http://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=242476
انفجار غزة الأسباب ومتي وأين ؟
خاص مجموعة التقارير الإخبارية - شبكة فلسطين للحوار
عقدت الحكومة الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية اليوم السبت 12/4/2008 مؤتمراً صحفياً حذرت فيه من انفجار الوضع في غزة، ونفت أن يكون هذا الانفجار موجهاً باتجاه مصر. وقبل هذا عقد د. خليل الحية مؤتمراً صحفياً هدد فيه بأن الحصار سيولّد الانفجار وسيكون الانفجار في جميع الاتجاهات، وفسر هذا التصريح على أنه تهديداً لمصر ولأمنها القومي. وعادت الأقلام المسمومة لتهاجم حماس والشعب الفلسطيني وتتهمهم بأبشع الاتهامات، وتدعي بأن مصر تزوّد قطاع غزة بكل احتياجاته، ولكن هذه الاحتياجات تنهب من قبل الحكومة المحاصرة !
حصار غزة: الأسباب والهدف
لم يكن اتفاق باريس الاقتصادي والذي وقّعه أبو علاء قريع مع العدو الصهيوني جاء اعتباطاً من قبل العدو، فهو يتحكم بكل صغيرة وكبيرة بأمور الاقتصاد الفلسطيني والمعابر، ويبدو أن العدو طبّق المثل القائل بأن "القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود" ولقد جاء اليوم الأسود بالنسبة إلى إسرائيل بأن فازت حماس في انتخابات تشريعية فوزاً كاسحاً على شريكة إسرائيل في المفاوضات حركة فتح. وبدأت إسرائيل الاستفادة من القرش الأبيض وهو المعابر والاتفاقيات الاقتصادية، وأحكمت الحصار على غزة والضفة الغربية كي تسقط حكومة حماس المشكّلة على أساس نتائج الانتخابات، بينما مارس الشريك الآخر مهمة أخرى لا تقل قذارة وهي القلاقل الداخلية من اغتيالات وإضرابات وعصيان مدني. هذه الممارسات أدت إلى قيام حماس بالحسم العسكري والقضاء على الانقلاب الذي كان يخطط له ضدها في مهده، وهربت قيادات السلطة والأجهزة الأمنية وتفككت بنية الخمسة البلدي في غزة، وانتقلت إلى الضفة الغربية عبر تشكيل حكومة سلام فياض بدون أسس قانونية وشرعية.
فُكَّ الحصار عن الضفة الغربية بينما شُـدِّد على قطاع غزة بكل قوة وشمل جميع مناحي الحياة حتى وصلت الأموات، فلم يعد يجد الأموات الأكفان ولا القبور المبنية من الباطون حيث أصبح الاسمنت مادة مفقودة في قطاع غزة، ولم يعد أمر الحصار بيد إسرائيل وحدها بل يشاركها أطراف فلسطينية وعربية.
الحصار الهدف المرصود له في العلن والسر هو إسقاط حكم حماس في غزة وعودة سلطة محمود عباس لتطبيق ما يتفق عليه في جولات المفاوضات السرية والعلنية بين فريق عباس وإسرائيل، وتأنيب الشعب الفلسطيني على حكومة إسماعيل هنية وعلى المقاومة، ولهذا لا يُعتبر هذا الحصار الأول في تاريخ قطاع غزة على الرغم أنه الأشد والأطول والأخطر، فقد تعرض قطاع غزة قبل هذا إلى فترات متقطعة من إغلاق المعابر عند وقوع أي عملية للمقاومة الفلسطينية، وهذا يُدلّل على أن موضوع الحصار والمعابر تستغله إسرائيل ضد المقاومة.
كسر الحدود وانفراج أزمة الحصار
في أواخر شهر يناير من عام 2008 قررت إسرائيل منع تزويد قطاع غزة بالكهرباء والوقود وسبّب هذا مشكلة إنسانية خطيرة جداً في قطاع غزة المحاصر سببت هبة شعبية في العالمين العربي والإسلامي تضامناً مع غزة، وأصبحت الأمور في القطاع على حافة الانفجار. وفعلاً حدث الانفجار ولكن باتجاه الأخوة والأشقاء وذوي القربى، فاقتحمت حدود سايكس بيكو وبطريقة سلمية وحضارية وقد رحب رئيس مصر حسني مبارك بهذا ولم يستنكره، وقال بأنه لن يسمح بتجويع قطاع غزة ودعا وفدي حماس وفتح إلى الحوار في القاهرة. ولكن في اليوم التالي كانت هناك إجراءات مخالفة لهذا التصريح وبدأت حملة إعلامية ضد الشعب الفلسطيني من الصحف المصرية الحكومية وضد حماس وضد فتح الحدود.
الشعب الفلسطيني تنفس الصعداء بعد هدم الجدار نوعاً ما، وتزوّد المواطنين ببعض السلع المفقودة وبالوقود ولو بطريقة غير رسمية، والحكومة الفلسطينية في غزة وعدت بأن الأمور لن تعود إلى ما قبل هدم الجدار، وأن اتفاقية المعبر الذي وقّعها محمد دحلان لن تكون هي المرجعية لمعبر رفح.
الحكومة المصرية وعدت بأنها ستعمل كل مجهودها لفتح معبر رفح وتخفيف الحصار عن غزة، وبدأت بإعادة إغلاق الحدود بالتوازي بالحوار مع حماس وسلطة محمود عباس لفتح المعبر، وأغلقت الحدود تماماً واتضح بعد ذلك بأن هناك المئات من المعتقلين الفلسطينيين وخصوصاً من أبناء حماس في السجون المصرية وأن هناك المئات من المصريين لا زالوا عالقين في قطاع غزة.
في الحوارات التي كانت تتم بين حماس ومصر بخصوص فتح معبر رفح قدّمت حماس تنازلات كبيرة في سبيل فتح المعبر باستثناء تحكّم إسرائيل بالمعبر، ولكن كان الجانب المصري يناور بهذه اللقاءات لاتخاذ إجراءات أشد قسوة كي لا تقتحم الحدود مرة أخرى، ولم يستجيب للوعود التي وعد بها وفد حماس في أول لقاء من خلال تشكيل لجان لإخراج المرضى وأصحاب الإقامات وتزويد قطاع غزة بالمواد الأساسية. وبكل صعوبة وبعد مراوغات أُطلِق سراح المعتقلين من سجون أمن الدولة بعد تعذيبهم وإهانتهم ومحاولة سحب اعترافات خطيرة منهم.
وعاد الحصار بقوة
رغم أن اقتحم الجياع أبناء القطاع الحدود المصرية، ودمروا الحدود، واندفعوا نحو رفح المصرية والعريش لشراء احتياجاتهم الغذائية والطبية، وكان حدثاً إنسانياً هزّ العالم بأسره، وتوقّع الكثيرون أن تكون السلطات المصرية قد استوعبت الدرس جيداً، ولكنها يبدو لم تستوعب الدرس فشدّدت من حصارها على غزة ومنعت حتى الوفود العربية والأوروبية المتضامنة مع غزة من الوصول إلى معبر رفح ومنعت وصول المعونات الإغاثية، وكانت تحوّل بعضها إلى معبر كرم أبو سالم المُسيطَر عليه من قبل العدو الصهيوني. وأصبح التعامل مع حماس وحكومتها من منظور أمني، وأصبحت اللقاءات تُعقد في العريش ومعبر رفح وبمسئولين من الأمن المصري، بينما كانت اللقاءات تعقد مع فتح وغيرها من التنظيمات الفلسطينية الصغيرة من وزارة الخارجية المصرية في القاهرة. ووصل الأمر بالقاهرة إلى معاملة جرحى المحرقة الصهيونية بمنظور أمني ومنعت وجود مرافقين مع الجرحى رغم أن الجانب الصهيوني يسمح بمرافقة المريض لشخص واحد من أقربائه، ووضعتهم في مستشفيات العريش المتواضعة من الناحية الطبية قبل أن تتدخل أطراف ذات شأن وتنقلهم إلى القاهرة وإلى تركيا.
الموقف المصري أصبح موقفه واضح بعد عملية اقتحام الحدود ولم يعد أن يتكهن أيّ محلل ومراقب بالموقف المصري من حصار غزة ومن حماس، وأصبح أقرب إلى الموقف المشارك من المتواطئ مثله مثل فريق رام الله والذي كان له دور كبير في تغيير الموقف المصري.
الانفجار، متى وأين؟؟
قطاع غزة لن ينفجر داخلياً، فأمة مسلمة وقيادة مجاهدة تلتف حول راية التوحيد لن تقوم بالإقبال على "الانتحار الذاتي"، بل تختار طريقها وفق تصويب رصاص مجاهديها حيث الأعداء والفساد، ولن يتحقق حلم من وضع أسس هذا الحصار الظالم، وكالعادة سيكون الانفجار "رأسياً" حيث السبب وحيث الصاعق، ولن يكون أفقياً حيث المقاومة والمجاهدين درع الشعب وحماته.
ومن هنا، فإن القانون الطبيعي الذي ساهم في تحديد الفعل وردّات الفعل يفعل فعله فيما يعانيه قطاع غزة من تفاعلات جانبية تحيط به بحيث يخالها المراقب الحاقد بحلقة من حلقات "زُحل" تخنق القطاع وتتبع له !! وهي في الحقيقة غريبة طارئة تلُف الحقيقة بغشاوة التضليل والخداع.
رد الفعل الطبيعي على مجمل تلك التراكمات التي أتت بها أوسلو وأخواتها سوف تتوجه إلى العدو وهؤلاء القابعون في المقاطعة السوداء برام الله حلفاء العدو ومفاوضيه بالتنسيق الأمني، وأيضاً ضد أعوانهم من أنظمة عربية خائرة ومتواطئة بل مشاركة في عمليات التفجير عبر الخنق والحصار.
والشعب الفلسطيني ومقاومته وهي الورقة الرابحة في يده والتي لم تستخدم بعد بقوة في هذه المعركة يعرف أين يكون رد الفعل الطبيعي ومتى سيكون، وهو قريب جداً حيث لم تعد الأمور تُطاق، ولن يكون هذا الانفجار لمدة زمنية معينة تهدأ الأمور بعد أي مبادرة ستصدر لتهدئة الأمور وخصوصاً بأن هذا الانفجار سيصاحبه انفجارات أخرى في المنطقة والتي تغلي كالبركان لن يسلم منها أحد في المنطقة، ووقتها لن تجدي نفعاً تحصينات الحدود بالخرسانة المسلحة، و لن يسمع أحد للأقلام المسمومة الحاقدة.
وإن قُـتلت غزة في هذا الانفجار فإنها ستُـقتل وهي واقفة كالأشجار، ولكنها بالتأكيد لن تقتل وحيدة بل سيُـقتل معها الكثيرون ممن يشارك في خنقها، ولن يتحقق حلم محمود عباس ومن يقف خلفه بالعودة إلى غزة.
"وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"