عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-06-2020, 08:39 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,907
إفتراضي نظرات فى رسالة التوابع والزوابع

نظرات فى رسالة التوابع والزوابع
مؤلف الرسالة هو ابن شهيد الأندلسي والرسالة عبارة عن تخيلات مستحيلة بناء على مقولة أن وادي عبقر من أمسى ليلة فيه اتاه شاعر أو شاعرة من الجن تلقنه الشعر،وإن كل شاعر جاهلى كان له قرين من الوادي يلقنه الشعر مثل لافظ بن لاحظ صاحب امرؤ القيس وهبيد بن الصلادم صاحب عبيد بن الأبرص وبشر بن أبي خازم الأسدي وجالد بن ظل صاحب عنترة بن شداد
تطرح الرسالة عدة أسئلة :
السؤال الأول هل يجوز للمسلم شاعرا أو ناثرا أن يبنى كتابا على مقولة باطلة؟أى بألفاظ أخرى هل يجوز للمسلم ان يشيع الخرافة فى المجتمع ؟
إجابة السؤال هو أن المسلم عليه ألا يشيع الأباطيل فى المجتمع لأن البعض بمجرد ان يقرأ كتابا قد يعتقد ما فيه رغم أنه أكذوبة لقصر علمه أو بثقته فيمن كتبه ولذا قال تعالى :
"اتقوا الله وقولوا قولا سديدا"
وقد حرم الله إشاعة أى نوع من الفواحش فى المجتمع فقال :
"إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين امنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والاخرة"
السؤال الثانى ما هو التخيل المشروع للشاعر أو الناثر؟
إجابة السؤال يجوز للمسلم الشاعر أو الناثر تخيل أى شىء لا يعارض اية من كتاب الله ولا يجوز له أن يبنى كتابه على شىء باطل أو محال ومن أمثلة هذا حاليا ما يسمى بحروب النجوم أو تصغير أو تكبير المخلوقات بدرجة عظيمة أو بوابات الزمن
الشىء الباطل يمكن بناء كتاب عليه ولكنه يكون كتابا نقديا للباطل او يبين كيف تم ولادة الخرافة فمثلا دين الاغريق وأساطيره مثل التى تقوم على ولادة أطفال بشرية من الهة مزعومة تجامع بشرا
على أحد ما أن يبين أن الالهة المزعومة كانت بشرا يقومون باغتصاب النساء أو الزنى معهن وللخروج من العقاب كانوا يزعمون حكايات الجماع المزعومة
وقبل الشروع فى مناقشة ما جاء بالرسالة أقول أن هدف ابن شهيد من الرسالة ليس بث علم أو تعريفنا بشىء مفيد وإنما هو استعراض مقدرته النثرية والشعرية فى معارضة الكتاب والشعراء وهو قى سبيل ذلك لا يستحى من القول فى المحرمات من خمر ونساء كما قال من يعارضهم
وهذا النوع من الرسائل سبقه إليه عديدون أشهرهم أبو العلاء المعرى وقد ألف عدة رسائل منها رسالة الغفران ورسالة الملائكة وتبدو رسائل المعرى رغم قيامها على خرافات كصك الغفران وإدخال الجاهليين الجنة رسائل لها هدف فالرجل يستعرض فيها أراء نقدية فى علوم مختلفة كالنحو والصرف وغيرهم فهو رجل يريد انتقاد أخطاء وأما التوابع والزوابع فليس فيها شىء من النقد لأى شىء
استهل ابن شهيد الرسالة بالقول أن شيطانه هو زهير بن نمير وحكى كيف ظهر له عندما ماتت حبيبته وارتج عليه فى رثاءها فقال:
"لله أبا بكر ظن رميته فأصميت، وحدس أملته فما أشويت أبديت بهما وجه الجلية، وكشفت إن غرة الحقيقة، حين لمحت صاحبك الذي تكسبته ورأيته قد أخذ بأطراف السماء، فألف بين قمريها، ونظم فرقديها، فكلما رأى ثغرا سده بسهاها، أو لمح خرقا رمه بزباناها، إلى غير ذلك فقلت: كيف أوتي الحكم صبيا، وهز بجذع نخلة الكلام فاساقط عليه رطبا؛ أما إن به شيطانا يهديه، وشيصبانا يأتيه وأقسم أن له تابعة تنجده، وزابعة تؤيده، ليس هذا في قدرة الإنس، ولا هذا النفس لهذه النفس فأما وقد قلتها، أبا بكر، فأصخ أسمعك العجب العجاب: كنت أيام كتاب الهجاء، أحن إلى الأدباء، وأصبو إلى تأليف الكلام؛ فاتبعت الدواوين، وجلست إلى الأساتيذ، فنبض لي عرق الفهم، ودر لي شريان العلم، بمواد روحانية، وقليل الالتماح من النظر يزيدني، ويسيير المطالعة من الكتب يفيدني، إذ صادف شن العلم طبقة ولم أكن كالثلج تقتبس منه نارا، ولا كالحمار يحمل أسفارا فطعنت ثغرة البيان دراكا، وأعلقت رجل طيره أشراكا، فانثالث لي العجائب، وانهالت علي الرغائب وكان لي أوائل صبوتي هوى اشتد به كلفي، ثم لحقني بعد ملل في أثناء ذلك الميل فاتفق أن مات من كنت أهواه مدة ذلك الملل، فجزعت وأخذت في رثائه يوما في الحائر، وقد أبهمت علي أبوابه، وانفردت فقلت:
تولى الحمام بظبي الخدور، وفاز الردى بالغزال الغرير
إلى أن انتهيت إلى الاعتذار من الملل الذي كان، فقلت:
وكنت ملتك لا عن قلى، ولا عن فساد جرى في ضميري
فأرتج علي القول وأفحمت،فإذا أنا بفارس بباب المجلس على فرس أدهم كما بقل وجهه، قد اتكأ على رمحه، وصاح بي: أعجزا يا فتى الإنس؟ قلت: لا وأبيك، للكلام أحيان، وهذا شأن الإنسان! قال لي: قل بعده:
كمثل ملال الفتى للنعيم، إذا دام فيه، وحال السرور
فأثبت إجازته، وقلت له: بأبي أنت! من أنت؟ قال: أنا زهير ابن نمير من أشجع الجن فقلت: وما الذي حداك إلى التصور لي؟ فقال: هوى فيك، ورغبة في اصطفائك قلت: أهلا بك أيها الوجه الوضاح، صادفن قلبا إليك مقلوبا، وهوى نحوك مجنوبا وتحادثنا حينا ثم قال: متى شئت استحضاري فأنشد هذه الأبيات:
والي زهير الحب، يا عز، إنه إذا ذكرته الذاكرات أتاها
إذا جرت الأفواه يوما يذكرها يخيل لي أني أقبل فاها
فأغشى ديار الذاكرين، وإن نأت أجارع من داري، هوى لهواها
وأوثب الأدهم جدار الحائط ثم غاب عني وكنت، أبا بكر، متى أرتج علي، أو انقطع بي مسلك، أو خانني أسلوب أنشد الأبيات فيمثل لي صاحبي، فأسير إلى ما أرغب، وأدرك بقريحتي ما أطلب وتأكدت صحبتنا، وجرت قصص لولا أن يطول الكتاب لذكرت أكثرها، لكني ذاكر بعضها"
وبالقطع البيت:
كمثل ملال الفتى للنعيم، إذا دام فيه، وحال السرور"
هو تكذيب لله فى القول أن الجنة وهى النعيم لا ملل فيها كما قال تعالى "لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون"
فالملل هو نوع من السوء والحزن وهو لا يصيب من فى نعيم الله
ثم حكى الرجل أنه جالس زهير الجنى يوما وهو أمر محال لأن النبى(ص) نفسه لم يجالسهم رغم أنه رسول من الله لهم وأنه هم من سمعوه يتلو القران فذهبوا فاخبروا قومهم بالرسالة الجديدة ولم يعرف ذلك إلا بعد أنه اخبره الله باستماعهم للقران فقال " قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرانا عجبا يهدى إلى الرشد فامنا به ولن نشرك بربنا أحدا"
تجالس الجنى والإنسى وتكلما فطلب الإنسى من الجنة أن يجعله يقابل شياطين الشعراء والكتاب فى أرض الجن فأخبره الجنة أنه لا يستطيع أن يفعل هذا إلا بعد استئذان شيخ الجان ومن ثم تركه وأخذ الإذن له فذهبا وقابلا من ذكرهم ابن شهيد فيما يلى:
"تذاكرت يوما مع زهير بن نمير أخبار الخطباء والشعراء، وما كان يألفهم من توابع والزوابع، وقلت: هل حيلة في لقاء من اتفق منهم؟ قال: حتى أستأذن شيخنا وطار عني ثم انصرف كلمح بالبصر، وقد أذن له، فقال: حل على متن الجواد فصرنا عليه؛ وسار بنا كالطائر يجتاب الجو فالجو، ويقطع الدو فالدو، حتى التمحت أرضا لا كأرضنا، وشارفت جوا لا كجونا، متفرع الشجر، عطر الزهر؛ فقال لي: حللت أرض الجن أبا عامر، فبمن تريد أن نبدأ؟ قلت: الخطباء أولى بالتقديم، لكني إلى الشعراء أشواق قال: فمن تريد منهم؟ قلت: صاحب امرئ القيس فأما العنان إلى واد من الأدوية ذي دوح تتكسر أشجاره، وتترنم أطياره، فصاح: يا عتيبة بن نوفل، بسقط اللوى فحومل، ويم دارة جلجل، إلا ما عرضت علينا وجهك، وأنشدتنا من شعرك، وسمعت من الإنسي، وعرفتنا كيف إجازتك له! فظهر لنا فارس على فرس شقراء كأنها تلتهب، فقال: حياك الله يا زهير، وحيا صاحبك أهذا فتاهم؟ قلت: هو هذا، وأي جمرة يا عتيبة! فقال لي: أنشد؛ فقلت: السيد أولى بالإنشاد فتطامح طرفه، واهتز عطفه، وقبض عنان الشقراء وضربها بالسوط، فسمت تحضر طولا عنا، وكر فاستقبلنا بالصعدة هازا لها، ثم ركزها وجعل ينشد:
سما لك شوق بعدما كان أقصرا
حتى أكملها ثم قال: لي: أنشد؛ فهمت بالحيصة، ثم اشتدت قوى نفسي وأنشدت:
شجته معان من سليمى وأدؤر "
هنا قابل تابع امرؤ القيس وهو عتيبة بن نوفل وهو ما يعارض المعروف من كونه لافظ بن لاحظ وتبادلا الأشعار ثم قالا شيطان اى تابع طرفة ابن العبد عنتر بن العجلان وتبادلا الأشعار وفى هذا قال :
"فقال لي زهير: من تريد بعد؟ قلت: صاحب طرفة فجزعنا وادي عتيبة، وركضنا حتى انتهينا إلى غيضة شجرها شجران: سام يفوح بهارا، وشحر يعبق هنديا وعارا فرأينا عينا معينة تسيل، ويدور ماءها فلكيا ولا يحل فصاح به زهير: يا عنتر بن العجلان، حل بك زهير وصاحبه، فبخولة، وما قطعت معها من ليلة، إلا ما عرضت وجهك لنا! فبدا إلينا راكب جميل الوجه، قد توشح السيف، واشتمل عليه كساء خز، وبيده خطي، فقال: مرحبا بكما! واستنشدني فقلت: الزعيم أولى بالإنشاد؛ فأنشد:
لسعدى بحزان الشريف طلول
حتى أكملها، فأنشدته من قصيدة:
أمن رسم دار بالعقيق محيل
وممن قابلهم أبو الخطار صاحب قيس ابن الخطيم ومن أقواله فيه:
" فقال لي زهير: إلى من تتوق نفسك بعد من الجاهليين؟ قلت: كفاني من رأيت؛ اصرف وجه قصدنا أبي تمام فركضنا ذات اليمين حينا، ويشتد في إثرنا فارس كأنه الأسد، على فرس كأنها العقاب، وهو في عدوه ذلك ينشد:
طعنت ابن عبد القيس طعنة ثائر، لها نفذ، لولا الشعاع، أضاءها
فاستربت منه، فقال لي زهير: لا عليك، هذا أبو الخطار صاحب قيس ابن الخطيم فاستبى لبي من إنشاده البيت، وازددت خوفا لجرأته، وأننا لم نعرج عليه فصرف إليه زهير وجه الأدم"
وممن قابلهم شيطان أبى تمام عتاب بن حبناء حيث تبادلا الأشعار وفيه قال:
البقية https://arab-rationalists.yoo7.com/t1077-topic#1293
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس