عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 12-10-2010, 03:17 PM   #63
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

( الحلقة قبل الأخيرة)
الصفحات 905ـ 923
الفصل الثاني والخمسين: الأصوات الغربية إزاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي: حالة الأدب الشعبي ..

تقديم: توان فان تيفلين .. أستاذة بجامعة أمستردام

أولاً: الأصوات والقوة

تمهد الباحثة (توان فان تيفلين) لبحثها بالتنويه والاستناد والانطلاق من أعمال الباحث الروسي (باختين) الذي يولي الأصوات والحوار دوراً جوهرياً في إيصال الخطاب، فهو يميز بين الخطاب الرسمي والخطاب الشعبي، حيث يقوم الخطاب الرسمي على تفسيخ الحوار الجاري طامسة العفوية والأصالة، ويمثل الجانب الرسمي والسياسي ويدافع عنه، ولا تنتقص الباحثة من أثر الخطاب الرسمي وقوته. أما الخطاب الشعبي فيكون مليئاً بالمشاعر والأصالة وأثره ضعيفاً في تغيير مجرى الأحداث.

أرادت الباحثة أن تركب موج (باختين) لتتبع مجرى الخطاب المتعلق بفلسطين والكيان الصهيوني، وتشير بطرف خفي لضعف خطاب العرب والفلسطينيين وأنصارهم واتصافه بالسذاجة والتهديد الفارغ، في حين يتصف خطاب الصهاينة وأنصارهم بالدهاء والقدرة على التأثير.

ثانياً: الأدب الشعبي

يُعد هذا النوع من الأدب بجمهوره العريض من أبلغ السبل لإعادة إنتاج وتعديل التعريفات الرسمية حول العلاقات الدولية. ويستغل الأدب الشعبي الانقسام القائم بين ما هو شعبي وما هو رسمي. ويسعى الخيال الشعبي الى تقويض ما هو رسمي. وللسلطة الشعبية منبعان رئيسيان يظهران بانتظام عبر الروايات الشائعة أكثر: أولهما هو التغلب على المعاناة وتذليل مصاعب الحياة بشكل عام، مما يثري تجارب البطل ويعزز لديه الحكمة؛ وثانيهما هو قدرته على الفعل المتجسدة في إقدامه على الأعمال الجريئة التي تتحدى المؤسسات القانونية القائمة وتكسبه سلطة قوية.

وبالمقابل فإن نماذج السلطة القانونية القائمة تبدو في هذا القص الشعبي سلطة واهية ينعدم منها الصدق، فهو يجعل من البيروقراطي والدبلوماسي والسياسي المحترف هدفاً للسخرية ما لم يقدموا على المغامرات.

ثالثاً: سياسة التدخل

تدخل الباحثة هنا في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وتشير الى مجموعة من الروايات التي كتبها غربيون وتركز على بعضها.

ففي رواية (القرصان) للروائي الشهير (هارولد وربانس) وقد تناولت حرب تشرين 1973 واستخدام النفط كسلاح من قبل العرب. ويقدم الكاتب في روايته حواراً دار بين جنرال إسرائيلي (بن عزرا) الذي كان يتوقع حرب تشرين/ أكتوبر 1973، وحذر الغرب من نتائجها قبل وقوعها. أما في حواره مع الجانب الأمريكي بعد الحرب، فقد طلب من الأمريكان إعطاء مهلة إضافية لإسرائيل حتى تواصل الحرب من أجل احتلال مصر وليبيا وبلدان الخليج العربي، لكي تنقذ العالم من تفاقم الحظر النفطي.

(....) لقد برز العرب ماسكين بأقوى سلاحٍ حلموا به، ألا وهو سلاح الحظر البترولي. إنه سلاح قادر على العصف بالعالم الغربي بسرعة تفوق سرعة القنبلة الذرية.

أما إذا تسنى لنا التحكم في البترول الليبي وفي أنبوب البترول السوري (الآتي من العراق)، فإن الحظر سيزول، فنتمكن عندها من تزويد العالم أجمع بالبترول على نحو ما نريد، إن إيران تقف الى جانبنا.

وأما إذا لم نقدر على ذلك، فسينهار اقتصاد العالم أمام أنظارنا، ويتولى العرب تقسيم العالم (....) ثم إنهم شيئاً فشيئاً سيصرفون عنا بلدان العالم.

نظر (هاريس الأمريكي) الى رئيس الوفد الإسرائيلي قائلاً: (من حسن حظنا ألا تكون سياسة حكومتك على شاكلتك).

تسوق الباحثة عدة نُتف من عدة روايات مثل رواية (الأحد الأسود: التي تتطرق الى حادثة ميونيخ للوفد الرياضي الإسرائيلي) و رواية (الشرق 34) و (زهرة العسل) و (الفارس الخامس) و (عام القرد الذهبي) و (على ضفاف نهر ممفيس) وكلها روايات تتهكم فيما إذا حصل العرب على تقنية القنبلة النووية، فماذا سيحصل للعالم؟

رابعاً: التساؤل الأخلاقي

في رواية (الأحد الأسود) يلتقي بطل الرواية الإسرائيلي (كاباكوف) وهو عميل للموساد بطبيبة نفسية وجراحة أمريكية تشتغل كمتطوعة في حرب 1967 وتدعى (راشال بومان)، فتتوطد العلاقة بينهما، وكانت قد أجرت عملية لأحد الجنود المصريين. وكانت مُتعبة منزعجة لما توجه إليها (كاباكوف) يسألها بلطف في ما كانت تفكر، فأجابت:

(أنا بصدد التفكير في الجهد الذي يبذله العاملون في مستشفيات القاهرة لمحو ما تسببون أنتم فيه من فساد، إنكم تفعلون ذلك حتى في زمن السلم أليس كذلك؟)
وتعلو نبرة صوتها في نقل ما يصفهم العالم به من قسوة وعنف، فيرد عليها ببرود: يجب أن تخلدي للراحة يا عزيزتي.

تنقطع الأخبار والعلاقة فيما بينهما، ثم تعود علاقة العشق فيما بينهما، ليستطيع فيها تجنيدها للموساد، وتبقى تكرر أريد السلم والسلام لشعب فلسطين!

خامساً: صوت الآخر

تقيم الباحثة النماذج التي أوردتها أو اطلعت عليها وحتى من بينها روايات عربية، وتلخص رأيها بما يلي:

1ـ الخطاب العربي كما تصوره الباحثة: عديم الشعبية ومليء بالكلام العاطفي وعديم التجربة.

2ـ وحتى تلك الأعمال الآتية من أنصار القضية الفلسطينية، وإن كانت توجه نقداً شديداً للصهيونية فإن تأثيرها يكاد يكون معدوماً.

تورد الباحثة نُتفاً من حوار حدث في رواية (صاحبة الطبل الصغيرة) ل (جون لوكري 1983). وهو بين عميل للموساد وممثلة بريطانية وقعت في عشقه، فهي تطالبه لا تقصفوا المخيمات... اتركوا الفلسطينيين يعيشون بسلام، فسألها: هل سبق لكِ أن ألقيتِ بنظرة على خريطة الشرق الأوسط؟
ـ بالطبع فعلت ذلك..
ـ هل تمنيتِ أن يتركونا نحن وشأننا؟

تخلص الباحثة الى أن الأصوات الأخلاقية التي تظهر هي أصوات شعبية، لا أثر كبير لها في مساندة الشعب الفلسطيني.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس