الانقسامات ستنتج دويلتين فلسطينيتين
يخيم شبح توجيه ضربة حاسمة لكل المحاولات الرامية لاستعادة الوحدة على خلفية تهديد "حماس" بأنها لن تعترف بشرعية الرئيس أبو مازن بعد التاسع من كانون الثانى القادم، لأن مدته الدستورية وفقا للقانون الأساسي، وهى 4 سنوات، تكون قد انقضت، ولا يمكن تمديدها بدون انتخابات رئاسية وتوافق وطني...
وإذا تجاوزت "حماس"، وتجاوزنا جدلا، عدم نص القانون الأساسى على كيفية ملء منصب الرئيس إذا انتهت المدة الرئاسية بدون انتخاب رئيس جديد، فإنها ستواجه واقع أن أحمد بحر سيكون رئيسا لمدة ستين يوما، لن يكون قادرا فيها على تنظيم انتخابات رئاسية لنفس الأسباب التى تمنع إجراءها الآن، فى الظروف القائمة والانقسام الذى يدمر الفلسطينيين سياسيا وجغرافيا.
وهذا يعنى أن أحمد بحر، سيفقد الشرعية بعد ستين يوما، وتصبح السلطة أمام رئيسين واحد فى رام الله "لا شرعي" والآخر فى غزة "لا شرعي" مما يساهم بتدمير الشرعية القائمة بدون بناء شرعية جديدة. هذا طبعا، إذا لم تذهب "حماس" أو "فتح" إلى الدعوة لإجراء انتخابات منفصلة فى غزة والضفة، بحيث يتعمق الانقسام الى غير رجعة أفقيا وعموديا، وبحيث يشمل كافة مجالات الحياة إضافة الى المجال السياسي.
ويمكن أن تذهب "حماس" للإعلان عن قطاع غزة دولة فلسطينية، بوصفها أرضا محررة، التعامل معها يجب أن يكون مختلفا عن التعامل مع الضفة المحتلة، رغم أن قطاع غزة فى الواقع وبحكم القانون الدولى لا يزال أرضا محتلة، وجزءا من الأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967، فوفقا للقانون الدولى تبقى المنطقة المحتلة محتلة إذا مارست دولة الاحتلال، أى شكل من أشكال التأثير فيها وعليها. وإسرائيل، بوصفها الدولة المحتلة، لا تزال تمارس كل أنواع التأثير على قطاع غزة من خلال الحصار وإغلاق الحدود والمعابر، والاقتحامات والاعتداءات العسكرية المختلفة.
وتبقى نقطة أخيرة، هى أن التسلح بالقانون من قبل الفريقين لا يعدو أن يكون محاولة للدفاع عن موقف مسبق. فالمسألة سياسية أولا وأخيرا والقانون رغم أهميته الفائقة ليس سيد الموقف هنا، ولم يعد محترما ولا مطبقا لدى كافة الأطراف.
فـ"حماس" لم توافق يوما على القانون الأساسى ولا عملت على تطبيقه، والدليل على ذلك أنها لم تقبل المرسوم الرئاسى بإقالة حكومة الوحدة الوطنية رغم أن إقالة الحكومة من ضمن صلاحيات الرئيس وفقا للقانون الأساسي. و"فتح" والرئيس تجاوزوا القانون عندما شكلوا حكومة لتسيير الأعمال بدون حصولها على الثقة من المجلس التشريعي، وبحيث طال عمرها أكثر من 14 شهرا حتى الآن.
وهنا الشيء بالشيء يذكر، عندما انتخب الرئيس أبو مازن بتاريخ 9/1/2005 كان القانون الأساسى السارى المفعول حينذاك ينص على أن مدة الرئاسة تنتهى مع نهاية المرحلة الانتقالية، وقد تم تعديل القانون فى أواخر عام 2005 لتنص إحدى مواده على أن مدة الرئاسة 4 سنوات فقط...
كان على من ينادى بالتمديد للرئيس الآن أن يجرى التعديل على القانون الأساسى ليتناسب مع قانون الانتخابات المعدل. أما إقرار قانون انتخابات يتعارض فى إحدى مواده مع مواد القانون الأساسى فهذا لا يجوز قانونا، فالقانون هو الأعلى.
وللمساعدة فى التوصل الى وفاق وطنى حول هذه المسألة وغيرها، يجب أن يكف جميع الأطراف عن التهديد بإصدار المراسيم بتمديد فترة الرئيس، أو بسحب الشرعية عن الرئيس، فالقضية فى خطر، والمشروع الوطنى يضيع، والإنسان الفلسطينى تتضاعف معاناته جراء الانهماك فى صراع على القيادة، وعلى السلطة. فهل نتعظ قبل فوات الأوان؟
لتتكثف الجهود لإنجاح الحوار، وإذا لم تنجح حتى التاسع من كانون الثانى القادم، لنتفق على الاحتكام للشعب عبر انتخابات تشريعية ورئاسية، وللمجلس الوطني، فى كافة المناطق والتجمعات التى يمكن إجراء الانتخابات فيها، مع الاتفاق على توفير كل الضمانات لكى تكون انتخابات حرة ونزيهة، يتعهد الجميع أن يحترم نتائجها. إن الانتخابات وحدها لا تحل المشكلة، ويجب أن يسبقها اتفاق على المرجعية والاستراتيجية والتعددية وعلى قواعد اللعبة، ولكن إذا تعذر الاتفاق، تكون الانتخابات أهون الشرور!! أليس كذلك؟.
alarabonline.org
|