العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة في مقال الطاقة الروحية براهين من العالم الآخر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد بحث لغز مركبات الفيمانا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب حكم تنفيذ القصاص والإعدام بالوسائل الحديث في الفقه الإسلامي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: The international justice court (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نقد تنبيه الأنام على مسألة القيام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الزراعة المثالية ولعنــة الأدويــة الكيماويــة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: New death (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة في مقال البروباغاندا الهدوءُ والفتك (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب إرشاد الأخيار إلى منهجية تلقي الأخبار (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الميسر والقمار فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 15-06-2010, 08:00 PM   #1
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي اندماج دول الخليج العربي

الدجـاج والإندمـاج !



أثار المفكـّر والخبير السياسي المخضرم عبدالله النفيسي جـدلاً واسعـاً بدعوته مؤخـراً إلى الإندماج بين دول الخليج ، أو مواجهـة خطـر ماحـق يهدد وجودهـا ،

ولا أدري لماذا كلَّمـا أتذكّـر ما قاله ، والضجة التي أثيـرت ، تقفـز إلى مخيلتي صورة أعدادٍ كبيرة من الدجاج الأبيض في تلك الأقفاص الضخمة لمصانع دجاج التفريخ وهـي تُحـدث ضجيجها المعهود ذا الوتيـرة المضحكة !

الحقيقة المـرَّة أنَّ شعوب دول الخليج _ إلاَّ من رحم الله ولا أقول قليلٌ ماهم بل ثمـة ثلـَّة كبيـرةٌ مباركـة والحمد لله _ تحوَّلت بسبب طول العهد تحت أنظمتها ، إلى أحـطَّ من ثقافة القطيــع ، وهي ثقافة دجـاج التفريـخ الأبيض !!

وقلنا هذا النوع من الدجاج ، لأنـّك تجـده _ بخلاف الدجاج (البلدي) كثيـر الحركـة الذي ينقر من يقترب منه _ خامـلاً بليـداً لايزيـد على أكـل العلف حتـَّى يذبح !

ومع إجلالنـا وتبجيلنـا الكبيرين للإمام ابن القيم رحمه الله ، وما ذكره من علاقة بين طعام الآكـل وصفاته ، إذ قال إنَّ طبيعة الطعام تؤثر على طبيعة الآكل ، فتتغير أخلاقه إلى مثل صفات ما يأكله _ وليس ثمة شعوب تأكل الدجاج الأبيض المثلـَّج كما في الخليج _ غير أنَّ هذا ليس هو التفسير المرجـَّح لما حدث لشعوب الخليج من إنقياد أعمى لمن ينثر لهـا الحـبَّ ! _ وكـم يستهوينــا في الخليج ضرب هـذا المثـل : ( أنثـر الحبَّ يجيـك الدجاج ) ولسوف تسمعه كثيـراً من وراء حيطان البيوت إذا مررت بالأزقـّة ما بين بحر العرب إلى جنوب الفرات !! _ ومن قعـود عن النهضـة والتغييـر للأحـسن ، وتقاعـس عـن الأخذ بأسباب التحـرّر ، وعزوف عـن التحـرُّك لنيـل حقوقهـم ، وعلى رأسها التفاعل الحـيِّ مع قضايا أمّتهـم ، والسعـي لتحقيق وحدة الأمـة ، وتفوقها الحضاري كما تفعـل كلُّ الأمـم من اليابان والصين إلى أقصــى الغرب الأمريكي !

بل لهـذا كلـّه أسباب أخرى ، أدت إلى أن تكون هذه الشعوب التي هـي على أغنى بقعـة في العالم ، وأعظمها أهـمية فيـه ، وأكثرها قدرة على التأثيــر في المشهد العالمي برمّـته ، وأدناهـا إلى أن تحـقق أضعـف نسبة فـي مظاهر الفقر ، والجهل ، والتخلـّف السياسي ، والثقافـي ، والتنمـوي ، ومع ذلك هي أبعد الشعوب عن الإستفادة من هذا كلِّه ، وهذه الأسباب تتلّخص فيما يلي :

أولا : أنَّ ساسة الغرب الذين يجري في عروقهم النفط وليس الدماء ، لايريدون لهذه الشعوب إلاَّ أن تبقى هكذا دجاجاً يعلـف ويُربـَّى في الحظائـر في صورة البشـر ، حتى لايؤثـّر أيُّ مشروعٍ نهضوي تحـرِّري على تدفـّق النفط من مضيقي هرمز ، وباب المندب ، إلى العواصم الغربية التي تقود مشـروع تحـويل دول الهامش في الجنوب ، إلى وقـود هيمنتها على العالم ، ومزابل نفاياتها في نفس الوقت.

ولهذا تعمـل السياسة الغربية جـاهدة _ دع عنك نفاقها الإعلامي _ على بقاء الإستبداد السياسي في الخليج ، ولو أدّى إلى ضياع كلّ حقوق الشعوب ، مادام ذلك يحـقق الأطمـاع الغربية ما بين قناة السويس إلى شط العـرب .

ثانيا : فشـل النخب في إجتثاث ( ثقافـة القبيـلة ) المسيطرة على الشأن السياسي ، وهي ثقافة سياسية فريدة ، فهي مدهشـة في بساطتها ، كبساطة الصحراء ، فلها دستور يشتمل علـى مادة واحـدة فقط لاغيـر : ( الشيوخ أبخص ) ، ومع ذلك له تأثيـر سحري عجيب ، حـيث الملك ، أو الزعـيم ، أو الأمير ، أو الشيخ ، أو السلطان .. إلـخ ، لايحتـاج سوى أن يشيـر بيـده حاملـة ريشــة النعام ، كما يفعـل زعيم قبيلة يلبس جلود النمور في أدغال أفريقيا إلى (عبيده) ، فيسـجد الجميــع !

حتى لو كانت هذه الإشارة فيها أكبر القرارات الإستراتيجية الخطيرة على حاضر الأمة ومستقبلها .

وأما مجالس الشورى ، والأمـّة ، والشعب ..إلخ ، فهي ليست سـوى المكان الذي تتـم فيه هذه العمليـة السياسية ، ولم يتغيـر من مشهد ذلك الزعيم في الغابات ، إلاَّ فخامة المكان ، والملابس ، والكاميـرات المتطورة !

وإذا وجـدت بعض الحرية كما في الكويت مثلا فهي محصـورة في مجالات محددة ، أما النتيجة في المحصـلة النهائية فهـي ذاتها .

نعـم ..قـد قامت أمريكا لتذر الرماد في العيـون ، بعد تعرضها لهجوم 11/9 ، بضغوط على دول الخليج لتتقدم خطوات ملموسـة نحـو إشراك الشعـوب ، إثـر موجة عالمية من نقـد سياسـة أمريكـا في دعم الإستبداد الذي هـو ( سبب رئيس للإرهاب ) ، وأنها تنافـق في شعاراتـها ، ولكن ما إن هـدأت تلك الموجـة ، حتى ألغـيت بعض مظاهر الإنتخابات التمثيليـة في بعـض دول الخليـج ، و( عادت حليمة إلى عادتها القديـمة ) .

وثـمة سببان لفشل النخـب في التغيير السياسي إلى الثقافة السياسية _ كما يدعو الإسلام _ التي تدعو إلى إضطلاع الأمـة بمسؤولية السلطة ، وأنَّ الحاكم خادم للأمـة ، يعمـل تحت إشرافها في تحقيـق أهدافـها :

أحدهما : أنَّ طبقات من المثقفين أيضـا وقعوا تحت طائلة المثـل ( انثر الحـبَّ يجيـك الدجاج ) ، فسخـَّروا جهـودهم في الدعـوة إلى التسبيح بحمـد ( لابس جلد النمر ويده حاملة ريشة النعام ) !!

الثانـي : أنَّ الدين الذي يشكـلِّ القيمة ذات التأثير الأكبـر في الشعوب هنا ، تـمَّ إحـداث تزيـيف جذري في مفاهيـمه السياسية ، من قِبـلَ علمـاء البلاط ، فهرعوا إلى إلباس الزعيم لباس القداسـة الدينـيّة ، وأفتوا بحرمة الإعتراض عليه ، أو حتـَّى التشكيك في قرارات حكومته ( الرشيدة ) ، وأنَّ فاعـل ذلك ، ( يمرق من الدين كما يمرق السهـم من الرمية ) ! وسيُلقى على أم رأسه في جهـنم فيخلد فيها مهانا !!

فكان من ثمـرة هذين السببين أنَّ جهود المثقّفيـن الشرفاء ، و العلماء المخلصين ، صارت كمـثل القائـل :

متى يبلغ البنيان يوما كمالُه ** إذا كنت تبنيه وغيـرُك يهـدم

ثالثـا : أنَّ الشعوب نفسهـا تعاني من ظاهرة إجتماعية غريبـة لا تجدها بهذا الحجم إلاَّ هنـا ، أعنـي هذه الحالة المستعصية من التمييز العنصري الطبقي بين الناس !

وكم أضحكـني تعبيـرُ محام زوجـةٍ أمِّ أولاد يدافع عن حقهـا في بقائهـا مع زوجها ، بعد أن رفع أولياؤهـا دعـوة لتفرقيهما بحجة عدم الكفاءة ، عندما دفـع محامي الدفـاع بمخالفة قرار المحكمة الإبتدائية بالفصل بينهما لـ ( لعهد الدولي لمكافحة التمييز العنصـري ) !

ولأنهم يمارسون هذا التمييز على بعضهم من غير نكيـر ، خضعوا بـه ذاته لمن يحكمهـم بــه من غير إستنكار .

إنـّه الهرم الإجتماعي الخـفيِّ الذي يقوم عليه هرم الإستبداد السياسي !

وقـد وضع النبيُّ صلى الله عليه وسلم ركائـز التحـوّل الحضاري الأعظـم في التاريـخ ، من قبائل عربية ذات طبيعـة عنصـرية ، إلى تكوين أعظـم حضارة إنسانيـة ، عنـدما حـذَّر قائلا : ( ثلاثة في أمّتـي من أمر الجاهلية الفخر بالأحسـاب ، والطعـن في الأنسـاب ..الحديث ) ، وقال ( كلكم لآدم وآدم من تـراب ) ، ولهذا قال أيضـا : ( اسمعـوا و أطيعوا ولو وليّ عليكم عبد حبشي كأنَّ رأسه زبيبه ماأقام فيكم كتاب الله ) .
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 15-06-2010, 08:01 PM   #2
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

والحقيقـة أنَّ غالـب شعوب الخليج لم تـعِ حتى الآن معنى المواطنة الحقيـقي أصلا ، ولا يهمُّهــا ، ولاتـريد أن تعيـَه ، بل ربمـا تحاربـه ، لو عرفت حقيقتـه ، فهـي لاتزال تنظـر إلى الدولة الحديثـة بمفهوم ( شيخ القبيلة ) ، وتخاف من التحـوُّل عن هذه الثقافة القديمـة ، كما يخاف العجائز تغييـر ما إعتادوه !

أما فهـم معنى الإنتماء الإسلامي للأمـّة وأنه يعني المساواة الكاملة في الحقـوق والواجبـات في هذا الإنتماء ، فكـم هــو بعيـد عن تصوراتهم .

وهم بذلك لا استفادوا من النظام السياسي في الشريعة الإسلامية ( ألا لا فضـل لعربي على عجمي ، ولا لأحمـر على أسود إلاّ بالتقوى ) ، ولا من المواطنـة بمعناها السياسي الحديث الذي يجعل الجميع متساوين في الإنتماء الوطني ، وأن السلطة آلة بأيدي المواطنـين لتنظيم حصولهم على حقوقهم بالتسـاوي !

وهذا من أعظـم أسباب بقائهم في هذه الثقافة الجديدة ( ثقافة الدجاج الأبيض ) !

وللأسف أن هذا التخـلُّف السياسي لايزال يجري في زمـن ينـدفع بسرعة مدهشـة نحـو التطور في كلِّ شيء ، في مشهـد يشبه من يملك محـل طباعة بالحجر وسـط أحـدث سوق لتكنلوجيا الطباعـة !

رابعا : أنَّ المنطقـة هنا صحروايـة لم تشهد قيام الحضارات التاريخية ، ولـم تعـتد على الصيغ السياسية التي تولدت من هذه الحضارات _ إنطـلاق الإسلام من المدينـة ولكن استقـرت حضاراته الكبرى فـي الشام ، والعراق ، ومصر ، والأندلـس ، وغيرها _ وحتى الإستقلال الشكلي قـد نالته بغيـر ثورات شعبية تولـدت منها أنظمـة سياسيـة ،

بل أعاد المستعمر رسـم مستعمراته فحسب ، بحيث يضمن بقاء مصالحه ، فتشكـلت هذه الكيانات الضعيفة ،

ولم تكـد تبـدأ النخب الثقافية تفتـح عينيها على التطور السياسي المتسارع في العالم ، حـتّى وجدت نفسها أمـام مثـلث : الهيمنة الغربية ، والنظم العشائرية ، و الثقافة الطبقية في مجتمعات تعاني أمية سياسية مستحكمة .

ولهذا كلـُّه أصبح التطور السياسي في الخليج يسير سيـر السلحفـاة ، ومع ذلك هي تخطـو خطـوة ، وترجع خطوتـين .

والخلاصـة أن الإندماج بين دول الخليج للتحول إلى كتـلة أقليمية كبيرة ، لتستثـمر ما تمـتاز بـه عن كـلِّ العالم من موقع وخيـرات ، في مشروع إذا انطـلق فإنـّه يطمس نار المشروع الإيراني في لمـح البصـر ، ويحـوِّل المشروع التركي الصاعـد إلى تابع لـه _ ليس ثمة أي مشروع في المنطقة الآن سواهما _ ثـم يقود العالم الإسلامي إلى التفـوُّق الحضاري .

هذا الإندمـاج يحتاج إلى ثورة شاملة تبدأ من تثقيف الشعوب سياسيا بدورهـا ، وحقوقها ، وبعقـم صيغ النظـم السياسية الحالية في الخليج عن درء المخاطر عن شعوبـها ، فضـلا عن اللّحاق بالتطور.

مرورا بالتخلّـص من كـلِّ وجود أجنبي ، وتأثـير خارجي .

وتنتهي بإحـلال النظام السياسي الإسلامي المبنيِّ على بيعة الإختيار الحـرِّ لمن يحـقق تحت إشراف الأمـّة أهـدافها وعلى رأسها تحكيم شريعتها ، واسترداد كرامتها ، وتحقيق وحـدة الأمـّة .

ومن غير هذا المشروع سوف يكون الإندمـاج مجـرد إعـادة إنتشـار للتخلف ، و الإستبداد !

ومن غيـر هذا المشـروع ستبقى المنطقة في حالتهـا الراهنـة التي يرثى لها ، نهبا للطامعـين ، وقبـلة للمخرّبـين ، وموطـناً للمفسدين .

و مع هذا الوصف للواقع المـرّ ، غيـر أنني متفائل جـداً بأنَّ التغييـر قريـب ، وسيكون ثمـرة كلّ جهـود التغيـيـر المخلصة ، والصادقة التي لاتنشد سوى عـزّ أمـة الإسلام ، وحمايـتها من أعدائها .

والله المستعان وهو حسبنا ، نعـم المولى ، ونعـم النصيــر.
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 15/06/2010
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .