أزياء الجيش والهيبة الوطنية
أزياء الجيش و الهيبة الوطنية
لنتخيل أنه لو وقف شيخ عشيرة بعدما تم الاعتداء على عشيرته ونهب ممتلكاتها، معتمرا قبعة أمريكية واسعة على رأسه ويتدلى من على خصريه مسدسان على طريقة (أهل تكساس) .. وقال: أنا أخوك يا عليا !
أو نتخيل واعظا يجلس في مأتم يصبر أهل (الميت) على مصيبتهم، وبعد كل جملة يقولها ينفخ (بلونة) من علكة يمضغها ..
أو نتخيل أن أحمقا افتتح محلا لبيع ملابس ولعب الأطفال وكتب عليه (يافطة) تقول: محل (الغول المخيف) للعب الأطفال ..
يستطيع أي مبتدئ أن يضع عشرات بل مئات الصور غير المتطابقة مع ما تعني من مفاهيم وما تلتقي مع ثوابت في الحاضنة التراثية لتصوير تلك الهيئات العامة المعبرة عن الحالة المعنية في كل هيئة..
دفعني لكتابة ذلك ما أرى من أزياء تلبسها بعض الجيوش العربية، خصوصا تلك التي حكامها مفتونين بالأمريكان وتقاليدهم وطريقة حلاقة رؤوسهم التي تجاوزها العرب منذ أكثر من خمسين عاما عندما كان أحدهم يحلق لابنه تلك الحلاقة فيستهزئ به المارة ويقولون له (حالق ع الطاسة) .. وتتجسد تلك الصورة عند متمردي جنوب السودان الذين يلبسون (البرنيطة الغربية) أو أكراد العراق الذين باتوا يستنكفون الكتابة بالحروف العربية في الشريط الإخباري المرافق لبرامجهم التلفزيونية ..
إن تلك العولمة أو (الأمركة) التي غزت بلادنا وتسللت الى كل منحى من فلم (الكرتون) الى برنامج (لك يا سيدتي) وما يقدم من أصناف طبخ لم (تتوحم) عليها (حامل) ولم يشتهيها أي معوز وما أكثرهم في بلادنا! .. بل تتطوع قوى مغفلة أو مستغفلة للتبشير بتلك الأصناف والطرائق في الحياة وتجبر كل (حامل) على (الوحم) عليها ..
ليس مهما أن ننطق العربية، فقد ينطقها هندي أو مستشرق من كندا، ولكن المهم أن نعيش عروبتنا وفق سلم نمو طبيعي نما وتواصل على ما قبله من خلايا و لبنات جدار و مفاهيم .. فإن تساهلنا بها .. سنصبح أي مجموعة من البشر تعلموا لغة غيرهم .. وهل أجدادنا وآباءنا هم غيرنا؟
وهل إذا برقعنا ملابسنا العسكرية على الطريقة الأمريكية، وكففنا أكمام القمصان وقلنا (يا) بدل نعم سنصبح أقوياء ؟ أم أننا سنوحي لمغتصبي أرضنا بأننا أصبحنا في خبر كان، بعد أن دربونا على الاعتراف بهزيمتنا قبل حدوثها رسميا!
__________________
ابن حوران
|