ضوء على تاريخية مسألة الصحراء الغربية
ضوء على تاريخية مسألة الصحراء الغربية
رغم تركيز الاهتمام على قضية الصحراء الغربية في بعض الدول العربية المحيطة بالمغرب والمتأثرة بتداعيات قضية الصحراء الغربية، فإن المعرفة الدقيقة أو القريبة من الدقة لدى أبناء الأمة العربية تكاد تكون مشوشة أو متأثرة بما يقوله آخر قائل في نشرات الأخبار. وقد يكون عدم اهتمام العرب بمثل تلك القضايا منبعه هو عدم رغبة العرب بمزيد من التشظية والتفتيت للأقطار العربية، من ناحية، ومن ناحية أخرى هو عدم وجود آليات تجعل من ذلك الاهتمام يتحول لعامل يساعد على حل وتجاوز مثل تلك القضايا.
عودة لبداية القرن العشرين:
كانت حصة أسبانيا التي خصصت لها في اتفاقيات عام 1904 منطقة الريف في شمال المغرب، مع احتفاظها بمدينتي سبتة ومليلة ومنطقة (سيدي إفني) في الجنوب الغربي على المحيط الأطلسي، و(طوفاية) و (الساقية الحمراء) و (وادي الذهب Rio de Ono) واستمر استعمار اسبانيا لتلك المناطق حتى استقلال المغرب عام 1956.
في هذه الأثناء، رضخت أسبانيا وأعادت منطقة الريف، في 7/4/1956. وفي عام 1969 أرجعت منطقة (سيدي إفني). أما الصحراء المغربية فقد تعهدت بإرجاعها على ثلاث مراحل، من عام 1958 الى عام 1979، فأعادت (طرفاية) في نيسان/أبريل عام 1958، وأخذت تتلكأ في تعهداتها الأخرى، خصوصا عندما اكتشفت الفوسفات في الصحراء الغربية وأخذت تستثمرها عام 1963 ضاربة عرض الحائط كل النداءات الدولية.
الجزائر وموريتانيا تدخلان على الخط
في عام 1966، أعلن وزير خارجية الجزائر عبد العزيز بو تفليقة (الرئيس الحالي) أن بلاده طرف في موضوع الصحراء الغربية. كما أن موريتانيا وعلى لسان مندوبها الدائم في الأمم المتحدة (أحمد بابا ميكي) أعلنت أن الصحراء الغربية جزء من ترابها الوطني، وأن سكانها جزء من شعب موريتانيا. وهكذا تعقدت المشكلة التي كانت تبدو بسيطة في بداية الأمر.
حاول الملك حسن الثاني إسكات موريتانيا بأن اعترف بها كدولة مستقلة بعد أن كان يعتبرها جزءا من المغرب. إلا أن الرئيس الموريتاني (مختار ولد داده) لم يتخل عن مطالباته بالصحراء.
اقترحت أسبانيا إجراء استفتاء لشعب الصحراء، وكانت نيتها من ذلك خلق نواة لدولة جديدة، رفض المغرب الاقتراح، في حين قبلت به كل من موريتانيا والجزائر. وقد طالب المغرب بعرض تلك القضية على محكمة العدل الدولية.
في عام 1974 تأسست جبهة تحرير الصحراء ووادي الذهب (Polisario) بتشجيع من الجزائر التي أرجع البعض اهتمامها لإيجاد منفذ بحري على المحيط الأطلسي، وأخذت تقوم بعمليات عسكرية في الصحراء الغربية.
ومن ناحية أخرى تأسست في 21/3/1975 جبهة تحرير الصحراء ووحدة المغرب بدعم واضح من الدولة المغربية، وبدأت تقوم بهجمات ضد القوات الأسبانية.
المسيرة المغربية الخضراء
استغل المغرب حالة الترهل والتحول في أسبانيا إثر وجود الجنرال (فرانكو) على فراش الموت، وتيقن المغرب من أن أسبانيا لن تقوم بالاعتداء على من يشتركون بالمسيرة، وأعد مسيرة سلمية من 350 ألف مواطن أعزل يحملون المصاحف الشريفة فقط، وكانت مغامرة مدروسة بعناية من المغاربة. وكان ذلك في 21/10/1975.
قبلت أسبانيا بإرجاع الصحراء الغربية الى المغرب وموريتانيا بحضور الأطراف الثلاثة وتوقيعهم الاتفاقية في 14/11/1975.
إعلان جمهورية الصحراء
ساءت العلاقات بين المغرب والجزائر بشكل ملحوظ، وفي 27/1/1976 أعلن عن ميلاد (الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية R.A.S.D). وقد زاد استياء الجزائريين عندما تدخل الطيران الفرنسي في ضرب المقاتلين الصحراويين الذين كانوا يهاجمون القوات المغربية حتى داخل الأراضي المغربية.
في 10/7/1978 وقع انقلاب في موريتانيا أطاح بالمختار ولد داده، وأعلن الانقلابيون رغبتهم في الخروج من ذلك الصراع، فتوقفت هجمات البوليساريو ضدهم وبقيت ضد المغاربة.
نشاط دبلوماسي جزائري يطور الصراع
في 28/2/1982 وأثناء انعقاد الدورة 38 لمجلس وزراء منظمة الوحدة الإفريقية استطاعت الجزائر فيه أن تنتزع اعتراف أغلبية الدول الحاضرة بدولة البوليساريو لتصبح الدولة (51) في منظمة الدول الإفريقية. فانقسمت الدول الإفريقية في موقفها وتم اتهام الرئيس الكيني (أراب موي) الذي كان رئيسا للدورة بالتلاعب في القرار.
هذا ولا تزال القضية تثار بين يوم ويوم.. آملين انتهاءها دون المزيد من تفتيت الكيانات العربية وشرذمتها فوق ما هي عليه من شرذمة.
__________________
ابن حوران
|