ولولـة في أرض الكنانة !!
( ثـم ختم حديثه بأن بشّـر الحاضرين ، وطلب إليهم نقل هذه البشرى لشعب الكنيسة ، بأنَّ أملهم الأكبـر في عودة البلاد ، والأراضي إلى أصحابها من " الغزاة المسلمين " _ !! _ قـد بات وشيكاً ، وليس فـي ذلك أدنـى غرابـة _ فـي زعمه _ وضرب لهم مثلاً بأسبانيا النصرانية التي ظلت بأيدي " المستعمرين المسلمين " قرابة ثمانية قرون (800 سنة ) ، ثم استردها أصحابهـا النصارى ، ثم قال : وفي التاريخ المعاصر عادت أكثر من بلد إلى أهلها بعد أنْ طُردوا منها منذ قرون طويلة جداً _ واضح أنَّ شنودة يقصد الكيان الصهيوني _ وفي ختام الاجتماع أنهى حديثه ببعض الأدعية الدينية للمسيح الربّ الذي يحميهم و يبارك خطواتهـم )
( والتخطيط العام الذي تم الاتفاق عليه بالإجماع ، والتي صدرت بشأنه التعليمات الخاصّـة لتنفيـذه ، وضع على أساس بلوغ شعب الكنيسة إلى نصف الشعب المصري ، بحيث يتساوى عدد شعب الكنيسة مع عدد المسلمين لأول مرة منذ 13 قرنا _ أي منذ " الاستعمار العربي والغزو الإسلامي لبلادنا " على حد قوله _ والمدة المحددة وفقاً للتخطيط الموضوع للوصول إلى هذه النتيجة المطلوبة تتراوح بين 12 ـ 15 سنة من الآن )
كان هذا بعـض ما نقله الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في كتابه المهم ( قذائف الحق ) ، عن تقريـر سـرّي يصف لقاء شنودة مع رجال دين وأثريـاء من الأقبـاط ، في أوائل السبعينات في اجتماع خاص على مستوى عال !
ليس في بلاد الإسلام نهضة إلاّ وفي عنقها منـّة لمصـر ، وما من شعلة مجـد توقـد في الأمـّة إلاّ ولمصـر يـدٌ عليها .
وقد كفانا علماؤها ، ودعاتها ، وضع ما جرى في الإسكندرية قبل أيام في محلِّه من الإعراب ، فلنـدع التحليـل الذي يتناول الحادثة بعينـها ، لأبنـاء النيـل ، فهم أدرى بمجاريـه ،
فالأهـم اليوم هو ما كشـفه الحدث من حقيقة المؤامرة القبطيّة على مصر ، وعلاقة تلك المؤامرة بسعيهم الحثيث للتدخـل الخــارجـي والغربي تحديـداً في أرض الكنانـة !!
ومن الواضح أنّ ما خطَّط لـه شنودة في ذلك اللقاء الذي ذكر مضامينه الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ، لم يبلغ به ما تمنـّاه ، ( إن في صدورهم إلاّ كبـرٌ ما هم ببالغيه ) ، فأصيب ومن معه بإحباط تسلسل عبر ثلاثـة عقود ، حتى إذا أجمع المكـر الصهيوصليبي الغربي أن يُسرّع خطط شنّ الغـارة على العالم الإسلامي بعد الحادي عشر من أيلول ، هيـَّج الأقليـّات _ كالشيعة في العراق والخليج ، والأقباط في مصر _ فأخذ أقباط مصـر يولولون علينا ولولة المجانين صرعتها الشياطين !
لا سيما وهم يرون انتشار الإسلام ، كالغيث استدبرته الريح ، أو كالنار في الهشيـم ، وأين ؟! فـي مصر التي هي مركز الثقل الإسلامي ، ومصدر التأثير الأقوى في محيطهـا .
و لا ريب من يتابع المؤامرات على مصر ليدهش من صمودها حتى الآن ، ففضلا عما تقترفه مافيا التحالف بين ( ذوي السلطة ، ورجال الأعمـال ، والعسكر ) من جرائم في حـقِّ الشعب المصـري ،
فالصهاينة لم يقابلوا الهبات الجليلة التي منحها النظام المصري لهم ، إلاّ بمزيد من التجسُّس ، والتخريب الداخلي ، والعبث بكلّ ما تفتخـر به مصـر ، حتى وصلوا إلى منابع النيـل نفسها ، ليقيموا لهم دولة في جنوب السودان ، وليتحالفوا مع محيط هذه الدولة الصهيونية الجديدة الوليـدة - من دول فقد النظام المصري قدرته على التأثير فيها بعدما أنشغل بمفاسده الداخلية - يتحالفـوا معـها لتدميـر الأمـن المائي المصـري !!
وأمـَّا الغربيون عامـَّة ، والأمريكيون خاصة ، فلم يألوا جهـدا في إضعاف مصر ، وتحجيمها ، وتحريض الأقبـاط ضـد أمنـها الداخلـي ، حيث تنتشر في الغـرب سبع منظمـات قبطية كبيـرة _ فضلا عن تلك الصغرى _ تتلقى دعمـا هائـلا ، ولا تتوقـف ساعة واحـدة عن إثارة الفتنة الداخلية في مصـر ،
ولم يـزل التحريض الغربي للأقـباط في مصر يتزايـد ، ومعه الدعـم (الملياري) ، حتى بلغ بالأقلية القبطية _ غرورا _ أن رأوْا أنفسهم دولة قائمة بذاتها داخل الدولة المصرية ، رأسها هو شنودة ، وتحته مجموعة من الأساقفة ، كهيئة الوزراء ، تحت كلّ واحـد منهم مأمـورون لايعصـون آمرهـم !
وقـد توزَّعوا بينهم إدارة شؤون البلاد !! فأسقف للاتصالات ، وأسقـف للدراسات ، وأسقف للشباب ، وأسقـف التعليم ، وأسقف الإعلام ، وهكـذا حتى أدق تفاصيل الحيـاة ،
وكـلُّ مـن هؤلاء ( الأساقفة الوزراء ) تحته مكاتـب تنفيذيـة يديرها ، وميزانيـة ككنز قارون ينفق منها بغيـر حسـاب !!
وكلُّها تعمل كأنهَّـا دولة بكامـل مؤسساتها ، وتحت تصرفها من أموال الدعم الغربي عامة ، والأمريكي خاصة ، ما لايوصـف قدرُه ،
وهـي تُدار باسم الدين ، وبصفة أصولية دينية ، وتُدرَّس فيها المواد الدينية ، والمناهـج النصرانيـّة المتمسّكـة حرفيّـاً بدينهـم ، لايغيـَّر منها شيء ، مصـونةً لا تمـسّ ، ولا يطالـِبُ أحـدٌ بتنقيح المناهج الدينية في الكنيسة ، كما يُطالَب بتنقيح مناهج التربية الإسلامية !
ثـم إنَّ هذه المدارس ، والمعاهد الدينية التي يديرها أسقف الأديرة ، أو أسقف الرهبان ، أو أسقف التعليم _ على سبيل المثال فلا أدري على وجه التفصيـل _ يُدرَّس فيها كلَّ شيء من التمارين الرياضية ، إلى التدريب على السـلاح ، مروراً بالتعلـيم الديني ، وتاريخ الحروب الصليبية !!
وكـلُّ هذا التعليم الديني المتعصّب ، والتدريب على ( الإرهاب ) الديني الذي يجري ضمن فكر ( أصولي ) متشـدِّد _ يخرج متدرِّبوه في مظاهرات ترشق رجال الأمن حتى تدميهـم ! _ لايجرؤ أحـدٌ أن يطلق عليه ( إرهابا ) ولا على منظماته ( أنها منظمات إرهابية ) ، ولا على المال الذي يجلب إليه من أمريكا والغرب ، ( دعم للإرهاب ) !!