[عصام الدين]

في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر منها المنتدى، توجهت لشراء بذلة جديدة، كي أبقى في كامل أناقتي، يقظا، يدي على قلبي و اليد الأخرى على هاتفي المحمول، فالتعيينات قد تأني بين فينة و اخرى ومن يدري قد يفكر المشرف العام في تحميلي مسؤولية في مكان ما من هذه الخيام تليق بمؤهلاتي، ربما يفعلها معي نظرا لصلاحياته الدستورية وغير الدستورية الواسعة جدا فيعينني، مع أنني لم أتحمل طوال حياتي السابقة سوى مسؤولية الوصول حتى آخر الشهر بأقل الديون الممكنة.

و مع ذلك فسيرتي الذاتية حافلة بالتجارب التي من الممكن أن يسخرها المشرف العام لخدمة هذا المنتدى، شهاداتي ، بما فيها الطبية، ربما حان الوقت لانزالها من على الحيطان وإخراجها من الاطارات وتخليصها من خيوط العنكبوت وتقديمها داخل ملف أنيق يليق بكاتب ساخر وعضو صالح مثلي، فأنا لم أمزق سراويلي على طاولات خشبية و لم أطفئ نور عيني في غرف الدرس لتنتهي شواهدي جنب آية الكرسي في صالون البيت، لهذا السبب اشتريت بذلة جديدة، فأنا أنيق هذه الايام، و على استعداد لأتحمل جميع المسؤوليات الجسيمة أو السهلة أو حتى التافهة، ففي سبيل المنتدى كل شيء يهون... بما في ذلك كرامة الكاتب..

مستعد لتقبل كل العروض، نائب المشرف العام، مشرف مساعد لمشرف آخر، مشرف خيمة خاصة أو مشرف شرفي أو هما معا، كاتب المشرف ، كاتب خطابات المشرف العام.. أي شيء للتقرب إلى السلطة، سلطة الإشراف طبعا.
و بما أن مشرف الساخرة لم يتعين بعد، فانني اقترح نفسي لتحمل هذه المسؤولية الثقيلة، و أظن أنني سأكون في مستوى الآمال لتي يعلقها علي الأعضاء، على الأقل لن أكون أسوأ من الذين مروا من قبلي مثل الشيخ أبو الأطفال، وسأكون حتما وبكل تأكيد أفضل من اليمامة وقطعا أحسن من الوافي.

صحيح أنني لم أعتقل في الجامعات بسبب السياسة ولكنني معتقل منذ ولادتي في زنزانة قضبانها ضلوعي..
و صحيح أنني لم أنخرط في حياتي مع أي حزب سياسي أو منظمات المجتمع المدني ولكن سبق أن انخرطت في عدة جمعيات ثقافية طمعا في الحصول على الكتب والمراجع المجانية من جمعية الشعلة (الماركسية) إلى جمعية الشروق (لحركة التوحيد والإصلاح)، وجمعية الكرامة (التابعة للعدل والإحسان) دون نسيان المعهد الثقافي الفرنسي والمكتب الثقافي السعودي ومعهد السرفانتس والبريتش..

و صحيح أنه لم يصدر في حقي حكم بالاعدام ولو مرة واحدة، و لكن صدر في حقي حكم بالحياة منذ الولادة وها قد مرت سنين عديدة على صدور الحكم لأكتشف أنه للأسف صدر في الزمان والمكان غير المناسبين.

و صحيح أنني لم أقاوم ضد الاستعمار، فهو للأسف خرج قبل أن أولد، ويا ليته بقي حتى نراه و نرجوه أن يبقى معنا أكثر حتى يكمل اصلاح وتوسعة كل الطرق والمستشفيات والمدارس التي بناها ولم يتم ترميمها منذ ذهابه.

و صحيح أنني لم أكن منفيا خارج وطني ذات يوم ولم أتلق مساعدات خارجية من أية جهة ولكنني عشت طوال حياتي أشعر أنني منفي داخل وطني والمساعدات الوحيدة التي وصلتني هي دعوات أمي بأن يخلصني الله من أفكاري قبل أن أجن.

و صحيح أنني لم أخطط لأي انقلاب ضد أي أحد، و لم أحمل في حياتي سلاحا آخر غير الدعاء والحذر، لكنني انقلابي في مزاجي ومعي دبلوم عالي في فن الرماية وحتى الآن رميت نصف أحلامي من شرفة المستقبل نظرا لكبرها.

و صحيح أنني لا أجيد البروتوكول ومفكرتي خالية من المواعيد الهامة وليس لدي رقم هاتف أي مسؤول كبير في هذه البلاد، و لكنني تلقيت تدريبا في مدرسة الحياة على الطريقة الانجع في مصافحة مسؤول دون أن نعاني من آلام مزمنة في الظهر، و مفكرتي مليئة بالمواعيد الغرامية التي أخرج منها بصداع في الرأس و ثقب كبير في الميزانية وهاتفي المحمول يحتوي هذا اليوم مثلا على ما مجموعه خمسا وعشرين رسالة، إحداها عبارة عن رسالة إشهارية من شركة الإتصالات والباقي كله عبارة عن جملة واحدة تتكر دوما مع كل إس إم إس تقول : (هاي.. إتصل بي)، ولدي هواتف عشرات سائقي سيارات الأجرة أيضا، فهم في آخر المطاف من يمكنك الاعتماد عليهم في ليل العاصمة أكثر من أي مسؤول .

و صحيح أن هذه السيرة الذاتية لا تليق بمشرف في منتدى يحترم نفسه ولكن هناك أكثر من مشرف مر أو لازال على رأس هذه الخيام وما يكتبه من خزعبلات وترهات تبدو معها سيرتي الذاتية وكل واحد من حروفي قلادة مرصعة بالدرر.

أمير المشرفين، سأستمر خلال الأيام القادمة أنام وأصحو، ببذلتي الأنيقة، يدي على قلبي و يدي الأخرى على هاتفي بانتظار التعيين.
فيبدو أنه في هذا المنتدى.. ما يلزم لتقلد مسؤولية الإشراف، هو البذلة الأنيقة أوالهاتف المحمول، أو وساطة سعودية، أو مصوتون من العمالة الهندية أو البنغالية لتفوز بالتصويت، أو أي تفاهة أخرى،
أما غير ذلك.. كأن تكون كاتبا ساخرا حقيقيا، فلا تسأل.