عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 16-01-2020, 02:39 AM   #1
محمد محمد البقاش
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2010
المشاركات: 203
إفتراضي الله غير قادر على إحياء الموتى

الله غير قادر على إحياء الموتى

استحالة قدرة الله على إحياء الموتى نتن ظِرْباني أورده قابانجي بطرح يبدو عليه الجهل والقصد.
يقول صاحب الديانة الشيعية أحمد القبانجي أن الله تعالى غير قادر على إحياء الموتى، هو قادر فقط على إعادة الشبه، وليس قادرا على إحياء نفس الذي مات، هذا ما يزعم هذا المتفلسف الطاعن في ذات الله عزّ وجلّ والمكذب للقرآن الكريم، وكل ما يدعيه يدخله في العمل المستهدف التدليس على الناس ومستمعيه ممن غابت عقولهم.
هذا زعمه في محاضرة له بفيديو منشور له على اليوتيوب، ولقد أطال في الشرح لإثبات زعمه، وجاء بآيات من القرآن الكريم تثبت قدرة الله على الإحياء ولكنها لا تثبت قدرته على الإتيان بنفس الميت، بنفس الذي يراد إحياؤه، فلو أراد الله إحياء الميت؛ إحياء أبي مثلا رحمه الله ورحم أموات المسلمين جميعا فهو قادر على الإتيان بشبهه ولكنه لا يقدر على الإتيان به نفسه من الموت إلى الحياة، ودليله على ذلك ويعتبره أقوى دليل وهو في القرآن الكريم كما ادعى في سورة ياسين وهو قوله تعالى: ((وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79))).
وعرج على الجانب العلمي التجريبي فجاء بأمثلة على تجدد الدم، والدم في كل ثلاثة أشهر بحسب زعمه؛ يتبدل، ونحن نعلم أن مدة حياة الكريات الحمراء أربعة أشهر، وفي السنة الماضية كآخر بحث صدر في شهر نوفمبر من سنة: 2019م ذكروا أن مائة يوم إلى مائة وعشرين يوما هي مدة حياة الكريات الحمراء في الدم، بمعنى أن الخلايا خلايا الدم تتجدد، لا بأس، جاء بمثل عن تجدد الخلايا في ذات الإنسان مآت المرات في حياته، يتبدل الإنسان كما زعم وكل ذلك يدل على تبدُّله ككيان، فإذا أراد الله إحياء الميت والميت بهذه الحالة فهو غير قادر على إحيائه بسبب تبدل مكونات جسمه في كل لحظة وحين، وجاء بمُسَلَّمة كما ادعى، جاء بمُسَلَّمَة فلسفية وهي استحالة إعادة المعدوم وكأن مسلمته يخضع لها رب العالمين، وللتذكير فهي غير صحيحة علميا ومعرفيا ولنا معها وقفة إن شاء الله تعالى.
ومن خلال التبدل كمسلَّمة فلسفية فالإنسان في جهنم بحسب زعمه ليس هو نفسه الإنسان الذي عرفناه وذلك بسبب تبدله، وربما يكون أبو جهل في جهنم ليس أبا جهل الذي حارب الله ورسوله، ويكون المجرمان القاتلان للشعوب ترمب وبوتين إن ماتا على كفرهما ليسا هما ترمب وبوتين اللذين نعرفهما، لن يكونا هما هما في نار جهم، واستدل على ذلك بقوله تعالى عن تبدُّل الجلود، وللإشارة فإنه حين يأتي بآيات من القرآن الكريم للاستدلال بها يأتي بما يؤيد رأيه بحسب ظنه ولا يقرأها قراءة صحيحة وهذا معروف عن الشيعة لأنهم لا يدرسون كتاب الله ولا يهتمون به ولا بلغته العربية لأنه عند علمائهم كالقمي والكليني والجزائري وغيرهم من الذين قَعَّدوا لهم دينهم؛ مُحَرَّف، جاء بقوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) النساء، واستمر إلى أن أثبت من خلال قوله تعالى عن اطّلاع النار على الأفئدة ((كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) الهمزة؛ أن التبدُّل يحصل للقلب والكبد والمخ، يحصل للجسم كله، والنتيجة أن الإنسان ليس هو نفس الإنسان الذي أُدْخل النار، والجلد الجديد الذي استبدل بالجلد القديم الذي احترق ما ذنبه؟ والقلب القديم الذي استبدل بالقلب الجديد والذي احترق هو الآخر ما ذنبه هو أيضا في الاحتراق كما يزعم؟.
إن أهم ما يجب مناقشة هذا المفلس فكريا وثقافيا وأضرابه فيه حين ترد مواضيع غيبية من مثل ما ذكر؛ هو قابلية مناقشتها من حيث الخضوع للعملية العقلية، فالعقل البشري يفكر ويبحث ولكن فيما يقع عليه الحس أو يقع على أثره، فالتفكير الإنساني لا يمكن أن ينتج الفكر والرأي والحكم إلا وفق شروط حتمية لابد منها وهي وجود الواقع أو أثر الواقع والإحساس بذلك الواقع أو أثره والمعلومات السابقة والدماغ وخاصية الربط، فإذا تناولنا ما تناوله ذلك المفلس فكريا نجد أن البعث والنشور والحياة ما بعد الموت وجهنم وعذابها وكل ما هو شبيه بذلك؛ غيبي، وكونه غيبيا يعني أن العقل لا يستطيع التفكير فيه وإصدار الحكم عليه لغياب شروط التفكير ولو شرطا واحدا، فإذا فكر فيه الإنسان أنتج التُّرَّهات من مثل ترهات ذلك المفلس عقليا، والعاقل من الناس لا يفكر في الغيب، فإذا ورد شيء عن الغيب في العقيدة الإسلامية مثلا لا ينظر إليه من حيث تمثّله التمثل الحقيقي والواقعي لأن ذلك فوق العقل وفوق الخيال وخارج نطاق الإدراك، انظر إلى الخالق جلّ وعلا فهو غيب ولكن وجوده مدرك بشكل بسيط يجده كل الناس بما فيهم المنكر لوجوده، فالمنكر لوجود الله لم ينشئ كفره إلا على خلفية وجود الله، وجود خالق الكون والإنسان والحياة، فالوجود أولا ثم النفي ثانيا وهذا كاف لإدراك الحمق في عقل هؤلاء، فهل نفكر في معرفة ذات الله العلية؟ أليس عقلا أن يكون الخالق مختلفا عن المخلوق؟ أليس المخلوق عاجز ناقص محتاج محدود يستند في وجوده إلى غيره؟ فكيف نفكر في ذات لا تشبه ذاتا وهي غيب؟ كيف نفكر في الذي لا يتركب من أجزاء وليس هو كلية ويستحيل أن يكون له شبه؟ أليس من العقل أن يكون الله تعالى غير محدود ولا عاجز ولا ناقص ولا يستند في وجوده إلى غيره؟ أليس الذي لا يشبه شيئا يسمع ويبصر دون أجهزة؟ ليس مثله شيء فكيف يسمع في اللحظة كل شيء ويبصر كل شيء؟ أليس هذه الصفة تليق بالخالق جل وعلا؟ هل تليق بغيره؟ كلا، ولا يقال إن التفكير في الغيب يجلب الخوف والشفقة والطمع والشوق وغيره وكل ذلك يخدم الإنسان المؤمن، لا يقال ذلك لأنه ليس تفكيرا بالمعنى الصحيح للتفكير، بل هو استحضار لعظمة الله وصفات أسمائه لجلب الخشية والشفقة والشوق وما شابه، فإذا أصررنا على التفكير يكفي أن نقف على ما هو أدنى مما هو أعلى فنأخذ شيئا منا وفينا وهو الروح، فأين الجواب على ماهيتها وحقيقتها؟ لا يوجد ولن يوجد، ولا يقال أن المستقبل كفيل بإعطائنا جوابا مقنعا عن حقيقة الروح وماهيتها، لا يقال ذلك، فلنذهب إلى المستقبل إذا قدرنا وإلا وقفنا عند حدنا هذا، فإذا نضج إدراكنا ولن ينضج حتى يلغي شروط التفكير المذكورة؛ عندها نفكر، فإذا عشنا ملايين السنين بجنسنا فالإنسان حينها لن يختلف عنا في طريقة إدراكه للأشياء والأفعال لأنها طريقة لا تتخلّف، لأنها سنة فينا كما هي السنن الكونية في كوننا علما بأن الكون سيختل وستتلف سننه وقوانينه لأنه هو نفسه محكوم عليه بالموت والزوال، أما سنننا نحن فلن تتخلف خلاف الكون، لن يخلفها الله تعالى لأنه بذلك يسلبنا الإرادة، فإذا سلبت منا الإرادة خرجنا من دائرة التكليف وهذا محال لأن الله تعالى عادل لن يخلف سنننا