عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-04-2010, 11:43 AM   #6
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
كثيرًا ما يطرق الشعر أبوابًا غير مطروقة من قبل ، وهذه القصيدة من القلائل التي تتعلق بمعاناة الشاعر في كتابة قصيدته .وفي البيت الأول نجد الشاعر يصف القصيدة بأنها كالثوب الذي يحيكه على ضوء الشمعة ، فهو إما يكتب القصيدة في ليل داج أو هو يرى عقله هو ذلك الليل بينما الفكرة التي يحاول توصيلها هي تلك الشمعة ، ويبدأ بعدها في سرد هذه الصراعات المعتملة بداخله حول كتابة القصيدة هل يؤخرها أم يسرع بها ..ويبدو هذا المأزق في شدته بالكيفية اليت يطلب منها المبدع الهروب من واقعه المليء بالالتها من خلال الأبيات \ك


فأَشْرَبُهـا و النّجُـومُ سُـكـارى
لَها في الدّياجي المُضلاّتِ شَعّـة
فيـا صاحِـبَـيَّ إِلــيّ بِــزِقٍّ
لِأَجْرَعَ مِنْهُ عَلـى الهَـمِّ جَرْعَـة
و أَسْقِيَهُ مـن دِنانـي شُجونـي
فَيُغْمِـدُ آهـاً وَ يَسْتَـلُّ دَمْـعـة
لكن بعد ذلك نجدنا أمام خطأ كبير في التعبير رمال سمائي فالرمال ليس مستقرها السماء وهي وإن كانت تتطاير إليها لكنها ليست جزءًا منها إطلاقاً.وتبدو لنا بعد ذلك هذه الصراعات وقد ولدت الحزن في ذلك البيت :
كَأَنَّ فُـؤادي وَ قَـدْ لَـجَّ حُزْنـاً
وَ هامَ شَريداً مِـنَ الليـلِ قطْعـة

ولعل هذه الصراعات المعتملة في النفس تلجئ الشاعر إلى حديث داخلي مع ذاته يقول فيه:
فما لي وندب الحياة وليست
سوى محنةً أنْ تَحِـلَّ و صَرْعَـة
فهنا نجدنا أمام تناصّ مع المعنى الذي ذكره الشاعر
ذو العقل يشقى في الحياة بعلمه
وأخو الشقاوة في الجهالة ينعم
وَ مَـرُّ الأمانـي كَمَـرِّ الثوانـي
تَجيءُ سِراعاً وَ تَمْضي بِسُرْعَـة
إزاء العبارة الجميلة التي كنت أقرؤها أحيانًا في هذا المنتدى دائمًا ننتظر اللحظة فتأتي لِتّمُرّ. فهذه المعاناة توهنا أكون شتعل في الخاطر الذي بعد أن ظل يفكر فيه ليالي وأيامًا إذا به يتخلى عنه أو ينساه أو يجده غير مناسب فيهمله هذا المأزق الذي يرهِق الشاعر عند كتابة القصيدة.
فَدَعْني جَهـولاً أُعالِـجُ دَهْـري
فَلِلْعَقْلِ عُشْـرٌ وَ للْجَهْـلِ تِسْعَـة
وَ خُذْ ما تَشاءُ وَ دَعْ مـا تَشـاءُ
فَمـا للزّمـانِ إِذا مـرَّ رَجْـعـة
أَرانـي و ليلـي رَفيقيْـنِ لكـن
نصيبي سُهـادٌ وَ للْيـلِ هَجْعَـة
وبعد ذلك ينتقل الحديث على لسان القلم حسبما فهمت لتكون حالة الاضطراب عندما لا يجد الشاعر ما يكتبه ممثلة على لسان القلم في هذه الأبيات وإن كنت أرى غموضًا في هذا البيت:
كَأنّـي الصقيـعُ أَمـوجُ جُنونـاً
وَ بَرْدي على صَفْحَةِ الفَجْرِ صَفْعَة

إذ كيف تصفع الأوراق قلمًا ، وما هي الدلالة لهذه الألفاظ الصقيع والبرد والفجر ؟!
زَفيري حَفيفٌ وَ صَدْري خَريـفٌ
وَ عَيْنايَ مِنْ صَخْرَةِ الحُزْنِ نَبْعَة
بعد ذلك ينتقل الحديث إلى الأفكار والمشاعر التي يتحدث الشاعر على لسانها ،ولا يُفهم كذلك الدلالات الخاصة بكف الشتاء والرذاذ ورضع الصيف ، كلها تعبيرات غلبت عليها التصورات الذهنية أكثر مما غلبت عليها صفة الاتزان وهي صور نستطيع القول بأنها جوفاء أي ذات انطباع شكلي لكنك إذا قرأتها بتمعن لم تجد شيئًا.
أَلــوذُ بِـكـفّ الشـتـاءِ رذاذاً
وَ أَرْضَعُ صيْفَاً مِنَ الشمْسِ رَضْعَة
أَنا مِنْ أَنينـي غَزَلْـتُ فُصولـي
فَكُنَّ عَلى وَحْشَةِ العُمْـرِ سَبْعَـة
خَلَعْتُ عَلَـيّ مِـنَ الفَجْـرِ مُلْكـاً
وَ شَيّدْتُ في نَفْحَةِ النّـورِ قَلْعَـة
ولعل هذا البيت الأخير هو ما يترجم المعنى النهائي في القصيدة:
وَ ذُبْتُ مِـداداً بِجَـوْفِ يَراعـي
لِاَكْتُبَ نَفْسي عَلى ضوءِ شَمْعَـة
.
فهي رحلة بين عوالم شتى عالم النفس وما يوازيه من عالم الحياة الخارجي يأخذ الشاعر من كل طرف شيئًا ويجمعها ليعطي لنا صورة متداخلة البهجة والشجن ،يكون القلم هو كل هذه المكونات المتداخلة معًا ، وتكون المعاناة هي سيدة الموقف .
قصيدة جميلة وإن طغى عليها تيار واضح من اللاوعي في تركيب الصورة الشعرية.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس