عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-05-2009, 04:42 PM   #282
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

عزيزتي دينا : لو لم يكن هذا العمل منك ، فمن من يا ترى يكون ؟ العمل أراه يقف ويداه في وسطه ويقول لي بتحد :"أما زلت مصرًا على تعبيرات التقليدية القديمة ؟ اما زلت تؤمن بأن ثمة شيئًا كان من الممكن أن أفعله لم يتم ؟ لو كان كذلك حقًا أرني أين الضعف فيّ !"
يتسم هذا العمل بجمال متفرد من نوعه ، فمن حيث الرصد أو الحالة يتخذ طريقًا أحادي الجانب . هذا الجانب والتي تناجي فيه المرأة محبوبها بشكل فلسفي لا يصل إلى حد الغموض وإنما بأسلوب متعدد الدلالات وكأنه ثلاثي الأبعاد ، هذا العمل ينم ّعن وعي منهجي بأساليب التعبير وزوايا الرصد .
الاستفهامات ، والتعبيرات التي تبدو عادية نمّت عن إدراك كنت أنتظره منذ زمن بالوعي الموقفي ، هذا الموقف فيه استناد على الخطاب وكأنه خطاب تيليفيزيوني أولقطة من فيلم وثائقي ولغة الخطاب التي تشركين فيها الآخر كحكم ، كل ذلك جعل من العمل قيمة فريدة ، تكمن في أن نصه قابل للدخول في أكثر من شكل من أشكال التصوير .
البداية والتي كانت كأنها بداية فيلم ظهرت فيها هذه اللمحة العبقرية :
هو يؤمن بأن كل شيء وله نهاية
وهي تؤمن بأن كل شيء خاضع للاحتمالات

إذًا هي النهاية تبدأ منذ البداية ، والبدء بـ(هو) يفيد حالة من تفضيل الآخر ، وربما البدء به من أجل تحميله الذنب .لكن كان الــ(هو) أو الآخر هو محور العمل ابتداءً من هذه الأداة .
وتتأكد هذه النزعة من خلال النداء :
سيدي
في تلك العلاقة الخاصة جدا التي احتوتنا دون أدنى مقدمات..
دون حتى تفسير واحد, يفسر لنا سر وجودنا معا
أتساءل لم أنا معك أعيش

كانت الصياغة ذكية للغاية ، والتي توحي بأنها لغة أرستقراطية ، وألمح فيها ظلالاً من الأدب الغربي ولكن لا أعرف من أين تحديدًا ،لكني أذكر أني قرأت صياغات مترجمة قريبة من هذه ، وهذا يدل على عالمية الفكرة ووضعها في الإطار الإنساني الذي يجعلها متداولة في كل عصر .ولغة الخطاب تنبئ بوجود مقدمات مختزنة بين الجانبين لم تذكريها تفاديًا للإطالة ولعدم أهميتها ، لكني أرى أن هذا الجانب المختزن هو خلاف زوجي ذو طابع أرستقراطي تتبين ملامحه من خلال اللغة .وهذه اللغة أدت دورًا كبيرًا في لفت الانتباه واتخاذ السرد المسار غير التقليدي(على صعيد أعمالك أو على صعيد الفكرة نفسها وطريقة التعامل معها).
وجود الكلمات وعي ، العلاقة ،تجاعيد مرة هو انعكاس لمعرفتك بالموقف والأدوات المستخدمة فيه ، واللافت هذا التعبير والذي أقف منه موقف الحياد ولا أقول هو جيد أم لا لأني ليس في يدي ما أستطيع من خلاله القيام بذلك "القلب يحاصره عقل ، والعقل تسكنه تجاعيد مرة ".لكن العقل تسكنه تجاعيد مرة أعجبني في هذا التعبير أنه جعل هناك مواءمة بين الأشياء المحسوسة والملوسة ، وجعل للصورة جانبًا تشكيليًا بارزًا . وأقصد بالجانب التشكيلي الصور التي يتخذها الفنانون التشكيليون للتعبير عما بدخائلهم
ولا يمنع هذا من القول بأن الجملة لم أنا معك أعيش غير متناسقة وركيكة .

وكأننا داخل حدود "برواز"
يبتسم في تهكم, في مراوغة امرأة
تنتظر نهايتنا ويخنقها شجن
فعند العقل "لا مجال لأي أحلام"
وبينهما أقف أنا حائرة على عتبات الاحتمالات
فأعرف جيدا أن لقاءنا..
ليس محض صدفة بل هو خطة محكمة متقنة جدا من القدر

كان التخيل للعلاقة بين العقل والعاطفة قويًًا وطغيان الجانب المادي الممثل في شكل البرواز كان مفضيًا إلى حالة الحصار ،لتعميق الشعور بالألم، كذلك العبارة لا مجال لأي أحلام رغم كونها كلمة عادية إلا أنها في سياق الموقف اكتسبت قوة آتية من سيطرة هذا البرواز ووجود كلمة مراوغة امرأة فيها تأكيد على حياديتك كأنثى في النظر إلى المرأة (على الأقل داخل العمل الأدبي إن لم تكن في الحياة كلها)، كلمة عتبات الاحتمالات كانت مفضية إلى حالة تخيلية لعمق هذا العالم وأغواره عالم النفس فالعتبة يستتبعها وجود بوابة ،ويظل ما بداخل البوابة مغلقًا يكتنفه الغموض والذي كانت عتبة الاحتمالات أول خطوة له .
فقد تأخذ مني عمري أو إهداء في كتاب
وقد آخذ أنا منك غربتك أو لا شيء,
من يدري..؟؟


الأشياء تكتسب قيمتها من قيمة أصحابها هذه هي رؤيتك المبثوثة في العمل من خلال العمر\ الإهداء في كتاب ، والطرفان في النهاية طرفان غير متعادلين ، وهنا يكتسب النص مذاقًافريدًا مردّه إلى أن النصف المملوء-المرأة- هو الذي يتوسل بالنصف الفارغ (تأخذ مني عمري ،آخذ منك غربتك أو لا شيء)وهنا يكون للدراما شكل أكثر عمقًا وتأثيرًا.

فكل شيء خاضع للاحتمالات
لكن في تلك الحكاية الغريبة وصراعي مع نفسي
مازال يقتلني السؤال..
هل سيدوم مذاق الحب الذي تنساب منه لذة خفية داخلنا
أم سيتخفي بفعل الفراق..؟؟
أي نصف سيجتاح بجدارة حدود الخوف,
يعيش أجمل لحظات معك حتى أشعر بالحنان
بالأمان
أجبني.. أدوام الحال محال؟؟
وجودنا معا محض حقيقة أم خيال..؟؟


تعبيرك أي نصف سيجتاح بجدارةحدود الخوف أضفى طابعًا من المأساة أعمق ، لأن الجانبين –على اختلافهما- القلب والعقل يواجهان الخوف ، ويكون السؤال مثاراً: هل هذا العقل الذي حصر القلب محى الخوف ؟ لا يُدرى ، إذًا لماذا يتعامل الفرد بالعقل وهو غير مؤكد النجاح ؟ إنها المأساة لا العقل انتصر ولا القلب استمتع ،وتبقى المأساة الخوف كأنه هو هذا الإطار يحيط بالجانبين.
لاحظي هنا المواءمة والموازاة بين الخوف والإطار، ولذلك تكون حالة السجن، الشجن هي المسيطرة رغم عدم إشارتك لها
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 29-11-2009 الساعة 09:19 AM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس