عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-05-2011, 07:20 PM   #27
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(21)
بل إن هناك من المحاولات الحديثة ما يهدف إلى تحقيق نوع من الوحدة بين ديوان كامل وليس ببين عناصر قصيدة واحدة ، وقد يتألفل مثل هذا الديوان من ممجموعة من القصائد المتكاملة أو من مجموعة من المقطاع التي يمكن أن تيشكل في مجموها قصيدة واحدة طويلة تمتد على طور الديوان ، ومن نماذج هذه المحاولات دواوين "يوميات امرأة لا مبالية " لنزار قباني ، و"حوار عبر الأبعاد الثلاثة "لبلند الحيدري ، و"الذي يأتي ولا يأتي " لعبد الوهاب البياتي و "بيادر الجوع"لخليل حاوي ، و"مأساة الحياة وا أغنية لإنسان" لنازك الملائكة وغيرها .
إلا أنه لا ينبغي أن نتوقع أن تكون الو حدة في مثل هذه الأعمال في مثل قوة الوحدة ووضوحها في القصيدة الواحدة .
الإيحاء وعدم المباشرة:
من السمات البارزة فلي القصيدة الحديثة أنها لا تعبر تعبيرًا مباشرًا عن مضمون حدد واضح ،وإنما تقدم مضمونها الشعري بطرية إيحاية توحي بالمشاعر والأحاسيس والأفكار ولا تحددها أو تسميها ،ونتيجة لهذا فإن القصيدة الحديثة لا تحمل معنى واحدًا متفقًا عليه ، "ومن المخطأ المضاد لطبيعة الشعر ،بل القاتل له ،أن نتطلب من كل قصيدة أن يكون لها معنى واقعي وحيد ، هو صورة طبق الأصل من فكرة ما لدى الشاعر "(18)
لأن الشاعر لو كانت لديه فكرة محددة واضحة المعالم يريد إيصالها إلى القارئ لما لجأ إلى الشعر أسلوبًا لنقلها ،ولآثر عليه النثر الذي هو أكثر قدرة على تحجديد المعاني والأفكار وتوضيحها ، أما الشعر فإنه يوحي بمجموعة من المعاني والأفكار والمشاعر التي تنمو وتعمق بمقدار ما يبذل القائر من جهد وإخلاص في قراءتها ،هذا معنى أن القارئ يسهم في إبداع القصيدة ، وأن عطاء القصيدة الحديثة ينمو ويتنوع بمقدار إخلاص القارئ وجديته ،فقد يقرأ القصيدة الواحدة أكثر من قارئ ويخرج كل منهم بحصيلة مختلفة عن التي خرج بها الآخرون ، ولكن تعدد عطاء القصيدة الحديثة ليس تعدد التناقض والتعارض ،وإنما هو تعدد التكامل ،فقد لا يخرج قارئ من القراء من قراءته للقصيدة بأكثر من معناها السطحي المباشر –الذي هو أهون جوانب القصيدة قيمة،بل هو الجانب غير الشعري فيها –بينما يستطيع قارئ ثان أن يلتقط بعض إيحاءاتها الأكثر عمقًا وخفاء دون أن يربط بين هذه الإيحاءات بإيحاءات ودلالات أخرى جديدة لا تكف عن النمو والتنوع والعمق ، وهذه هي سمة الفن العظيم في كل عصر من العصور "فهو ينقل إلى كثيرين معنى سطحيًا واضحًا ولو نسبيًا، بينما يحتفظ للقليلين بمجموعة من الأعماق ، وهذه الثنائية كانت وستظل سمة كل فن عظيم"(19).
فحين نقرأ مثلاً قصيدة كقصيدة "جيكور والمدينة" (20) للشاعر العراقي بدر شاكر السياب الي يقول في أولها :
وتلتف حولي دروب المدينة
حبالاً من الطين يمضغن قلبي ، ويعطين عن جمرة فيه طينة
حبالات من النار يجلدن عري الحقول المدينة
ويحرقن جيكور في قاع روحي ، ويزرعن فيها رماد الضغينة
____________________
(18) paul valery ,p.44 Note marginale N.3.
(19)د.مصطفى ناصف :مشكلة المعننى في النقد الحديث.مكتبة الشباب .القاهرة 1969.ص29.
(20)بدر شارك السياب :أنشودة المطر .دار مجلة الشعر .بيروت 1960 ص103
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس