نظرات فى خطبة المكاسب الخبيثة
نظرات فى خطبة المكاسب الخبيثة
الخطيب سامى الحمود والخطبة تدور حول الكسب الحرام وقد استهل الخطبة بالحديث عن كسب المال من الحلال وأن الكسب الحرام دليلا على ضعف الايمان فقال :
"أما بعد .. أخي المبارك: كم هو رصيدك في البنك؟ وكم تملك من المال؟
ليس مهماً أن تعرف إجابة هذا السؤال أو لا تعرف، لكن الأهم، هو أن تسأل نفسك من أين اكتسبت هذا المال؟ أمن الحلال أو الحرام؟.
عباد الله .. إنَّ من علاماتِ ضعفِ الإيمان, وضعف اليقين باليوم الآخر, حبَ الدنيا, وإيثارَها على الآخرة, والتعلقَ بالشبهِ الواهيةِ في تحصيلِ المالِ بأي وجهٍ كان ."
والكسب الحرام إن ارتكبه الإنسان متعمدا غير مضطر فهذا ليس من ضعف الإيمان كما قال الحمود وإنما من انعدام الإيمان وتحدث الحمود عن تعدد المكاسب المحرمة من أبواب كثيرة فقال :
"ولقد تعددت في زماننا هذا, أبوابُ الكسبِ الحرام، التي وقع فيها الكثير من الناس، فأهلكوا أنفسهم .. ووقعَ آخرون في الشبهات, ومن وقع في الشبهات وقع في الحرامِ كالراعي يرعى حولَ الحمى, يُوشكُ أن يرتعَ فيه، ألا وإنَّ لكلِّ ملكٍ حمى، ألا وإنّ حمى اللهِ محارمُه .
وإذا كانت مصادرَ الكسبِ الحرام متعددةً ومتنوعة، فقد تفتقت عقولُ شياطينِ الإنس والجن في هذا العصر, فاخترعوا ألواناً وأشكالاً، يصعبُ حصرُها وتفصيلها ."
وبما أن الحمود تحدث عن وماننا فقد وجب التنويه التالى:
أننا لا نحيا فى دولة المسلمين المحكومة بشرع الله ومن ثم فما نعيشه حاليا هو حياة مختلطة من الحلال والحرام لا يمكن السيطرة عليها من قبل المسلم حتى وإن حرص على ذلك وأهم شىء هو توزيع الثروات وتوزيع المرتبات او الرواتب والمعاشات والتى تختلف من جهة إلى أخرى فى الحكومات الحالية فدولة الحمود يستاثر فيها الملك والأمراء ومن والاهم بمعظم إيرادات الدولة ولا يقتسمونها مع بقية الناس وفى مصر مثلا تعانى فئات كثيرة من الشعب من قلة الرواتب كالمعلمين والأطباء وتمنح الدولة معاشات لا تغنى ولا تسمن جوع للفئات الأكثر فقرا ومن ثم فتوزيع المال غير عادل حيث تون هناك فئات مرتباتها ومعاشاتها ألوفا مؤلفة بينما البقية إما بضع مئات من الجنيهات أو عدة آلاف أقل من الخمسة وهكذا الوضع فى بقية بلادنا
وهذا الوضع بالإضافة إلى أن كل حكومات المنطقة تتعامل بالربا ومن ثم يضطر الكثير من الناس لظلم أنفسهم وظلم غيرهم كبغض المعلمين عندما يعطون دروسا خصوصية أو كبغض الأطباء الذين يعالجون المرضى بثمن فير قليل للكشف وكذلك يضطر الخضرى والفكهانى والبناء....لرفع أسعارهم وبعض الموظفين يضطرون لتوقيف العمل حتى يدفع من يريد الخدمة الاكرامية أو يقوم بأخذ بعض من مال الدولة عن طريق ضرب الفواتير أو عن طريق تزوير أرقام مثلا للحصول على وجبات زائدة كما فى أخذ غياب بعض المدارس ومن ثم تطول دائرة الظلم الجميع
إذا معظمنا فى وضع الاضطرار غير الحكام والطبقة الغنية ومن ثم ما يتصوره الحمود فى خطبته كسب حرام ليس حراما فى حالة الاضطرار كما قال تعالى:
" إلا ما اضطررتم إليه"
وحال معظمنا هو أنهم يستعيدون بعض حقوقهم المنهوبة من قبل الحكام والمحكومين ولكن هذا لا يمنع من وجود مجرمين يكسبون الحرام كتجار المخدرات والنصابين
وقد تحدث عن بعض أنواع الكسب الحرام فقال :
"فمن ذلك، الربا، وأمرهُ واضحٌ لا لبس فيه، ولهُ أشكالٌ وصور, من فوائدَ وصناديقِ استثمار وبطاقاتٍ ائتمانية وبيعِ العينةِ وغيرها من المعاملات.
ومن المكاسب المحرمة كذلك ، بيعُ الخمور, أو المخدراتِ أو الدخانِ, أو آلاتِ الفساد, ومنها كذلك: ثمنُ الكلب, ومهرُ البغيِّ, وحُلوانُ الكاهن، أي ما يتعاطاه الكاهنُ نظيرَ كَهانته، ومنها كذلك: ثمنُ المجلاتِ الفاسدة, والصحفِ المنحرفة، والأفلامِ الماجنة والأشرطةِ الخليعة، وغيرها من المحرمات .
ومن المكاسب المحرمة: الرِّشوة، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي في الحكم) أخرجه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
والرِّشوة، هي ما يعطى من المال لإبطال حق، أو إحقاق باطل، أما ما يعطى لاستنقاذ حق تعذر الحصول عليه، أو رفع ظلم، فقد أجازه أهل العلم ، وإثمه على الآخذ الظالم ."
وتحدث الحمود عن النقطة التى تكلمنا عنها فى عصرنا وهو أننا لا نعيش فى مجتمع عادل محكوم بشرع الله ولكنه مصر على اعتبار من يأخذون بعض حقوقهم سراق ولصوص فقال :
"ومن المصادرِ الخبيثةِ المحرمةِ لكسبِ المالِ وجمعه، السرقةُ من بيتِ مال المسلمين بدعوى أنَّ لهُ فيه حقاً، أو أنّ ما يتعاطاهُ لا يكفيه، أو أنّ الحكومةَ قويةٌ وهو ضعيف، أو غيرِ ذلكَ من الدعاوى الباطلة، وتبدأُ هذه الجريمة- أعنى السرقة من بيتِ المالِ- , بسرقةِ قلمٍ أو ورقةٍ أو محبرةٍ، وتنتهي بسرقةِ ملايينَ الريالات بشتَّى الحيلِ وطرقِ التزوير، مما ينطلي على البشر, وليس بخافٍ على ربِّ البشر، عالم الغيبِ والشهادة، الذي لا تخفى عليه خافية، ولا يدري ذلك السارقُ المسكينُ أنّ خصمهُ في هذا ليس وليُّ الأمرِ وحده، بل المسلمون الذين سَرَقَ من مالهم, بل إنّ خصمهُ هو اللهُ الواحدُ القهار, المنتقمُ العزيزُ الجبار، الذي يقولُ: (( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ)) ، ويقولُ سُبحانهُ : (( وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) .
والغلولُ: هو الأخذُ من بيتِ المالِ بطريقٍ غيرِ مشروع، كالتزويرِ والكذبِ والاحتيال، أو استغلالِ النفوذ والجاه, فمن فعلَ ذلك فهو غالٌّ سارق، آكلٌ للحرام - والعياذُ بالله- حاكماً كان أو محكوماً، رئيساً كان أو مرؤوساً . وقد أخرج الإمامُ مسلمٌ في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قام فينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يومٍ فذكر الغلول فعظَّمهُ, وعَظّمَ أمره، ثُمَّ قال : ((لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ .. لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ .. لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ .. لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ .. لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ .. لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ - يعني ذهباً أو فضة- ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ)) .
حديثٌ عظيمٌ مخيف، يُزلزلُ القلوبَ الحيةِ ويهزُها هزاً، فمن سرقَ شاةً أو بعيراً، أو سيارةً أو متاعاً، أو سَرقَ مالاً, جاءَ يَحمِلهُ يومَ القيامةِ على رقبتهِ، مفضوحاً بين العباد، إلاَّ أن يتوبَ إلى الله تعالى، ويرُدَّ ما سرقهُ إلى بيتِ المال "
وهذا الحديث باطل الخطأ فيه هو حمل كل واحد لما سرقه أو نهبه وهو ما يناقض أن كلل واحد يأتى فردا ليس معه أى شىء كما قال تعالى:
" ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم"
وقال :
" ويأتينا فردا"
وتحدث عن الغلول وهو السرقة من الغنيمة فقال :
بل وحتى المجاهدُ في سبيلِ الله الذي قد يكونُ نصيبهُ من الغنيمةِ كبيراً، لو انتظر القسمة، فإنَّه لو اختلس مخيطاً-إي إبرةً- لكانت عليه ندامةً يوم القيامة، وفي هذا يقول - صلى الله عليه وسلم - : (أدُّوا الخيط والمخيط، وإيَّاكم والغُلول، فإنَّهُ عارٌ على أهلهِ يوم القيامة) رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلاً كان مملوكاً للنبي - صلى الله عليه وسلم -، رُمِيَ بِسَهْمٍ يوم خيبر فمات، فَقال الصحابة: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ لَتَلْتَهِبُ عَلَيْهِ نَارًا، أَخَذَهَا مِنْ الْغَنَائِمِ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ،
|