كان من عادتى عندما كنت اقرأ كتابا ان اقوم بتسجيل
اجمل ما فيه فى اجندة خاصة بى ارجع اليها كل فترة واخرى
فاقرأ ما دونته فيها لما قرأته من كتب خلال تلك الفترة
و مما وجدت فى اجندتى بعضا من هذا الحديث الهام جدا
لمحمد حسنين هيكل فى كتابه زيارة جديدة للتاريخ
و محمد حسنين هيكل يعتبر بحق اعظم ثروة فكرية
تعيش بيننا فهو صاحب باع طويل فى تعاطى السياسة
و التعامل مع السياسين من كل الفئات و البلاد و الطوائف
و الرجل بحق كنز ثمين كمحلل سياسى وكاتب و ناقد له فى السياسة
باع طويل0
و كان مما جاء فى كتابه تحليل لهذة العلاقة بين اسرائيل و امريكا
و كان تحليلا رائعا لنتابع معا ما قاله الاستاذ الكبير : يقول :
( 00 و اعود و اكرر ليس روكفلر الذى يحكم امريكا
– وكان ذلك الكتاب اثناء حكم الرئيس الامريكى روكفلر-
و ان كان مقره البيت الابيض ذاته
و انما القوة الفعلية لمصالح واسعة تمثلها مؤسسة هائلة تقليدية فى الشرق
و مؤسسة مستحدثة فى الغرب00
المؤسسة الاولى الشرقية اكثر تأنيا و ترويا
بحكم موقعها على المحيط فى مواجهة اوروبا
و بطبيعة اهتمامها بالزراعة و الصناعة
و التجارة والمال و بعمر تجربتها الطويلة نسبيا 00الى آخره
و المؤسسة الثانية الغربية اشد حماقة و اندفاعا بحكم اشتغالها
بصناعات السلاح و الفضاء و ما يتصل بها و يحكم حداثة عهدها
بالقوة 000الى آخره و بين المؤسستين و داخل كل واحدة منهما
و على اطرافهما و من حولهما
– حوار مستمر و حركة لا تهدأ و تفاعلات تجرى ليل نهار
كأنها هراسات عملاقة لايقف فى وجهها شئ "
و لنا ان نتصور ضغط هذة الهراسات مثلا على مجالاتها
فى بلادنا الشركات على الشركات
و البنوك على البنوك و الجامعات على الجامعات
و المراكز على المراكز و المفكرين على المفكرين ؟!!
و فى كل الاحوال فانها ليست خيوط مؤامرة ة انما طبائع أمور فى
قوى لها اصولها و جذورها و لها حياتها و حيوتها
و لها قدرتها على النمو و الانتشار
ثم انها بما لديها من وسائل القوة
تستطيع ان تخلق مناخا عاما ضاغطا و حركة نشيطة فى هذا المناخ
و منطق اقناع يكاد يصنع شبه اجماع يبنى و يؤكد مسارسياسات مستمرة
مهما تغير اصحاب البيت الابيض مرة كل اربع سنوات0
مصالح و معيار القيمة الوحيدة عندها هو النجاح و لا شئ غيره
من اثقال الاخلاق و مواريث التاريخ و اعباء اساطير الاولين
و ركزت فى هذا الحديث عن كلمة "المصالح" لاصل منها الى احوالنا و لما نتصوره :
فنحن نتصور احيانا ان التأثير ممكن بمنطق الحق و العدل و القانون
" ننسى اننا حيال مجتمع تعود ان يتعامل مع الواقع بصرف النظر
عن التاريخ و بالنسبة لمعايره فليس هناك حق و لا عدل و لا قانون فى المطلق
و لو خطر لهم مثل هذا المنطق لكان عليهم ان يسلموا " الامبراطورية" الى الهنود الحمر و ينصرفوا عائدين الى اوربا0
معيار القيمة الوحيدة هو النجاح و اذا تحقق فلاصحابه الحق و العدل و القانون و بيس امام غيرهم الا السكوت او الشكوى !!
• و نتصور احيانا ان التأثير ممكن باستثارة العطف و مناشدة النخوة
ننسى اننا ازاء مجتمع يحترم فى اعماقه منطق العنف فهو بممارسته العنف تحول من مجتمع هجرة الى مجتمع امبراطورى
و على سبيل المثال فأن شيئا ما فى العربدة الاسرائيلية فى المنطقة يذكرهم باطنا بزحفهم نحو الغرب ثم ان رجلا مثل شارون لا يمثل لهم صورة هملر وزير داخلية هتلر بقدر ما يمثل
لهم صورة واحد من مشاهير رعاة البقر اسرع من غيره فى اطلاق نيران مسدسه00
و الواقع اننا لم نستطيع حتى الآن ان نفهم رؤيتهم من منظور تجربتهم لاسرائيل و هذا حديثنا المرة القادمة ان شاء الله