ما دمنا مكلفين، بل إن فناء الدنيا سيقوم على شرار الخلق وهم مكلفون، أي عاقلون لم تسلب إرادتهم. لقد اختلفنا نحن عن أسلافنا في الوسائل والأدوات وطرق العيش.. أما التفكير وطريقة تكوينه فهي هي لم تتخلّف عنهم ولن تتخلّف أبدا، وعليه فالمستقبل الذي يراهن عليه غيرنا يفرغهم من المواقف ويعطِّل فيهم النضج الثقافي لأنهم لن يفكروا إلا بعد أن يثبت إدراك الروح من حيث حقيقتها وماهيتها، وإثبات الغيب كالبعث والنشور من حيث وقوع الحس عليه ولن يثبت شيء من ذلك مطلقا، وبذلك يكونون كمن نزعت مِخَخُهم عن رؤوسهم، وقلوبهم عن صدورهم، ونحن لا نقبل بذلك مطلقا لأن التعقل يضغط على بشريتنا، فلن نعطل تفكيرنا لمجرد غياب الإدراك لشيء ما، بل نحن نوقن بإدراكنا لما ذكر من حيث الوجود عقلا وبما ثبت في القرآن الكريم لأنه قد ثبت بالعقل أن القرآن الكريم كلام الله يتحدى به العلم والعالمين قال تعالى: ((ِإنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) فصلت))، لا نراهن على ذلك المستقبل الخرافي لأننا نصدر من حقيقة جنسنا وفطرتنا، ستظل طريقة التفكير وشروطها عند الإنسان في المستقبل هي عينها التي عندنا، فالتفكير في المستقبل خارج نطاق تصوره للاستفادة منه أو رسمه بغية جعله واقعا؛ ليس عملا عقليا، الأول للمنظرين والمفكرين والملهمين لا فائدة فيه، بل فيه انحراف وتجاوز لقدرات العقل، والثاني به فائدة، وهو المطلوب، يكفينا أن نعتبر به فلا نتجاوز حدود إدراكنا، فها هي ذي الروح فينا وهي غيب عنا من حيث الحقيقة والماهية ولكنها حاضرة من حيث الوجود، ندرك وجودها دون مغالطة فأين إدراكنا لها كماهية؟ المفكر والعاقل يكتفي بالإيمان بكل ذلك شرط أن يتثبت من ذلك من حيث الوجود بالعقل، فالأخبار الغيبية من مثل إحياء الله للموتى بعد الموت وغيرها من الغيبيات لا نؤمن بها هكذا دون دليل، هذا صحيح، ولكن الدليل عليها ذاتها لإثبات أنها واقع مستحيل لأنها غيب كما قلنا، والغيب لا يبحث لأنه خارج نطاق التفكير والإدراك ولكن الخبر الذي وصلنا عن هذه المغيبات هو الذي يبحث من حيث صدوره عن الله، فإذا كانت تلك الأخبار واردة في القرآن الكريم والحديث المتواتر كانت عقيدة بالنسبة للمسلم يعتقد بها ويسلّم بوجودها ووقوعها بعد الموت، وإذا كانت أخبارا غيبية عن مخلوقات موجودة بيننا كالجن والملائكة سلمنا بوجودها من حيث الوجود ولا نسلم بها من حيث الكنه والحقيقة إلا إذا جاءت عنها أخبار من الله عزّ وجلّ لأنه الوحيد الذي يعرفها ويعرف كنهها وحقيقتها، أما نحن فما دام لم يرد عن حقيقتها خبر نسلم بوجودها قطعا ونكتفي بذلك ولا يضيرنا عدم معرفة حقيقتها، لا يبحث في الدليل عن كيفيتها، عن حقيقتها وماهيتها لأن ذلك يعجز الإنسان ولا طائل من ورائه لأنه كما قلت بحث في غير الواقع الذي يشترطه تفكير الإنسان حتى يدرك، وما دام كذلك فالعاقل لا يفكر في الغيبيات من حيث إرادة ثبوت حقيقتها وماهيتها، بل يبحث عن الدليل الذي دل على وجودها أو نص عليه ليؤمن بها ويسلم بوجودها وحقيقة ماهيتها التي لا يعرفها، والدليل دليلين، دليل عقلي، ودليل نقلي.
ــــــــــــــــــ
يتبع
محمد محمد البقاش غير متصل   الرد مع إقتباس