا ينفك كشحي بطـانة لعضب رقيق الشفرتين مهند
ويروى لأبيض عضب، ومعناه لا يزال جنبي لاصقا بالسيف.
حسام إذا ما قمت منتـصـرا بـه كفى العود منه البدء ليس بمعضد
الحسام: القاطع، وقوله كفى العود أي كفت الضربة الأولى من أن يعود. وقولهم رجع عوده على بدئه أي رجع ناقضا لمجيئه.
وعوده منصوبا لأنه في موضع الحال عند سيبويه، ويجوز أن يكون مفعولا به لأنه يقال رجع الشيء ورجعته، ويجوز عوده على بدئه أي وهذه حاله، كما تقول كلمته فوه إلى في، وإن شئت نصبته. والمعضد الكال الذي يعضد به الشجر، وقوله: منتصرا معناه متابعا للضرب. ويقال قد تناصر القوم على رؤية الهلال إذا تتابعوا، ونصر الله أرض بني فلان إذا جادها بالمطر ويقال منتصرا أي ناصرا.
أخي ثقة لا ينثني عن ضريبة إذا قيل مهلا قال حاجزه قد
لا ينثني: لا ينبو، ولا يعوج، والضريبة المضروبة، وحاجزه حده، قد أي قد فرغ.
إذا ابتدر القوم السلاح وجدتني منيعا إذا بلت بـقـائمة يدي
أي إذا عجلوا إليه وتبادروا، ومنه يقال ناقة بدرية إذا كانت تبكر اللقاح وتنتج قبل الإبل، وذلك من فضل قوتها وجودتها، قال الراجز:
لسالم إن سكت العشية عن البكاء ناقة بدرية
والسلاح يذكر ويؤنث. ويروى وجدتني بضم التاء. المنيع الذي لا يوصل إليه، وبلت ظفرت، وتمكنت وقائم السيف مقبضه.
وبرك هجود قد أثارت مخافتي نواديها، أمشي بعضب مجرد
البرك القطعة من الإبل، وقال أبو عبيدة: البرك ما يقع على جميع ما يبرك من الجمال والنوق على الماء وبالفلاة، ومن حر الشمس أو السبع الواحد بارك، والأنثى باركة، وقيل برك لاجتماع مباركها. ويقال للمصدر برك وبركة، ويقال: إن البركة مشتقة من البرك لأن معناها خير مقيم، وسرور يدوم.
وقوله مبارك معناه الخير يأتي بنزوله، وتبارك الله منه. ونواديها: ما ند منها. ويروى هواديها وهو أوائلها.
ويروى بواديها، وإنما خص النوادي لأنه أراد لا تفلت من عقري ما قرب ولا ما شذ، وأمشي حال. أي قد أثارت مخافتي نوادي هذه البرك في حال مشيي إليه بالسيف مجردا مسلولا.
فمرت كهاة ذات خيف جلالة عقيلة شيخ بالوبيل يلـنـدد
أي الناقة، والكهاة الضخمة السمينة، والخيف جلد الضرع الأعلى الذي يسمى الجراب، وناقة خيفاء إذا كان ضرعها كبيرا، والجلالة والجليلة العظيمة، والوبيل: العصا، وقيل هي خشبة القصارين، وكل ثقيل وبيل، واليلندد الشديد الخصومة.
يقول وقد نز الوظيف وساقها ألست ترى أن قد أتيت بمؤيد
نز الوظيف وأنزرته: قطعته. والوظيف عظم الساق، والذراع. بمؤيد: الداهية ويروى بمؤبد: أي جئت بأمر شديد تشدد فيه من عقرك هذه الناقة.
وقال ألا ماذا ترون بشارب شديد علينا بغية متعمـد
ويروى بسخطه متعبد، والمتعبد الظلوم قال الشاعر:
يرى المتعبدون علي دوني أسود خفية القلب الرقابا
وموضع ماذا نصب بترون، ويجوز أن تجعل ما في الوضع رفع ويكون التقدير ما الذي ترون بشارب؟
فقال ذروه إنما نفعـهـا لـه وإلا تردوا قاصي البرك يزدد
وروى الحسن بن كيسان فقالوا ذروه، وهو الصواب لأن معناه وقال الشيخ يشكو طرفة إلى الناس، فقالوا يعني الناس ومن روى فقال فروايته بعيدة، لأنه يحتاج إلى تقدير فاعل، والهاء في قوله ذروه تعود على طرفة وكذلك في قوله نفعها له.
وقال أبو الحسن الهاء في قوله ذروه عائد يعود على طرفة وفي قوله نفعها له على الشيخ، وقاصي البرك منه إن لم تردده يزد في عقره. ويروى تزدد بالتاء؛ أي تزداد نفارا أي ذروه ولا تلتفتوا إليه واطلبوا أقاصي البرك لا يذهب على وجهه.
.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس