عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 14-11-2007, 12:08 PM   #1
alimetlak
شاعر وأديب
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
الإقامة: الأردن
المشاركات: 147
إفتراضي علمتني الحياة. شعر محمد مصطفي حمام .

[FRAME="9 70"] وهذه قصيدة للشاعر الكبير : محمد مصطفى حمام

علمتني الحياة



علَّمتنـي الحـيـاةُ أن أتلـقّـى---كـلَّ ألوانهـا رضـاً وقـبـولا
ورأيـتُ الرِّضـا يخفِّـف أثقـا---لي ويُلقي على المآسي سُـدولا
والـذي أُلهـم الرِّضـا لا تـراهُ---أبدَ الدهـر حاسـداً أو عَـذولا
أنـا راضٍ بكـل مـا كتـب الله---ومُـزْجٍ إليـه حَمْـداً جَـزيـلا
أنا راضٍ بكل صِنفٍ مـن النـا---سِ لئيمـاً ألفيـتُـه أو نبـيـلا
لستُ أخشـى مـن اللئيـم أذاه---لا، ولـن أسـألَ النبيـلَ فتيـلا
فسح الله فـي فـؤادي فـلا أر---ضى من الحبِّ والـوداد بديـلا
في فؤادي لكـل ضيـف مكـان---فكُنِ الضيـفَ مؤنسـاً أوثقيـلا
ضلَّ من يحسب الرضا عن هَوان---أو يـراه علـى النِّفـاق دليـلا
فالرضا نعمةٌ من الله لـم يـس---عد بها فـي العبـاد إلا القليـلا
والرضـا آيـةُ البـراءة والإي---مـان بالله نـاصـراً ووكـيـلا
علمتنـي الحيـاةُ أنَّ لهـا طـع---مَين، مُـراً، وسائغـاً معسـولا
فتـعـوَّدتُ حالَتَيْـهـا قـريـراً---وألفـتُ التغيـيـر والتبـديـلا
أيها الناس كلُّنـا شـاربُ الكـأ---سَين إنْ علقمـاً وإنْ سلسبيـلا
نحن كالرّوض نُضْـرة وذُبـولا---نحـن كالنَّجـم مَطلعَـاً وأُفـولا
نحن كالريـح ثـورة وسكونـاً---نحن كالمُزن مُمسكـاً وهطـولا
نحـن كالظـنِّ صادقـاً وكذوبا---نحن كالحـظِّ منصفـاً وخـذولا
قد تسرِّي الحياةُ عنـي فتبـدي---سخرياتِ الـورى قَبيـلاً قَبيـلا
فأراهـا مواعـظـاً ودروســا---ويراهـا سـواي خَطْبـاً جليـلا
أمعن الناس في مخادعة النّـف---سِ وضلُّـوا بصائـراً وعقـولا
عبدوا الجـاه والنُّضـار وعَينـاً---من عيون المَهَا وخـدّاً أسيـلا
الأديب الضعيـف جاهـاً ومـالاً---ليـس إلا مثـرثـراً مخـبـولا
والعتـلُّ القـويُّ جاهـاً ومـالاً---هو أهدى هُـدَى وأقـومُ قيـلا
وإذا غـادة تجـلّـت عليـهـم----خشعـوا أو تبتّـلـوا تبتـيـلا
وتَلـوا سـورة الهيـام وغنّـو---ها وعافـوا القـرآن والإنجيـلا
لا يريدون آجلاً مـن ثـواب الله---إنَّ الإنسـان كــان عـجـولا
فتنـة عمّـت المدينـة والقـر---يةَ لـم تَعْـفِ فتيـة أو كهـولا
وإذا ما انبريـتَ للوعـظ قالـوا---لستَ ربـاً ولا بُعثـتَ رسـولا
أرأيـت الـذي يكـذِّب بـالـدين---ولا يرهب الحسـاب الثقيـلا
أكثرُ الناس يحكمون علـى النـا---س وهيهات أن يكونـوا عـدولا
فلكـم لقَّبـوا البخيـل كريـمـاً---ولكـم لقَّبـوا الكريـم بخـيـلا
ولكـم أعطَـوا الملـحَّ فأغنَـوا---ولكم أهملوا العفيـفَ الخجـولا
ربَّ عـذراء حـرّة أوصموهـ---ا وبغـيٍّ قـد صوّروهـا بـتـولا
وقطيـعِ اليديـن ظلمـاً ولـصٍ---أشبـع النـاس كفَّـه تقبـيـلا
وسجيـنٍ صَبُّـوا عليـه نكـالا---وسجـيـنٍ مـدلّـلٍ تـدلـيـلا
جُـلُّ مـن قلَّـد الفرنجـة منـا---قـد أسـاء التقليـد والتمثيـلا
فأخذنا الخبيث منهـم ولـم نـق---بـسِ مـن الطيّبـات إلا قليـلا
يوم سنَّ الفرنـج كذبـةَ إبـري---لَ غـدا كـل عُمْرنـا إبـريـلا
نشروا الرجس مجمـلاً فنشرنـا---هُ كتابـاً مفـصَّـلاً تفصـيـلا
علمتني الحياة أنَّ الهـوى سَـيْلٌ--- فمن ذا الـذي يـردُّ السيـولا
ثم قالت: والخير في الكون بـاقٍ---بل أرى الخيرَ فيه أصلاً أصيـلا
إنْ ترَ الشرَ مستفيضـاً فهـوِّن---لا يحـبُّ الله اليئـوس الملـولا
ويطول الصراع بيـن النقيضَـ---ينِ ويَطوي الزمانُ جيـلاً فجيـلا
وتظـلُّ الأيـام تعـرض لونَـيْ---ها على الناس بُكـرةً وأصيـلا
فذليلٌ بالأمـس صـار عزيـزاً---وعزيزٌ بالأمـس صـار ذليـلا
ولقـد ينهـض العليـلُ سليمـا---ولقـد يسقـطُ السليـمُ عليـلا
ربَّ جَوعانَ يشتهي فسحة العـم---رِ وشبعـانَ يستحـثُّ الرحيـلا
وتظـلُّ الأرحـامُ تدفـع قابـي---لاً فـيُـردي ببغـيـه هابـيـلا
ونشيـد السـلام يتلـوه سفّـا---حون سَنُّوا الخـراب والتقتيـلا
وحقوق الإنسـان لوحـة رسّـا---مٍ أجـاد التزويـر والتضلـيـلا
صورٌ ما سرحتُ بالعيـن فيهـا---وبفكـري إلا خشيـتُ الذهـولا
قال صحبي: نراك تشكو جروحاً---أين لحن الرضا رخيمـاً جميـلا
قلت أما جروح نفسي فقـد عـوَّ---دْتُهـا بَلسَـمَ الرضـا لـتـزولا
غيرَ أنَّ السكوتَ عن جرح قومي---ليـس إلا التقاعـسَ المـرذولا
لسـتُ أرضـى لأمـة أنبتتنـي---خُلُقـاً شائهـاً وقَـدْراً ضئيـلا
لستُ أرضى تحاسـداً أو شقاقـاً---لستُ أرضى تخـاذلاً أو خمـولا
أنا أبغي لهـا الكرامـة والمـج---دَ وسيفاً علـى العـدا مسلـولا
علمتني الحيـاة أنـي إن عـش---تُ لنفسي أعِشْ حقيـراً هزيـلا
علمتنـي الحيـاةُ أنـيَ مهمـا---أتعلَّـمْ فـلا أزالُ جَـهـولا (1)


أُلقيت في المركز العام للشبانالمسلمين، وفرغ الشاعر من إنشادها، ثم أجهش بالبكاء
[/FRAME]

آخر تعديل بواسطة السيد عبد الرازق ، 14-11-2007 الساعة 02:28 PM.
alimetlak غير متصل   الرد مع إقتباس