عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 18-09-2009, 10:19 AM   #1
zineb
عضو نشيط
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 157
إرسال رسالة عبر MSN إلى zineb
Post هكذا كنت......... وهكذا أصبحت

هكذا كنت....
جريئة لدرجة ترعب الخوف ذاته
كنت إنسانة .... صريحة .... شجاعة ... وأيضا مغامرة
كنت استطيع قول لا للظلم لا لهتك حقوق الإنسان
نعم هكذا كنت صحفية بسيطة في بلاد النور والتي لم يكن فيها شئ يمت للنور سوها اسمها وكان آنذاك يسود الظلم وقهر وكذاك هتك الأعراض لم يكن من يقل لا وحتى يفكر في قولها لأننا كنا حينها نقبع في سجن قد يكون أفظع من ابوغريب و غونتنامو قد يكون شيئا أسطوريا للغاية كلما تخيلت مدى الأذى وكيفية العذب فاعلم انه كان غير ذلك بالمرة ..... ولكن كنت أنا بالرغم من ذلك لا أخاف ربما كان السبب أني كنت جديدة على المهنة أو أن بريق المجد وشهرة وحب النضال في سبيل المبادئ كانت لها دور أساسي لكي أكون متمردة على أوراقي واصرخ هذا لا يصح القول عنه إلا بلد الضباب فيه كل شئ مستباح وهكذا ابتدأ المشوار..........
بدأت في صحيفة تدعى" حريتي" ..... ولا أخفيكم فرحتي لأنها كانت الجريدة الوحيدة المستقلة آنذاك والتي كانت تسعى دائما إلى وضع النقط على الحروف المهم بدأت بمزاولة عملي ... كان كل شئ بخير حتى جاء اليوم الموعود نعم ها قد جاء .........
وقعت يدي على أوراق تهم شخصية ذات نفوذ في البلد إن لم نقل أنها تمنح النفوذ لمن تشاء وتذل من تشاء , هكذا فكرت في تغيير موازين اللعبة وفضح الأسرار ورفع أعلام الحق والقانون ولم يكن يدعمني حينها سوى نجاحاتي و الحوافز التي كنت أتسلمها من حين إلى آخر و الكثير من المديح على مقالاتي المهم بدأت نشر العدد الأول تحت عنوان" استقضوا كفاكم نوما " وبعدها جاءني أول تهديد عبر مكالمة هاتفية .......لم أخاف ولا حتى ارتجفت بل العكس تماما فرحت الآني على الطرق الصواب ولم أبالي فقررت الموضوع الثاني" لماذا نخاف من الحبال الوهمية " هنا لم يصبح مجرد تهديد بل..........
كانت السادسة صباحا يوم السبت وإذا بحد يطرق بابي كأنه الهلاك القادم من فوهة البركان , فتحت الباب فوجدت شرطين قلت اليوم السبت كيف لكم بالقدوم قالا اعتقالك أجبت بسخرية أين الإذن لم يدعان أكمل كلام حتى بدا يجراني من أمام الباب ولم أحس بما يجري إلى أن وصلت سجنا يقبع تحت الأرض في قرية مهجورة لم أكن اعلم حتى بوجودها على الخريطة لم يتم تجوبي بل أدخلت إلى السجن مباشر نعم كان سجنا للنساء ....... داخل سجن النساء.. تعيش المئات من النزيلات.. متهمات في قضايا مختلفة.. أعمارهن مختلفة.. ثقافتهن[IMG]file:///C:/DOCUME~1/ABDELA~1/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] أيضا!
في هذا المكان.. تعيش آلاف الحكايات والأسرار التي تحمل هموم النزيلات.. منهن من تعيش حياتها بشكل طبيعي داخل السجن ولم تؤثر فيها التجربة.. ومنهن من يعشن في جحيم لا يحتمل.. عذاب السجن من ناحية.. وعذاب الموت الجماعي اليومي من ناحية أخري
جلست أمامي بملابس السجن البيضاء.. شابة في العقد الثالث من العمر.. سنوات السجن والحرمان لم تهزم ملامح وجهها الجميل.. وشبابها النضر.. لكن عيونها أسيرة للحزن والدموع.. اسمها ' ليلى ' طلبت منها أن تحكي حكايتها.. فأجابت ليلى لا داعي هذا أفضل لكي قلت أتوسلك قالت لا باس لقد كان فلان يحبني أجابت وما المشكل قالت أحب آخر أجابت لم اعرف المشكل بعد قالت لم اقبل به زوجا فحضرني إلى هنا والسنين تمر و العذاب يزداد لكن حبه كان يرفا لي لذا لم أموت بشنق ولا بحمامات الكيماوية لعله لطف من الله ضحكت وقالت انسي ...انسي .... احترمت قرارها وبدأت بالتجول في المكان لكي ارتطم
بقصص ألف ليلة وليلة ترويها نساء ... من خلف القضبان :زواج المثليات في السجن ترعاه عصابات الدعارة


خلف قضبان السجون ، هنالك دوما ظالم ومظلوم ، هنالك دوما قاتل وقتيل ، هنالك دوما مجني ومجني عليه ، وهنالك دوما قصص مألوفة وقصص لا تشبه القصص ، خلف قضبان السجون تسكن دوما حقيقة مخضبة بدماء القانون ، لان القانون في بلاد النور لا يحمي المغفلين والسذج والبسطاء ...

سجون ممنوعة

لا اعرف لماذا توضع العراقيل في وجه من يروم زيارة سجن النساء في بلاد النور ،ولا اعرف لماذا يطلب من الصحفي الذي ينوي إجراء تحقيق صحفي عن ذلك السجن ألف تعهد وتعهد وألف مطلب ومطلب ؟؟
لكي يبدوا عاجزا أمام تلك التعهدات والمطالب وبذلك يكون للسادة المسؤولين الحق كل الحق في رفض طلبه ثم ما الفائدة من أن يعطي الصحفي تعهدات قانونية بالسماح لمقص الرقيب أن يعيث تقطيعا وتمزيقا بالحقائق التي يحصل عليها ، لمصلحة من تخرج الحقيقة معاقة إلى الناس هل من مجيب ؟ ..
كل محاولاتي الجادة والصبورة لاستحال موافقة لزيارة سجن النساء رمتها اذرع الروتين في سلة المهملات ، لكن الموضوع كان يستحق تكرار المحاولات خاصة بعد أن أصبحت رائحة أخبار السجن العفنة في متناول أنوف الجميع وأخيرا أثمرت تلك المحاولات إلى دخول السجن مع مجموعة من المنظمات الإنسانية التي كانت عبارة عن منظمات حقوق إنسان صورية تبحث عن مكاسب إعلاميا لمن يمول نشاطاتها ليس ألا ...
دخلت السجن بعد أن جردوني من كاميراتي وجهاز التسجيل وبذلك فقدت جزء من أسلحتي كصحفية ، والحمد لله سمحوا لي باصطحاب قلمي وأوراقي ،المهم لدي هو إني ألان خلف القضبان ولكن لمدة قصيرة قد لا تكون كافية لتدوين كل القصص لكنها كافية بالتأكيد لفتح الملف ...
نساء مخدوعة
تختلف وجوه النساء خلف القضبان الحديدية عن تلك التي تعيش خارج القضبان فوجوه النساء هنا يملاها الحزن والتعب وهي وجوه بلا أمل وبلا مستقبل ، والنساء هناك متعطشات للحديث رغم اختلاف نوع التعطش فهن معترفات ، متظلمات ، شاكيات ، باكيات ،متفاخرات ومتورطات هكذا بات افهم من اين جاء مصدر النوم العميق وكذلك الخوف الرهيب مرت أيام وأيام أفرج عني عدت إلى لكن هكذا أصبحت .......
مجرد ضل لمرآة اسم في نقابة الصحافيين قط لا غير كما انه لا تتوقف آثار الاعتقال السياسية على السجين في بلادنا مع الإفراج عنه بل يستمر يحمل ختم العذاب والتشرد على جبهته طيلة حياته في ضوء نظام لا يعرف أدنى مشاعر الإنسانية والكرامة والحرية .

فما أن يطلق السجين حتّى تصادر أوراقه الرسمية كالهوية وبطاقة إثبات الشخصية والجواز ويمنع من حق السفر والتجوال .

كما يفصل من عمله أو مدرسته أو جامعته التي كان ينتسب إليها ويمنع من العمل في أي دائرة حكومية أو شركة عامة أو خاصة كما حدث بالنسبة للعشرات من عمال الباشا فلان وبذلك يضيع مستقبله وفرص العيش الكريم أمامه وأمام عياله ويعيش هو وعائلته ظروف الألم والمعاناة والتشرد .

هذا هو من الناحية الإنسانية ومن الناحية السياسية يظل هاجس الخوف يسيطر على حياة ـ السجين الذي أطلق سراحه إذ تستمر سيارات المباحث وعيونه النظام في مراقبته وترصد تحركاته في البيت مع أهله أو في الشارع مع الناس.
لهذا هكذا أصبحت بدون هوية أخاف كل شئ ارتعش من كل شئ .و أتورى لرؤيتي أي شئ بل أصبحت شبحا يخاف حتى ظله مع الأسف هكذا أنا أصبحت في بلاد النور..............
__________________
zineb
اذا احببت شيئا فأطلق صراحه اذا عاد فهو لك للابد واذا لم يعد فهو لم يكن لك منذ البداية
zineb غير متصل   الرد مع إقتباس