عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 31-01-2009, 06:39 PM   #2
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

البسوس


كانت لجساس خالة اسمها البسوس بنت منقذ، جاءت ونزلت على ابن أختها جساس، فكانت جارة لبنى مرة، ولها ناقة خوارة، ومعها فصيل لها، فلما خرج كليب غاضباً من قول زوجه جليلة رأى فصيل الناقة فرماه بقوسه فقتله. وعلمت بنو مرة بذلك، فأغمضوا على ما فيه وسكتوا، ثم لقي كليب ابن البسوس فقال له: ما فعل فصيل ناقتكم ؟ فقال: قتلته وأخليت لنا لبن أمه، وأغمضت بنو مرة على هذا أيضاً.

ثم أن كليباً أعاد القول على امرأته فقال: من أعز وائل ؟ فقالت أخواي !: فأضمرها في نفسه وأسرها وسكت، حتى مرت به إبل جساس وفيها ناقة البسوس، فأنكر الناقة ثم قال: ماهذه الناقة ؟ قالوا: لخالة جساس. فقال: أو بلغ من أمر ابن السعدية (أي جساس) أن يجير عليّ بغير إذني ؟ ارم ضرعها يا غلام، فأخذ القوس ورمى ضرع الناقة، فاختلط دمها بلبنها.

وراحت الرعاة على جساس فأخبروه بالأمر، وولت الناقة ولها عجيج حتى بركت بفناء البسوس، فلما رأتها صاحت: واذلاه ! فقال لها جساس: اسكتي فلك بناقتك ناقة أعظم منها، فأبت أن ترضى حتى صاروا لها إلى عشرا، فلما كان الليل أنشأت تقول بخطاب سعداً أخا جساس وترفع صوتها تسمع جساساً :



أبا سعد لا تغرر بنفسك وارتحل= فإني في قوم عن الجار أموات
ودونك أذوادي إليك فإنني= محاذرة أن يغدروا ببنياتي
لعمرك لو أصبحت في دار منقذ= لما ضم سعد وهو جار لأبياتي
ولكنني أصبحت في دار معشر= متى يعد فيها الذئب يعدو وعلى شاتي


فلما سمعها جساس قال لها: اسكتي لا تراعي إني سأقتل جملاً أعظم من هذه الناقة، سأقتل غلالاً، وهو فحل إبل كليب لم ير في زمانه مثله، وإنما أراد جساس بمقالته كليباً.

ثم ظعن ابنا وائل بعد ذلك، فمرت بكر على نهى أي غدير يقال له شبيث، فنفاه كليب عنه وقال: لا يذوقون منه قطرة، ثم مروا على نهى آخر يقال له الأحص فنفاهم عنه وقال: لا يذوقون منه قطرة، ثم مروا على بطن الجريب (واد عظيم) فمنعهم إياه، فمضوا حتى نزلوا الذنائب، واتبّعهم كليب وحيه حتى نزلوا عليه، فمر عليه جساس ومعه ابن عمه عمرو بن الحارث بن ذهل، وهو واقف على غدير الذنائب، فقال له: طردت أهلنا عن المياه حتى كدت تقتلهم عطشا ! فقال كليب: ما منعناهم من ماء إلا ونحن له شاغلون، فقال له: هذا كفعلك بناقة خالتي، فقال له: أوقد ذكرتها أما إني لو وجدتها في غير إبل مرة لاستحللت تلك الإبل بها أتراك مانعي أن أذب عن حماي، فعطف عليه جساس فرسه فطعنه برمح)

فلما تداءمه الموت قال: يا جساس، اسقني من الماء، فقال: ماعلقت استسقاءك الماء منذ ولدتك أمك إلا ساعتك هذه، فالتفت إلى عمرو وقال له: يا عمرو، أغثني بشربة ماء، فنزل إليه وأجهز عليه ..
وأمال جساس يده بالفرس حتى انتهى إلى أهله على فرسه يركضه، وقد بدت ركبتاه، ولما رأته أخته قالت لأبيها: إن ذا لجساس آتى كاشفاً ركبتاه، فقال: والله ما خرجت ركبتاه إلا لأمر عظيم ..

فلما جاء جساس قال له: ما وراءك يا بني ؟ قال: ورائي أني قد طعنت طعنة لتشغلن بها شيوخ وائل زمنا، فقال أبوه: إذن نسلمك بجريرتك، ونريق دمك في صلاح العشيرة والله لبئس ما فعلت! فرقت جماعتك وأطلت حربها وقتلت سيدها في شارف من الإبل والله لا تجتمع وائل بعدها ولا يقوم لها عماد في العرب ولقد وددت أنك وإخوتك كنتم متم قبل هذا مابي إلا أن تتشاءم بي أبناء وائل، فأقبل قوم مرة عليه وقالوا: لا تقل هذا ولا نفعل فيخذلوه وإياك، فأمسك مرة .

__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس