أول هدف سجلته في حياتي !
لم تُتح لي فرصة اللعب حتى أنهيت دراستي الجامعية إذ كنت في الخامسة والعشرين من العمر..
كانت المباراة في الخارج ..
استضافتني مدينة جميلة..
أخذتني بالأحضان وأنا الشاب الفتي الباحث عن الجديد واللذيذ والمجهول..
لهذا فجرت كل طاقتي في أول تجربة أخوضها في حياتي..
عقدت النية على أن أسجل هدفا جميلا..لعل الذكرى تخلدني ..
ولأشعر أنني قمت بفتح عظيم..
بدأت عيناي تحدقان بلهفة إلى الشبكة البيضاء ..
بل رحت أتأمل فتحاتها..
إنها كثيرة..مالي ولماضي الشبكة؟!
المهم أن أخترقها كوني رأس حربة قادم بكل قوة..
الغريب أن المباراة كانت منتصف الليل ..
والأغرب أن شبكات كثيرة بدأت تتماوج أمامي ..
لكن نظري استلطف الشبكة الصغيرة ..أو هكذا بدت لي ..
لهذا توقعت أنني لن أتمكن من اختراقها..
كان معي أكثر من لاعب ينافسني على تدخيل الكرة في الشبكة ..
عرفت أن في الأمر نوع من التحدي ..
قررت أن أتعامل "بحرفنة" مع أول كرة أستلمها لأدخلها بطريقتي الخاصة..
حاولت أن أستحضر كل تجاربي السابقة ..
وجدتها غير مكتملة..
بل هي أشبه بمشاهدات لاعب احتياطي لن تسنح له الفرصة ليخوض التجربة واقعا..
ماإن خلا لي الجو حتى انفرجت أمامي الشبكة وبدت أوسع مما كنت أتصور..
عندها تشجعت قليلا ..
وإن كان هناك توتر وخوف سيطرا على نفسي..
راجت نبضات قلبي تتسارع ..
أحسست بالدوار ..
بدأ العرق يتسلل تحت ملابسي الرياضية..
نزعت ملابسي لأتخفف من الحر ..
مشت الشبكة البضاء باتجاهي ..عندها قذفت بالكرة داخل المرمى..
لم أصدق ماأرى!
معقول؟!
بعد حرمان طويل ..أسجل هدفا تاريخيا ؟!
خرجت من الملعب بعد ساعات من محاولات أخرى لم يكتب لها النجاح..
كان الصبح قد أسفر..الصحب نائمون إلا أنا والشبكة البيضاء..التي أخذت تلملم نفسها باحثة عن لاعب "حريف" آخر..
راحت الشبكة ..اختفت..
أما أنا فانتابتني نوبة بكاء مرير..
لا أدري : هل بكائي لفراق الشبكة التي علمتني الإدمان على اختراق كل شبكة أراها أمامي مهما يكن وضعها؟
أم بكائي على نفسي التي لن تدوم نشوتها في الملاعب إلا بضع سنوات ثم تعتزل مبكرا لتعود وحيدة إلا من ذكرى الهدف الأول الأسطوري؟!
__________________
بدر عمر المطيري (فتى الغواني)
|