الثنائية الفكرية والاتجاه المناقض
د. تيسير الناشف
       وبالنظر إلى خطأ ثنائية التفكير وإلى خطأ الإطلاق الفكري وإلى نسبية الصفات والعلاقات فمن السليم أن يتجنب المرء ما أمكنه استعمال عبارات الفكر الثنائي في الحالات التي تستوجب عدم استعمالها، من قبيل كلمة "إلا" و "سوى". على سبيل المثال، "لا ينهض بهذا الشعب إلا رجل" و"لا يوجد على وجه المعمورة سوى الرذيلة".
        ومن نفس المنطلق من السليم استعمال العبارات التي لا تشجع على الثنائية الفكرية والتي تشجع على الانفتاح الفكري والنسبية الفكرية والتعددية الفكرية. ومن هذه العبارات عبارات من قبيل "من هذه العوامل عوامل ..." و"قد لا أجانب الحقيقة إن قلت ...".
       ومن الدلائل على شيوع الثنائية الفكرية وانعدام النسبية الفكرية الأخذ ببعض النظريات الكلية أو الشاملة. النظرية أداة للتفسير وتفسير بعض النظريات سليم، والبعض الآخر غير سليم. وبعض النظريات الكلية أو الشاملة تنتحل لنفسها صفة شمول التفسير التي قد لا تتصف بها. 
       هذه الصياغات الفكرية الثنائية في مجالات اجتماعية كثيرة أدت وما تزال تؤدي إلى تحجيم الفكر لدى مختلف شعوب العالم. 
       ولن تنعم الشعوب بالحصول على وسائل الدفاع عن نفسها إلا بالتخلص من الثنائية الفكرية. وإحدى الوسائل الهامة التي من شأنها أن تضعف النزوع إلى الثنائية الفكرية هي توفير عوامل متزامنة وهي مكافحة الأمية ورفع المستوى الثقافي وإشاعة قدر أكبر من الديمقراطية – والديمقراطية التامة مستحيلة – ورفع مستوى المعيشة واعتماد مفهوم المواطنة وتحقيق الأمن للمواطنين. وإحدى هذه الوسائل أيضا الأخذ بمفهوم نشاط (دينامية) المفاهيم الاجتماعية والطبيعية. وبالنظر إلى اصطباغ النشاط بهذه المفاهيم فهي مفاهيم نسبية، أي مفاهيم ذات نسبة إلى قوة حضور شتى المكونات المتشابكة المتفاعلة لظاهرة من الظواهر وقوة حضور مختلف الظواهر المتفاعلة.