عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 31-05-2011, 04:15 AM   #93
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي


(88)

قد يشعر القارئ للوهلة الأولى أن الشاعرة تتحدث عن طفل حقيقي ، يتسم بالرهافة والوداعة ، ونصاعة الجبين والسريرة ، فأبيا ت المقاطع الأولى كلها لا تناقض هذا التصور ، ولكن القارئ لا يلبث أن يدرك –ابتداء من المقطع الثاني – أن هذ االطفل لم يعد هو الطفل الواقعي المادي ، وإنما ابتدأ يتخلى عن دلالته المادية ليتحول إلى معنى تجريدي،إلى نوع من الإحساس الغامض العميق والوديع بالحزن ، فالشاعرة لا تتحدث هنا عن مطلق الحزن ، وإنما عن حالة خاص ةمن الحزن ،أو عن تلك الحالة الغريبة التي يمتزج فيها الحزن بالطفل ليأخذ كل منهما من الآخر ويعطيه ،وليتفاعل كل منهما مع الآخر ، ومن خلال هذا التفاعل ينمو المعنى الرمزي في ا لقصيدة ،و على القارئ أن يتابع في إخلاص كيف يمتزج طرفا الرمز وكيف يتفاعلان .

إن الحزن الذي تعبر عنه الشاعرة حزن وديع قرير ، ولكنه في الوقت نفسه حزن عميق وراسخ ، فهو حزن طفل مرهف ناصع ، ولكن هذا الحزن الطفل لا يسكن تلك الطبقة الخارجية من الإحساس ، وإنما هو يستقر في أعمق الأعماق في ذلك الصقع الغائر الغامض من أصقاع النفس الذي تختزن في كل ظلال الأسى والشجن ، والذي تتفنن الشاعرة في تصويره بكل عمقه ، وتنائيه وكل غرابته ، في أكثر من مقطع من مقاطع القصيدة ، فهو تارة" كوخ خفي شيد في عمق سحيق " لا تهتدي إليه إلا الأحاسيس الساكنة العميقة ، ولا يعرفه إلا الباكون في صمت عمق ، وهو تارة أخرى "امسية غرقى بأحزان خفية " وزوايا غيهبيات السكون شفقية"، ليس ثمة ما هو أخفى وأعمق من هذه الأمسية الغرقى بالأحزان الخفية اتي يسكنهاهذا الطفل ، حيث تزول الحدود بين الأشياء ، ويختلط الزمان بالمكان –الأمسية –مكانًا يسكنه هذا الحزن الطفل ، بكل ما تلقيه "الأمسية"من ظلال الحزن الشفيف الخفي ، وتقترن هذه الأمسية ، هذا المكان الغامض، بالزوايا الغيهبيات السكون لتزداد إيحاءات هذ االشجن الخفي الغامض الغريب رحابة وتعمقًا وتنوعًا.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس