العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: لعنة مومياء الثلج أوتزي الرجل الغامض (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة بمقال التحكم بالعقل أكثر مشاريع المخابرات الأمريكية سرية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث أشباح بلا أرواح (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد كتاب عظيم الأجر في قراءة القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في مقال الطاقة الروحية براهين من العالم الآخر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد بحث لغز مركبات الفيمانا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب حكم تنفيذ القصاص والإعدام بالوسائل الحديث في الفقه الإسلامي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: The international justice court (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نقد تنبيه الأنام على مسألة القيام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الزراعة المثالية ولعنــة الأدويــة الكيماويــة (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 24-08-2008, 11:15 PM   #1
بوفاتح
قاص وروائي
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 75
إفتراضي حاجز مزيف .......قصة بقلم بوفاتح سبقاق

في طريق العودة توليت السياقة وإنشغل توفيق بإجراء مكالمة مطولة مع شريكة حياته المستقبلية ، المناظر الطبيعية الرائعة تجعل المرء يتساءل عن الأسباب الحقيقة للتخلف السياحي الذي تعيشه البلاد .
بدخول منطقة الشفة ، وجدت نفسي منبهرا بالأودية والجبال وكان توفيق منتشيا بالسياقة والتفكير في مخططاته العاطفية، لمحت عن بعد مجموعة كبيرة من السيارات متوقفة ، يبدو أن اليقظة ما زالت على حالها ، ولكن ما إن تجاوزنا المنعطف حتى تهاطل علينا رجال مسلحين من كل جانب .
- إنه حاجز مزيف ، صرخ توفيق..
- لقد وقعنا في الفخ ولسنا وحدنا.
- سأحاول الزيادة في السرعة للهروب.
- وأين ستهرب، ستسقط في الواد ونموت سويا .
- لا أريد أن أقع في أيدي الأوغاد.
وضعت شاحنة في وسط الطريق، وما إن توقفت السيارة حتى هجم علينا أكثر من خمس رجال يرتدون ألبسة أفغانية، يخيل للمرء بأنه في ضواحي كابول.
- هيا إهبطوا أيها الطواغيت ، هات بطاقة الهوية..
- تفضل نحن لم نفعل شيئا.... قال توفيق .
- نحن تجار فقط ...أضفت بدون تردد . فالموقف لا يستدعي بطولة مجانية لا تذكر حتى في هوامش التاريخ.
- هذا الكلام قله للدرك أو للشرطة ، نحن لدينا قوانين إلاهية وليست وضعية إ ربطوهم وضعوهم مع الآخرين في الوادي.

قرأت كثيرا عن الحواجز المزيفة ولكنني لم أتوقع يوما في حياتي أن أكون خبرا يحتل عناوين الصحف ، وفي ما كانت المجموعة تقودنا تسنى لي أن ألقي نظرة شاملة على الموقع العام للجريمة الغير منظمة، سبع سيارات وشاحنة، ويبدو أننا كنا آخر من وقع في المصيدة، رجال ، نساء وأطفال وشيوخ ، يبدو أن كل الشرائح نقلت الى الوادي وقسمت الى مجموعات ، في حين تم نقل بعض الشباب خلف تلة منخفضة ، أكيد أنهم جنود الخدمة الوطنية الذين مات منهم الكثير ولم أكن أتصور أن آلة الإرهاب ما زالت تعمل ، لو تسنى لهم معرفة أفكاري لقتلوني في الحال.
كثر الصراخ والعويل من كل صوب وحدب ، وكان الرجال المسلحون لا يبالون بشيء ، يحملون كل أنواع الأسلحة التي عادة ما يشاهدها المرء في أيدي المتمردين في مختلف أنحاء العالم وفجأة ظهر زعيمهم وتقدم إلينا .
- من الواضح أنه سيلقي خطبة مميزة. .... قال أحد المواطنين.
بدى لي المتكلم وكأنه متعود على الوقوع في الحواجز المزيفة ، الموت يحوم بالمكان وكل الأنظار توجهت نحو أمير الجماعة.
- ما زلتم تتنقلون عبر الطرق الوطنية وصدقتم الحكومة التي قالت لكم بأن الإرهاب إنتهى ، ما زلنا هنا وسنبقى حتى نقيم دولتنا ، بل سنعيد الخلافة لتشمل كل الدول الإسلامية ، أنتم مدنيون لن نقتلكم ولكننا سنأخد منكم بعض الأموال فقط وتعودون الى دياركم ولتخبروا الجميع بأننا موجودون ، وكل من هو من الجنوب فليخبر أهله بأننا قادمون ،الصحراء مهبط الرسالات و سنضرب بقوة هناك ولن تكون آمنة للفارين من الشمال ، إتقوا الله وعودوا الى رشدكم وكونوا مع الحق ولا تكونوا مع الباطل.
أخد أفغاني قصير ينتقل بيننا ويجمع النقود والحلي في حين تحول الأمير الى مجموعة أخرى بقصد إلقاء خطبة تحمل طابع الترغيب والترهيب ،في ظل هذه الأجواء سارع الرجال الى منح ما في جيوبهم ولم تجد النسوة مفرا من تسليم كل ما يحملن من حلي و مجوهرات ، شعار الجميع هو الفرار من الموت.
وفجأة ظهر على الساحة زعيم آخر ، إقترب منا ، تأملنا جيدا ، ثم أومأ الى أحد مساعديه و إنصرف نحو شجرة كبيرة خلف التلة،يبدو أنه نائب الأمير أو مرشح لتولي منصب مهم في الجماعة.
وبينما كنت غارق في تخوفاتي و حساباتي، إذ بأحدهم يدخل وسط المجموعة التي يسكنها الرعب من المصير الدموي ، وقف أمامي مباشرة صارخا ..
- أنت ، إنهض بسرعة....
- أنا ..... وإلتفت ورائي
- نعم أنت ، كلكم أبطال في المدن وعندما تقعون بين أيدينا تتحولون الى جبناء ....
وماكدت أنهض حتي مسكني بقوة ودفعني الى الأمام ، تيقنت بأن نهايتي إقتربت وأن ما رأيته اليوم من مناظر طبيعية يعتبر آخر ما سأنقله معي الى العالم الآخر.
- إنه شاب طيب يا سيدي أرجو أن تتركوه.... قال توفيق...
- إغلق فمك يا رجل وإلا ستلحق به في الحال.....
أخدت أمشي وجسمي كله يرتجف ، ولكن لا أدري سبب إختياري من المجموعة ، يبدو أن الزعيم الثاني هو الذي أفتى بجواز قتلي ، من البحث عن منصب عمل الى فقدان الحق في الحياة وماهي إلا ثواني حتى وجدت نفسي أمام شجرة كبيرة يجلس قربها ملتحي يتأمل مجموعة من الهواتف النقالة التي أخدت من المسافرين، واضعا الرشاش على الأرض بدى الرجل زعيما يحظى بمكانة رفيعة في جماعته ، هو الرقم الثاني الذي وقف بقربنا ولم يقل شيئا.
- لقد أحضرته لك يا سيدي...
- دعه وإنصرف....
وما إن إختفى الرجل عن الأنظار حتى نهض نائب الأمير من مكانه وحمل رشاشه وإقترب مني ، خلته لأول وهلة ، بأنه سيشرف شخصيا على إعدامي....
- ألم تعرفني يا رجل... قال بكل هدوء.
- طبعا أنت الزعيم هنا وأرجو أن تنظر لي بعين الرأفة وأنا لم أفعل في حياتي شيئا يستوجب قتلي.
- لا تخف ، لن يصيبك مكروه ولكن حاول أن تتذكرني.....
تنفست الصعداء وحمدت الله على سلامتي المؤقتة ولكنني إستغربت لتودد الرجل لي ، يبدا أنه يرغب في تجنيدي معهم ، ركزت على ملامحه ولكنني لم أستطع معرفته لأن لحيته الكثيفة قضت على كل أمل في كشف شخصيته .
- لم أعرفك يا سيدي وأكون شاكرا لو تتركوني في حال سبيلي.
- أنا مروان يا صالح ، كنت أعمل في مقهى الحي ، هل نسيتني بهذه السرعة.
- آه مروان ، يا لها من مفاجأة كبيرة ،لقد كان إختفاؤك لغزا كبيرا ، أمك ما زالت تبحث عنك لحد الساعة.
- لم أختف ولكنني غيرت مساري في الحياة بمحض إرادتي ، عندما تعود الى ديارك أخبر والدتي بأنني بخير فقط و يجب أن لا يعرف أحد وجهتي الجديدة حتى صديقك توفيق يجب أن لا يعلم بشيء ،إنه سر عليك الإحتفاظ به الى الأبد ، قل لأمي بأنك رأيتني بمحض الصدفة وأنني بصدد الهجرة الى الخارج .
- لا تخش شيئا ، سأنفذ ما طلبته مني حرفيا.
أردت أن أتكلم معه حول مشروعية ما يقوم به ولكنني إقتنعت بأن الرجل تغير بصورة جذرية ولا مجال للحوار معه .
- كيف أحوال الحي ؟ وهل ما زلت تقرأ الجرائد التي يتركها زبائن المقهي.
- الجميع بخير وما زلت كما تركتني بطالا يتصفح الجرائد التي يتخلى عنها أصحابها.
- مع السلامة صالح ولا تنس ما أوصيتك به.
- طبعا ، إطمئن يا رجل لن يحدث سوى ما طلبته مني.
رجع الرجل الى مكانه و أومأ الى أحد رجاله...
- إطلقوا سراحه رفقة صديقه وكل من معهم.
- وماذا عن الآخرين ؟
- القرار يرجع للأمير، إذهب إليه و أسأله.
ما إن عدت الى المجموعة حتى بدت الدهشة على وجوهم ولم يصدقوا رجوعي حيا .
- الحمد لله على سلامتك ، كيف إستطعت النجاة بحياتك؟
- لا وقت للأسئلة يا توفيق ، سيطلقون سراحنا.
- هيا إسرعوا الى سياراتكم ، أمامكم ثواني لمغادرة المكان... قال مساعد الأمير.
بمجرد ما إنتهى الرجل من جملته حتى عمت الفوضى المكان وهرع الجميع للفرار من الموت ، وهناك من ركب سيارة لا يعرف حتى صاحبها ، المهم النجاة والعودة الى الحياة ، إستطاع توفيق أن يشغل محرك سيارته بسرعة وما هي إلا لحظات حتى كنا خارج مجال تغطية الخوف ، الهروب أضحى المحرك الأساسي للجميع ولم يعد أي جدوى لقانون المرور أمام قانون الغاب.
بعد إن إبتعدنا كثيرا عن المكان الذي كدنا ننتقل فيه الى العالم الآخر بطريقة إستعراضية ، إسترجع توفيق أنفاسه وخفض قليلا من سرعته ومسح العرق المتصبب من جيبنه ، وسائل الإعلام تتحدث عن إستتباب الوضع الأمني ولكن فرق كبير بين قراءة مقال صحفي والوقوع في حاجز مزيف...
- كيف إستطعت إقناعهم بإطلاق سراحنا؟
- لم أفعل شيئا ، كنت خائفا مثلكم و لكنهم ربما قرروا العفو عنا في آخر لحظة.
- صدقني ، كنت أظن بأنك ستكون القتيل الأول .
- هؤلاء الناس لا يمكن فهمهم ربما أحسوا بشيء ما في الجانب الآخر من الطريق أو ربما أن إستراتيجيتهم تقتضي ترك القليل من الأحياء لكي ينقلوا أفكارهم و أساليبهم الوحشية الى كل المواطنين.
- أعتقد بأن هذا اليوم سيبقى في الذاكرة الى الأبد يا صديقي.
- طبعا ، علينا أن نحمد الله على سلامتنا ويتعين علينا أن نراجع أنفسنا ، إنه يوم ميلاد جديد لنا.
- ما تقوله صحيح ولكن الحياة تستمر ولابد من مواصلة المسار.
ما إن أكمل توفيق كلامه حتى وضع شريط نانسي عجرم و سافر بخياله مع مقطع ...يا سلام ... يا سلام..
وكأنه يريد أن يبعث قليلا من المرح ويبعد الخوف الذي ما زال يهز كيانه سيواصل مساره في الحياة ويتزوج فارسة أحلامه ، مروان إختار مسار آخر لم يكن يتوقعه أحد، الإنضمام الى الجماعات المسلحة والعيش في الجبال يريد أن يبعث الدولة الإسلامية من جديد في عهد العولمة وصراع الحضارات ستفرح أمه بوجوده على قيد الحياة ولكنها حتما لن تراه يوما ما ، لأنه سيلقى حتفه على أيدي قوات الجيش أو سيذهب ضحية تصفية حسابات بين الجماعات ، من كان يتصور أن مروان نادل المقهى يتحول الى رجل يثير الرعب في الطرقات ..
تحولت المناظر الطبيعية على جانب الطريق الى لوحات تشكيلية باهتة ، وخيم الصمت على الرحلة التي كادت أن تتحول الى مأساة ، هناك إرادة للعودة الى
الحياة ولكن واقع الحال لا يشجع على الخوض في أي موضوع ، يتصور المرء بأن المشاكل للآخرين والسعادة له ولكن ما إن تحل الكارثة حتى يهتز الكيان وتظهر الأحزان.
بعد ساعات من السير ، إقتربنا من تقرت و أخيرا نجونا فعليا من الكابوس الذي ظل جاثما علينا طوال الرحلة ،العودة الى الديار تبعث في الإنسان ذالك الشعور بالأمان الذي يفتقده في كل الأماكن ، أوصلني توفيق الى البيت ومضى يغني مع معشوقته الجديدة نانسي عجرم.
__________________
مدونتي :
http://sebgag.maktoobblog.com/

عنواني :
sebgag2000@yahoo.fr
بوفاتح غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-08-2008, 09:48 AM   #2
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

هذه القصة هى الأكثر روعة من بين كل ما قرأته لك أستاذى بوفاتح ..

ففيها من المشاهد المتقنة ما لا يُحصى ومن الأسلوب المشوٌق ما يحبس الأنفاس وكلها فى جو غير متوقع الأحداث ملىء بالدهشة ، حافل بالمفاجآت ..

دمت بهذا الألق وهذاا اليراع المبدع

__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-08-2008, 09:50 PM   #3
بوفاتح
قاص وروائي
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 75
إفتراضي

تحياتي و سلامي و تقديري
__________________
مدونتي :
http://sebgag.maktoobblog.com/

عنواني :
sebgag2000@yahoo.fr
بوفاتح غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .