نقد مسرحية شيترا لطاغور
نقد مسرحية شيترا لطاغور
المسرحية من تأليف رابندرانات طاغور الشاعر الهندوسى المعروف عالميا والمسرحية مستوحاة من الكتاب المقدس فى الهندوسية المهابهاراتا وهى ترجمة بديع حقى وهو من مواطنى سوريا كان يعمل فى وزارة الخارجية كنزار قبانى اختص بترجمة العديد من أعمال طاغور وكلمات الترجمة بعضها غير شائع فى لغتنا الفصحى الحالية مثل مشيقا ونسما والعبلتين وازجوا وأواريه وألوب وعقت وبعض منها قد يكون أخطاء كتابية كألوب وقد تكون صحتها ألوى أى أقصد
موضوع المسرحية الأساسى هو ماهية الحب فطاغور يناقش فى المسرحية ماهية الحب بين الرجل والمرأة هل يقتصر على الجانب النفسى وهو ما يسمونه خطأ الروحى أو يقتصر على الحب الجسدى فقط أم أن الحب يشمل الاثنين معا
وتكرس المسرحية مقولة العنصرية فى الهندوسية رغم كون طاغور كما يسميه البعض شاعر إنسانى أو شاعر الإنسانية
تقص المسرحية شيترا وهى بطلة المسرحية حكاية حياتها فى المسرحية وهى حكاية الهدف منها أن الإنسان يحقق ما قدرته الآلهة المزعومة فى الهندوسية حيث الغيب تم إعلامه للإنسان الملكى الكشاترى وهو أن ذريته تعطى طفل واحد وكل واحد ينجب واحد فتقول:
شيترا"أنا شيترا سليلة الأسرة الملكية فى مانيبور لقد وعد الرب شيفا بنعمته الخيرة وعودا كريمة لجدى الملك ص11 بذرية متصلة من الذكور بيد أن الكلمة الإلهية لم يتأت لها أن تغير قبس الحياة فى ثدى أمى لئن خلقنى ربى امرأة فقد أوتيت طبعا عصى القياد"ص12
هذا الوعد المزعوم جاء فى أخر الملوك ببنت مخالفا الوعد المزعوم من الآلهة بولادة ولد واحد ولذا ربا الملك الأخير ابنته كغلام وفى هذا قالت المسرحية على لسان إله مزعوم هو إله الحب ما دانا :
مادانا" أعلم ذلك لهذا فإن أباك أنشأك كما لو كنت غلاما فعلمك النزع فى القوس ولقنك واجبات الملوك"ص12
وتحت تربيتها كولد لم تعرف الفتاة ما تعرفه النساء وفى هذا قالت شيترا:
" لهذا فقد اتخذت دثار الرجال وعزفت عن خدور النساء وإنى أجهل حيل المرأة فى قنص القلوب إن ذراعى العبلتين لا تعرفان سوى عطف القوس أنا لم افوق سهام كيوبيد يوما ولم أدر ما هو لعب العيون"ص12
وبعد هذا ترى البنت التى تربت كولد رجلا يجعلها تنسى أنها تربت كولد ويدخل الحب قلبها فتقول شيترا:
"رأيت على الدرب شخصا مستلقيا فوق الهشيم طلبت إليه فى صلف أن يتنحى ولكنه لم يرك وحينئذ همزته مزدرية بسية قوسى وخب كأنه لسان من النار شبت بكومة رماد واستوى قائما مشيقا ونسما على شفتيه ابتسامة سخر ص13تراه ابتسم لزى الرجل الذى كنت أخطر فيه ولكن شعرت لأول مرة بأنى امرأة بأن أمامى يلوح رجل"ص14
وتبين شيترا خطوات تقدم حبها فبعد اللقاء الأول الفاتر بينهما تذكرت أن أرجونا كان حلم صباها الذى عبدته – حسب ديانتها - فتقول شيترا :
"سألت فى خوف يمازجه عجب ترى من تكون فأجاب أنا ارجونا من قبيلة كوروس ولم أدر كيف نسيت أن أبادله التحية أحقا أراه أرى أرجونا وثن حلمى الكبير أجل لقد سمعت أنه ألى على نفسه التبتل مدى اثنى عشر عاما لكم هاج قلبى طموح الصبا "ص14
وأهاج هذا فى قلبها أنها أنثى لذا أرادت أن تنال إعجاب الرجل فلبست ثياب النساء وتزينت كما تفعل النساء كى تقابله وفى هذا تقول شيترا :
"وفى الغد عقت ثياب الرجال تزينت بأساور وقلادة وتمنطقت بزنار وارتديت غلالة أراجونية وداخلنى الحجل من دثارى الجديد وانكفأت مسرعة ألوب على أرجونا فوجدته فى الغابة قريبا من معبد شيفا"ص15
ونتيجة وهج الحب العظيم فى قلبها عرضت على أرجونا زواجها فرفض متحججا بأن نذر نفسه للتبتل وفى هذا قالت شيترا:
"ولما اتخذت سمتى عائدة إلى الدار جعلت كلماته الأخيرة تنقذ إلى أذنى كإبر ملتهبة لا يمكن أن اضحى زوجا لك فقد نذرت نفسى على التبتل أواه يالنذر الرجال أنت تعلم لا ريب يا إله الحب إن الكثيرين من القديسين والحكماء قد ازجوا إلى قدمى امرأة"ص16
وقد حاولت أن تحصل على الرجل دون أن تطلب من الآلهة المزعومة وحلمت أحلام اليقظة فى كونها المرأة التى تخدمه وتساعده وتعينه فقالت شيترا :
"لو انفسح لدى الوقت لأتيح لى أن اظفر شيئا فشيئا ص17 دون أن تستمد عون الآلهة فأقف إلى جانبه كرفيق له أقود جياده العارمة التى تجر مركبته المحاربة وأرافقه فى رحلاته إلى الطراد فأحرسه واسهر عليه ليلا أمام باب خيمته وأعينه على أداء واجبه كرجل من طائفة كشاتريا ليحمى الضعيف وينتصف للحق ويقيم العدل وأخيرا سوف يقبل يوما يلمحنى فيه فجأة وسوف يتساءل من هذا الفتى تراه عبدا رقيقا قد لزمنى من قبل وتبعنى فى مضطربى هذا لا بست كتلك المرأة التى تغذو يأسها بالصمت والعزلة وتنضحه بعبرات الليالى واواريه بالبسمة الصابرة نهارا "ص18
ولكن فشلت محاولاتها ولذا اتجهت إلى آلهتها المزعومة كى تبدل جسمها الذى تظنه خاليا من الجمال بجسم يأسر قلب أرجونا وفى هذا قالت شيترا:
"وأنت فازانتا يا إله الربيع اجتث من جسمى الفتى عيبه الأول فقدان الملاحة الآسر هبنى فى يوم واحد وجسم جمالا ذا أسر بماثل أسر هذا الحب الوليد المفاجىء فى قلبى "ص19
وقد أجابت الآلهة المزعومة طلبها وفى هذا قال أحدهم :
"مادانا أيتها الفتاة لقد استجيب دعاؤك"ص19
وكانت قد حادثت الآلهة المزعومة فى أول المسرحية فردت عليها فى المقطع التالى:
شيترا"أأنت الإله ذو السهام الخمسة أأنت إله الحب ؟ ص10
مادانا" أنا أول من ولد فى قلب الخالق أنا من يشد بقيود العناء والهناء حياة الرجال إلى حياة النساء"ص10
وبالفعل تبدل الجسم جعل أرجونا يشتهى هذا الجسد ويحبه وفى هذا قال أرجونا:
"حين أملس من عور عتمة الأوراق طيف من الجمال كامل نقى طيف امرأة وقفت على سيف الماء فوق بلاطة بيضاء من حجر فكأن قلب الأرض كان يخفق جذلان تحت قدميها العاريتين وكان يخيل إلى أن الغلالة الهفهافة التى تلف جسدها تذوب نشوة فى الفضاء"ص20
وقال أرجونا:
"ثم حلت يدها اليسرى غدائر فرعها فى هينة ومهل فانسابت أثيثة حتى لامست قدميها وعرت نهديها واتأرت نظرها إلى ذراعيها اللتين تحدوهما الغزيزة إلى المداعبة الحلوة "ص21
ومن ثم وقع حبها فى قلب الناسك وتمكن منه فى قول أرجونا:
" إنها هى مهلا أيها القلب لا تخافى أيتها الفتاة فأنا من طائفة كشاتريا "ص22
وتبين المسرحية أن ابنة الملك تخلت عن الملك والقصر وذهبت للمعبد والغابة كى تحصل على قلب الرجل الذى أحبته وفى هذا قالت شيترا:
"أنت ضيفى يا مولاى المبجل إننى أسكن هذا المعبد كيف أستطيع أن احوطك بالإكرام الجدير بك"ص22
|