عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 27-10-2015, 08:18 PM   #1
صفاء العشري
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2010
المشاركات: 742
إفتراضي طائفية أم لا طائفية

فتح انهيار الحكومات في جميع أنحاء الشرق الأوسط (بعد الانتفاضات العربية) المجال السياسي، وسمح للشوفينيين الدينيين باللعب من أجل السلطة والنفوذ. كما أن انتشار وسائل الإعلام الاجتماعية سرع العملية، متيحا للرسائل الطائفية المجال للوصول إلى جمهور أوسع. والأنظمة أيضا تلعب الورقة الطائفية لحشد الدعم الشعبي وتشويه سمعة منافسيها. إلى أن أصبحت ظاهرة الإثارة الطائفية أكثر وأكثر صراحة ووقاحة بحيث أصبح السرد الطائفي في الخطاب الإعلامي وسيلة عادية.
إذا أخذنا مثال سوريا، نجد أن حكومة الأسد يتم وصفها في وسائل الإعلام والمناقشة الأكاديمية للحرب الأهلية السورية كعلوية (نصيرية)، نظام طائفي، ويسمى الشيعة الآخرون روافض وأسماء أخرى تنم عن الكراهية. كما يتم وصف الجماعات المختلفة التي تقاتل نظام الأسد بالسنة وليس بالمناضلين من أجل دولة ديمقراطية مثل ما كان الأمر في بداية الصراع. نفس القاعدة متبعة في جميع أنحاء المنطقة؛ الحوثيون الشيعة، والنظام العراقي الشيعي ومعارضوه يدافعون عن أهل السنة. معظم أولئك الغارقين عميقا في هذا النهج الطائفي لا يتساءلون حتى عما إذا كان من الصحيح استخدام هذه العبارة الواسعة نوعا ما وغير المحددة "السنة" لتحديد كل هؤلاء. وهل مثلا أولئك المقاتلين الذين جاءوا من أوروبا هم "السنة" بمعنى الكلمة التي قد تكون مفهومة في أنحاء مختلفة من سوريا أو العراق؟ وهل يمكن تحديد كل التنوعات في الجانب الآخر على أنها الشيعة إلخ...؟
المشكلة هي أن هذا الحقد الأعمى يغطي على الطبيعة الحقيقية للحرب الدينية المشتعلة. فعلى الرغم من الخطاب الديني الذي يتغلغل في الصراع، فإن الكثير من جذورها هي سياسية وليست دينية. وعلى الرغم من أن دافع النزاعات في الشرق الأوسط قد يكون جزئيا بسبب المخاوف الطائفية، فإن الصراع الدائر مفهوم بشكل أفضل كصراع على السلطة بين ائتلافين مختلفين، كلاهما يضم مجموعة واسعة من العناصر المتطرفة.
إن أفضل طريقة لتهدئة ضراوة الغضب الطائفي هي بناء قدرات الدولة: الدول الضعيفة ذات المؤسسات غير الناضجة هي فريسة سهلة للديماغوجيين، في حين أن الدول القوية أكثر قدرة على توجيه أو تخفيف حدة التوتر بين سكانها. ولكن الأهم من ذلك هو أن تلك الدول والمؤسسات يجب أن تكون مبنية على أسس غير طائفية، وهو ما يعني المساواة وحرية الدين والتعبير واحترام حقوق الإنسان. الخطاب الحالي هو وصفة كارثية لاستمرار الدمار وإضعاف الكيانات وللصراعات التي لا تنتهي. أي الخيارات برأيكم هو الأفضل للمنطقة: الطائفية الموجودة حاليا مع تداعياتها المدمرة، أو اللاطائفية التي تجلب السلام والوحدة والتقدم؟
صفاء العشري غير متصل   الرد مع إقتباس