نقد قصة أبو القرن
نقد قصة أبو القرن
الكتاب يدور حول حديث يحكى حكاية وقد استهلها المؤلف بذكر حديث عن أن بنى إسرائيل كتبوا كتابا فأطاعوه بديلا عن التوراة وفى هذا قال المؤلف :
" أما بعد ..
صاحبنا أبو القرن أخلص في فهم العقيدة والمنهج فحفظ الله به العقيدة والمنهج
في حديث أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" عن ربيع بن عميلة قال: حدثنا عبد الله، ما سمعنا حديثا هو أحسن منه إلا كتاب الله عز وجل، ورواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فذكره. والحديث ذكره شيخنا الألباني ـ رحمه الله ـ في "الصحيحة" (2694) وعنون له بقوله: هل أصابنا ما أصابهم؟ وقال ولكن عندي وقفة في رفعه لأنه ليس صريحا فيه، ولكنه على كل حال في حكم المرفوع، والله أعلم.
وله شاهد مختصر جدا من رواية أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بني إسرائيل كتبوا كتابا فاتبعوه، وتركوا التوراة" أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (5548)."
وأما الحديث الطويل فهو :
"نص الحديث
"إن بني إسرائيل لما طال الأمد وقست قلوبهم اخترعوا كتابا من عند أنفسهم، استهوته قلوبهم، واستحلته ألسنتهم، وكان الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم، حتى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، فقالوا: اعرضوا هذا الكتاب على بني إسرائيل، فإن تابعوكم عليه، فاتركوهم، وإن خالفوكم فاقتلوهم، قال: لا، بل ابعثوا إلى فلان ـ رجل من علمائهم ـ فإن تابعكم فلن يختلف عليكم بعده أحد، فأرسلوا إليه فدعوه، فأخذ ورقة فكتب فيها كتاب الله، ثم أدخلها في قرن، ثم علقها في عنقه، ثم لبس عليها الثياب، ثم أتاهم، فعرضوا عليه الكتاب فقالوا: تؤمن بهذا؟ فأشار إلى صدره ـ يعني الكتاب الذي في القرن ـ فقال: آمنت بهذا، ومالي لا أؤمن بهذا؟ فخلوا سبيله قال: وكان له أصحاب يغشونه فلما حضرته الوفاة أتوه، فلما نزعوا ثيابه وجدوا القرن في جوفه الكتاب، فقالوا: ألا ترون إلى قوله: آمنت بهذا ومالي لا أومن بهذا، فإنما عنى بـ (هذا) هذا الكتاب الذي في القرن قال: فاختلف بنو إسرائيل على بضع وسبعين فرقة، خير مللهم أصحاب أبي القرن"
ونص الحديث يدل على أنه باطل منكر موضوع لأن من اخترعوا الكتاب حسب نص الحديث هم بنو إسرائيل " إن بني إسرائيل لما طال الأمد وقست قلوبهم اخترعوا كتابا من عند أنفسهم"
ومع هذا يقول الحديث أنهم عرضوا الحديث على بنى إسرائيل فى قولهم فقالوا: اعرضوا هذا الكتاب على بني إسرائيل، فإن تابعوكم عليه، فاتركوهم، وإن خالفوكم فاقتلوهم"
فإذا كانوا هم من اخترعوه فكيف يعرضونه على أنفسهم وهم يعرفونه؟
والغريب أنهم طلبوا قتل أنفسهم فى القول السابق
والأغرب أنهم اختلفوا بعد أبو القرن إلى 72 فرقة فى قولهم:
"فاختلف بنو إسرائيل على بضع وسبعين فرقة، خير مللهم أصحاب أبي القرن"
وهو كلام يتنافى مع اختلافهم المستمر حتى فى عهد موسى(ص) نفسه وفى عهود الرسل(ص) من بعده واتباعهم مثلا كلام الشياطين بعد موت سليمان(ص):
"واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا"
والخطأ ألخر هو كتابة العالم تاب الله فى ورقة واحدة وهو كلام لا يعقل أبدا فكيف يكتب الكتاب فى ورقة إلا أن تكون ذاكرة حاسوب مؤقتة( فلاشة أو ميمورى بلغتنا الدارجة)
وذكر المؤلف ما سماه فوائد الحديث فقال :
"فوائد الحديث
1/ من رحمة الله تعالى بأمة محمد أن لها العبرة والدرس مما وقع لبني إسرائيل، فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.
2/ وفي الحديث أهمية معرفة السنة النبوية، وتقصي حقائقها من مظانها الصحيحة، للاستفادة من القصص الذي جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاصة عمن حذرنا من أن نستن بسننهم اليهود والنصارى."
السؤال للمؤلف أين ذكرت السنة النبوية فى الحديث ؟
والحديث يدل على شىء واحد وهو كتاب الله فى قولهم" فأخذ ورقة فكتب فيها كتاب الله، ثم أدخلها في قرن"؟
وما ينسب للنبى(ص) باسم السنة النبوية معظمه لم يقله وإنما هو مثل الكتاب المزعوم المفترى الذى طلبوا اتباعه
وقال:
3/ وفي الحديث بيان واضح أن ترك اتباع الكتاب والسنة الصحيحة، يؤدي إلى ضعف في الإيمان، وبمرور الوقت يعني تعدي الناس على كتاب الله تعالى؛ وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ بالتحريف، فإن لم يحرفوا الألفاظ، حرفوا المعاني اتباعا للهوى."
نفس الخطأ وهو اتباع السنة فى الحديث ولا يوجد ذكر فى الحديث سوى لكتاب الله
وقال :
4/ وفي الحديث بيان واضح أن الله تعالى يحق الحق بإذنه ومشيئته فيحول بين أهل الهوى ـ أهل الضلال والبغي والشهوات ـ، وبين ما يريدون الانتصار له من البدع والخزعبلات والتحريفات والضلالات والتعديات واللمز والغمز والهمز.
5/ وفي الحديث فضيحة بينة لهؤلاء المبتدعة أهل الضلال الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون. وقد وصفهم الله تعالى في سورة البقرة بقوله: (ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون)[101]. نقل القرطبي في الجامع قول الشعبي: هو بين أيديهم يقرؤونه؛ ولكن نبذوا العمل به. وقال سفيان بن عيينة: أدرجوه بالحرير والديباج، وحلوه بالذهب والفضة، ولم يحلوا حلاله، ولم يحرموا حرامه؛ فذلك النبذ.
قال الشيخ السعدي : وهذا أبلغ في الإعراض كأنهم في فعلهم هذا من الجاهلين، وهم يعلمون صدقه، وحقيقة ما جاء به. ثم قال:
ولما كان من العوائد القدسية والحكمة الإلهية، أن من ترك ما ينفعه وأمكنه الانتفاع به ولم ينتفع، ابتلي بالاشتغال بما يضره، فمن ترك عبادة الرحمن ابتلي بعبادة الأوثان، ومن ترك محبة الله وخوفه ورجاءه، ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه، ومن لم ينفق ماله في طاعة الله، أنفقه في طاعة الشيطان، ومن ترك الذل لربه، ابتلي بالذل للعبيد، ومن ترك الحق ابتلي بالباطل.أ.هـ
قال الكاتب: كذلك هؤلاء اليهود والنصارى لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلوا الشياطين وتختلق من السحر، وكذلك الناظر في أحوال مجتمعاتنا الآن يرى انصراف الناس إلى السحرة والمشعوذين وأهل الضلالات والبدع لأن قطاعا كبيرا من الناس آثر ترك الحق فابتلوا باتباع الباطل وأكبره اتباع الشياطين، قال تعالى في سورة بعدها: (واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر)..[102]. ثم قال الله تعالى بعدها: (ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون)[103].
قال الشنقيطي : "ذكر الله تعالى في هذه الآية ـ يعني [101] من سورة البقرة ـ الكريمة أن كثيرا من اليهود نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ولم يؤمنوا به، وبين في موضع آخر أن هؤلاء الذين لم يؤمنوا بالكتاب هم الأكثر، وذلك في قوله تعالى في سورة آل عمران: (ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون) [110]".
وفي سورة آل عمران قال تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون)[187].
فقوله تعالى: (فنبذوه) أي: رموه وطرحوه. وقوله: (وراء ظهورهم) أي: تمثيل عن قلة مبالاتهم به، قال الشيخ أحمد بن يوسف، المعروف بالسمين الحلبي: لم يكتفوا بطرحه بل لا يهمون به، لأن الإنسان قد يرمي الشيء مع التفاته إليه.
أخرج ابن عبد البر عن مالك بن مغول في قوله تعالى: (فنبذوه وراء ظهورهم) قال: تركوا العمل به. وأخرج الخطيب البغدادي في كتابه "اقتضاء العلم العمل" عن عمر بن الخطاب قوله: لا يغرركم من قرأ القرآن إنما هو كلام نتكلم به، ولكن انظروا من يعمل به".
|